أعلن الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة –إيسيسكو- أن العالم الإسلامي يمر اليوم بمرحلة يتعذر التنبؤ بمآلاتها. وقال في كلمة ألقاها في افتتاح الدورة الرابعة والثلاثين للمجلس التنفيذي للإيسيسكو صباح ايوم في المقر الدائم للمنظمة، إن دولا ً أعضاء تعاني من فتن ٍ ومصاعبَ جمة تضعف وحدة شعوبها وتعوق مسيرة التنمية الشاملة فيها، واستدرك قائلا ً : « ولكننا مع ذلك لا تزيدنا هذه الأوضاع الصعبة إلا إصرارًا على العمل، ومضيًّا في الطريق الذي رسمه المجلس التنفيذي والمؤتمر العام لنا، سعيًا وراء النهوض بأمتنا المجيدة من خلال الوسائل التي نمتلكها، وفي حدود الموارد المتاحة لنا، وفي دائرة اختصاصاتنا». وذكر أن الأمة الإسلامية تجتاز ظروفًا مضطربة بالغة التوتر تنعكس آثارها السلبية على مجمل الجهود المبذولة في مجالات التنمية الشاملة والبناء التربوي والعلمي والثقافي، والسعي من أجل اللحاق بركب التقدم والازدهار وتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية. مشيرًا إلى أن العالم الإسلامي أصبح مسرحًا للاضطرابات وللحروب وللأزمات المرهقة، وباتت كثير من الشعوب الإسلامية أكثر شعوب العالم معاناة ً من جراء تفشي الفقر والمرض والأمية واستفحال ظاهرة العنف والتطرف والإرهاب، وأكثرها مكابدة ً وتحملا ً للمصاعب نتيجة ً لتفاقم الصارعات ولتنامي النزاعات ولتراكم المشاكل. وفي تحليله للأزمة الحضارية التي قال إنها تكاد أن تكون محصورة في الرقعة الجغرافية للبلدان الإسلامية تحديدًا، خلص إلى القول : « إن الأزمة في أصلها وعمقها وأبعادها، هي أزمة حضارية حادة، تضافرت عوامل عديدة على نشوئها عبر أحقاب من التاريخ الحديث والمعاصر، ولكن العامل الرئيس والأشد تأثيرًا في هذه الأزمة، هو التراجع الحضاريُّ الذي ترتبت عليه مشاكل كثيرة معقدة، تراكمت على تعاقب الأطوار التاريخية التي اجتازها العالم الإسلاميّ، حتى تفاقمت واستفحل خطرها واستشرى تأثيرها في مفاصل البلدان الإسلامية، وامتد هذا التأثيرُ إلى جل ميادين الحياة العامة، إلى أن بلغت الذروة في إضعاف الكيان الإسلامي الكبير الجامع للأمة الإسلامية على النحو الذي نرى». وقال المدير العام للإيسيسكو : " من خلال الرؤية الحضارية الشمولية لواقع العالم الإسلامي اليوم، يتأكد لنا أن الأزمة التي تثقل كاهله تتفاقم في ظل الانقسامات والمواجهات السياسية والطائفية، فيتعاظم نتيجة ً لذلك كله، الدورُ الذي تقوم به التربية والتعليم والعلوم والثقافة، وبالتالي تَتَضَاعَفُ مسؤولية القائمين على هذه القطاعات الحيوية؛ لأن من وجوه الأزمة الحضارية الكثيرة، ضعف المنظومة التعليمية، وتراجعَ دور العلم في المجتمع، وانحسارَ الأثر الإيجابي للثقافة في بناء الإنسان، وفي نماء الأوطان، وفي صنع الحضارة". وأكّد الدكتور عبد العزيز التويجري الأهمية القصوى للرسالة الحضارية التي تنهض بها الإيسيسكو. واستعرض حصيلة الإنجازات التي حققتها المنظمة خلال السنة الماضية، حيث قال : « لقد استوعبنا نحن في الإيسيسكو هذه الدروس التاريخية، وتعمقنا في فهم هذه الحقائق الواقعية، فانطلقنا من شعورنا بالمسؤولية إزاء تجديد البناء الحضاري للعالم الإسلامي، فكان التركيز في تنفيذ الأنشطة خلال عام 2012، على مراعاة خصوصيات الدول الأعضاء، وعلى الاستجابة لاحتياجاتها في مجالات اختصاصنا، مع الوعي الكامل بالمخاطر، والإدراك الواسع للتحديات، والفهم العميق للمتغيّرات التي يشهدها العالم أجمع بعامة، والعالم الإسلامي بخاصة». وأشار إلى أن الإيسيسكو حرصت على أن تكون سنة 2012، سنة متميّزة في التنفيذ والإنجاز على المستويات كافة، حيث بلغ عددُ أنشطة المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة المبرمجة خلال عام 2012 (436) نشاطًا في المجالات التربوية والعلمية والثقافية والاتصالية والعلاقات الخارجية والتعاون والتخطيط والمعلومات والتوثيق، تمَّ تنفيذ (412) نشاطًا منها، بنسبة تنفيذ إجمالية بلغت 94%. وشكر المدير العام للإيسيسكو في كلمته، العاهل المغربي الملك محمد السادس على ما يُوليه من عناية ورعاية بالغتين واهتمام كريم للمنظمة، وعلى ما تلقاه الإيسيسكو من الحكومة المغربية من دعم موصول ومن مؤازرة ومساعدة على أداء المهام الحضارية الموكولة إليها. كما شكر المدير العام لللإيسيسكو رؤساء الدول الأعضاء كافة على ما تحظى به المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، من دعم ومساندة، وعلى الثقة المستمرة من حكوماتهم في الرسالة الحضارية التي تنهض بها الإيسيسكو لدعم التنمية التربوية والعلمية والثقافية والمعلوماتية للعالم الإسلامي. جدير بالذكر أنه تم صباح اليوم في ختام الجلسة الافتتاحية للدورة الرابعة والثلاثين للمجلس التنفيذي للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، تسليم جائزة الإيسيسكو لمحو الأمية لسنة 2013، لمنظمة (ONIREC/ASSALAM ) التي تعنى بتطوير المدارس القرآنية في جمهورية النيجر، تقديرًا لجهودها في محو الأمية في أوساط النساء، ودعمًا للأنشطة الثقافية والاجتماعية الأخرى التي تقوم بها في خدمة المجتمع النيجيري. وقد تسلم الجائزة نيابة عن رئيس المنظمة، عيسى نماتا، ممثل جمهورية النيجر في المجلس التنفيذي للإيسيسكو. وتعمل هذه المنظمة في مجال محاربة الأمية من خلال استعمال لغات (الهوسا -الفولفلدي - زرما) الوطنية في النيجر المكتوبة بالحرف القرآني المنمط،. كما تقوم بترجمة الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة إلى هذه اللغات. وتحظى أنشطة المنظمة بتغطية إعلامية واسعة من الإذاعة الجماعاتية (ليبطاكو ف.م( ، وتندرج أنشطتها ضمن البرنامج الرسمي لتنمية التربية في جمهورية النيجر. يذكر أن الإيسيسكو تخصص جائزتها لمحو الأمية كل سنة لمنطقة جغرافية من المناطق الثلاث : العربية والأفريقية والآسيوية. وقد خصصت جائزتها لمحو الأمية لسنة 2013 للدول الأعضاء في المنطقة الإفريقية الناطقة باللغة الفرنسية.