برامج دون المستوى؛ منشطين مراهقين؛ ضحك على المستمعين؛ استغلال لمآسي الناس لرفع نسبة الاستماع؛ تحويل "عشابة" الى أطباء؛...الخ. هذا هو مشهد من بين المشاهد التي تعيشها بعض الإذاعات الخاصة بالمغرب، إن لم نقول معظمها، التي أضحت تساهم في نشر الترهات، من خلال برامجها التي تذاع في أوقات الذروة، برامج قاسمها المشترك هو جلب اكبر عدد من المستمعين، بغض النظر عن طبيعة الوسيلة، لأن نسبة مشاهدة عالية تعني بكل بساطة، مال أكبر، وهي بذلك عوض أن تخاطب العقول من خلال البرامج الثقافية و الفكرية والسياسية... التي تساهم في تنمية الفرد، وبالتالي تنمية المجتمع، نجدها تخاطب العواطف والغرائز، وهي مستعدة لجلب "عشاب " قادر على اعطاء وصفات طبية على الأثير مباشرة، لجميع الأمراض دون معاينة المريض، وتجعل منه دكتورا على الرغم من أنه لم يكمل تعليمه الابتدائي. اضافة الى ذللك نجد من تخصص في تفسير الأحلام، فكل حلم له تفسير الذي يجعل السائل يعيش في حلم حقيقي بعيدا كل البعد عن الواقع، ينتظر بذلك تحقيق ما بشره به مفسر الأوهام، عفوا مفسر الأحلام. وهو الحلم الذي يباع ب 6 دراهم للدقيقة الواحدة دون احتساب الرسوم، ولكم أن تتصوروا نسبة الأرباح التي تجنيها هاته الاذاعات بشراكة مع شركة الاتصالات.اضافة الى هذا وذاك، نجد بعض الاذاعات وصل بها الأمر إلى حد الاستعانة بمنشطين من دولة مصر يتحدثون باللهجة المصرية ليس مع المصرين ولكن مع المغاربة طبعا، كما لو أنه ليس هناك شباب مغربي مبدع، قادر على العطاء يحتاج فقط إلى من يمنحه فرصة ويمد له يد المساعدة لإثبات ذاته. إضافة الى ما سبق ذكره نجد بعض الإذاعات قد اختصت في المتاجرة بمآسي الناس، من خلال برامج للبوح لا تبتعد عن العلاقات الجنسية غير الشرعية، والاغتصاب، .... وما يشكل هذا الأمر من خطورة على المستمعين، خصوصا القاصرين منهم، لأن الكلمة تمارس تأثيرها على المتلقي/ المستمع، خصوصا إذا كانت تمتح من قاموس الجنس واللذة، وبالتالي المساهمة في التطبيع مع هاته السلوكات عن وعي أو عن غير وعي. إننا اليوم في حاجة ماسة الى إذاعات خاصة، تساهم في توعية المواطنين بحقوقهم كما واجباتهم، من خلال نشر برامج الواقع تعود بالفضل على سلوك الفرد داخل مجتمعه، وليس بنشر الجهل، والانخراط في مسلسل التجهيل. إنها مطالبة اليوم، خصوصا مع الجهوية الموسعة التي يطمح إليها المغرب بلعب أدوار ريادية تواكب متطلبات المرحلة التي يعرفها المجتمع المغربي.