عقدت بعد ظهر اليوم في المقر الدائم للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة –إيسيسكو-، ندوة حول موضوع (أي نظام تربوي وتعليمي في مواجهة الألفية الثالثة؟)، بالتعاون بين الإيسيسكو، وجمعية فاس سايس، ومؤسسة عبد الهادي بوطالب، وذلك بمناسبة صدور كتاب (تأملات في فكر عبد الهادي بوطالب في الذكرى الرابعة لرحيله) ضمن منشورات الإيسيسكو. ووجهت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة كلمة إلى الندوة قرأتها الدكتورة أمينة الحجري، المديرة العامة المساعدة، جاء فيها أن اختيار هذا الموضوع المهمّ لهذه الندوة العلمية، هو اختيارٌ وجيهٌ ومناسبٌ من النواحي كافة، يعبر عن الانشغال بقضية بالغة الأهمية هي الأساس للعملية التربوية في مستوياتها المختلفة في بلدان العالم الإسلامي، وهي القاعدة الصلبة للتنمية الشاملة المستدامة في جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية والتقانية والثقافية. وذكرت الإيسيسكو أن من الأهداف التي وضعتها القمة العالمية التي عقدت في مقر الأممالمتحدة في نيويورك عام 2000، تحقيقَ التعليم الابتدائي الشامل، وضمانَ الجودة في العملية التعليمية بصورة عامة. موضحة أن تحقيق التعليم الابتدائي الشامل، يُراد به المنظومة التعليمية بكاملها، على نحو شامل لتحقيق وظائف التعليم جميعًا، من التخطيط والإدارة والموازنة، إلى المناهج والبرامج والنظم، إلى الأهداف القريبة والبعيدة، وإلى مخرجات التعليم وآفاقه. وقالت الإيسيسكو إن هذا المفهوم ينصرف إلى التغيير المتكامل المتوازن القائم على أسس راسخة، والمنطلق من رؤية شمولية إلى الاستجابة لضرورات الحاضر وإلى الوفاء بمتطلبات المستقبل. وأبرزت الإيسيسكو اهتمامها بهذا الموضوع وما توليه له من عناية مركزة من جوانبه المختلفة، مشيرة إلى أنها تنطلق من فلسفة عملية وتصدر عن رؤية استراتيجية، تجمعان بين الأصالة ذات الثوابت والخصوصيات الروحية والثقافية والحضارية، وبين المعاصرة المنفتحة على الواقع، المتفاعلة مع متغيرات العصر، والمندمجة في صلب حركة التغيير نحو الأفضل والأحسن التي يشهدها العالم. وأوضحت أن هذا المفهوم العلمي لتطوير منظومة التربية والتعليم، هو الأساس الذي قامت عليه (استراتيجية تطوير التربية في العالم الإسلامي) التي اعتمدها المؤتمر العام الثالث للإيسيسكو المنعقد في عَمان في عام 1988، والتي ستكون موضوعَ تحيين في المؤتمر الإسلامي الأول لوزراء التربية والتعليم، الذي سيعقد في باكو في غضون السنة المقبلة. وأشارت الإيسيسكو إلى أن (استراتيجية تطوير التعليم الجامعي في العالم الإسلامي) التي اعتمدها المؤتمر الإسلامي الثالث لوزراء التعليم العالي والبحث العلمي المنعقد في الكويت عام 2006، وضعت على أساس من هذا المفهوم. وقالت إن هاتين الوثيقتين التأسيسيتين هما الإطار الذي ينتظم الخطط والبرامج التي تنفذها المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، من أجل تجديد النظم التربوية والتعليمية في الدول الأعضاء، وذلك تنفيذا ً للهدف الأول من أهداف ميثاقها، وهو : (تقوية التعاون وتشجيعه وتعميقه بين الدول الأعضاء في مجالات التربية والعلوم والثقافة والاتصال، والنهوض بهذه المجالات وتطويرها). وقالت الإيسيسكو في كلمتها إن دول العالم الإسلامي تبحث اليوم عن مخارجَ من الأزمة التي تعاني منها في مجال التربية والتعليم، بعد أن وصلت إلى الاقتناع بأن ضرورات العصر تقتضي التغيير في السياسات الوطنية التي تعتمدها وتعمل على تنفيذها، وأعلنت أنها باعتبارها بيت خبرة في مجال اختصاصاتها، فإنها تقدم الخبرات لتعزيز القدرات لدى الدول الأعضاء في هذا القطاع الحيوي، وأن التنفيذ لما تقدمه المنظمة من خطط عمل واستراتيجيات قطاعية، يبقى من مسؤولية كل دولة من الدول الأعضاء. وذكرت الإيسيسكو أن مهامها، كما ينصُّ على ذلك ميثاقها، تقوية ُ التعاون وتشجيعه وتعميقه بين الدول الأعضاء في هذه المجالات جميعًا. وهو ما يتم القيام به من خلال الاستراتيجيات القطاعية والمؤتمرات الوزارية المتخصصة واجتماعات الخبراء والمسؤولين في مجالات التربية والعلوم والثقافة، وغير ذلك من الأنشطة التي تنفذها بالتعاون مع الدول الأعضاء والمنظمات الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك. وخلصت كلمة الإيسيسكو إلى القول إن الانشغال ببناء نظام تربوي تعليمي يواكب المتغيرات التي يشهدها العقد الثاني من الألفية الثالثة، هو بداية الطريق نحو الإصلاح الذي يحقق التنمية، والتغيير الذي يصنع التقدم.