كانت تجلس في مقعد يقابلني رفقة طفلها الذي يجلس على كرسي متحرك، في احد المقاهي بشارع محمد الخامس بالرباط. بينما كنت اتصفح الكتاب الذي اقتنيته من الرصيف المقابل، شعرت بوجودها، واحسست انها تتصفحني بعينيها كأنها تبحث عن شيء ضاع منها حيث جلست..لم أستطع التركيز، بعد لحظات استسلمت لفضولها ..تلاقت نظراتنا، حيتني وابتسمت كأنها كانت تنتظر بلهفة ان أرفع عيني عن الكتاب. لم تضيع الفرصة، وقامت من مكانها، سلمت علي كأنها تعرفني من زمن بعيد.. بادرتني بعدها بالسؤال: وجهك مألوف لدي، ترى اين رأيتك؟منذ أن دخلت من الباب شعرت اني اعرفك، أنا واثقة من اننا التقينا في مكان ما.. عددت لها كل الاماكن التي عادة أكون فيها، شعرت بخيبتها وهي تبحث عن أي مكان يمكن ان يكون قد جمعنا في يوم ما.. وتملكني احساس انها لا تعرفني ولم ترني من قبل وهي تعرف ذلك لكنها تريد سببا لتقاسمني الطاولة وتفضفض عن شيء ما تحتاج الى من يحمله عنها للحظات عابرة في طريق طويل.. ليست هي المرة الاولى التي يجعلني فيها غرباء عابرون صندوق اسرارهم، شيء ما لا أعرف ما هو يجذبهم نحوي، ويجعلهم يشعرون بالامان على اسرارهم..البوح لغريب عابر لا يضر على كل حال.. لأسهل عليها، وافقت اننا التقينا في مستشفى العياشي بسلا حيث تتابع علاج طفلها، رغم اني لا اعرف كيف أصل اليه..استأذنتني ان تجلس معي، ولم تنتظر موافقتي قبل ان تحمل براد الشاي الصغير وتدفع الكرسي المتحرك وتبدأ في الحديث معي بحميمية كأننا صديقتين قديمتين... يتبع