تسلمت اليوم الجمعة قناتا "دافا" و"المرابطون" الخاصتان ترخيصا رسميا من الحكومة الموريتانية يسمح لهما بالبث من داخل الأراضي الموريتانية، ومزاولة عملهما على كامل التراب الموريتاني، في خطوة تعتبرها الحكومة الموريتانية "استمرارا لنهجها" في الانفتاح الإعلامي وتعزيز الحريات الصحفية في البلاد. وسلم وزير الإعلام محمد يحيى ولد حرمة رخصتيْ البث التلفزيوني الخاص إلى مسؤولي القناتين في احتفالية أقيمت تخليدا لذكرى اليوم العالمي لحرية الصحافة. وأعلنت موريتانيا العام الماضي تحرير المجال السمعي البصري، وسلمت حتى الآن عشرة تراخيص خاصة، خمسة منها لقنوات فضائية، وخمسة لإذاعات حرة. جملة "مكاسب" وقال ولد حرمة إن الترخيص للقناتين وما سبقه من تحرير للمجال السمعي البصري جزء من مجهود حكومي يدخل ضمن "إرادة سياسية صريحة" ترمي إلى إشاعة الديمقراطية في ظل الأمن، وتعزيز النمو "في كنف الحكامة الرشيدة". وأضاف أن تحرير الفضاء السمعي البصري سمح حتى الساعة بترخيص خمس قنوات تلفزيونية، وخمس محطات إذاعية خصوصية، وإنشاء شركة وطنية عمومية تعنى بالبث الإذاعي والتلفزيوني، وتستفيد من خدماتها المؤسسات العمومية والخصوصية "على حد سواء". وأشار الوزير إلى أن ذلك ينضاف إلى "جملة من المكاسب" التي حققتها بلاده في مجال الحريات الإعلامية من قبيل إلغاء عقوبة الحبس في قضايا النشر، وإنشاء صندوق للدعم العمومي للصحافة الخاصة، وتوسيع نظام التأمين الصحي ليشمل العاملين في الصحافة الخاصة، وتقنين الصحافة الإلكترونية، وفتح قنوات الإعلام العمومي أمام تشكيلات المعارضة وهيئات المجتمع المدني، وهي خطوات ومكاسب جعلت موريتانيا تتصدر للعام الثاني الدول العربية في مجال حرية الصحافة، وفق قوله. تحديات كثيرة ورحبت مديرة قناة "دافا" منتان بنت المرابط بالترخيص لقناتها، مؤكدة أهمية ذلك في تعزيز الحريات العامة، وتعميق الممارسة الديمقراطية في البلاد. وقالت بنت المرابط للجزيرة نت إن التحدي الأكبر -ليس فقط أمام قناتها وإنما أمام كل القنوات الموريتانية الخاصة- هو تحدي الاستمرار والمواصلة، في ظل وجود مشاكل جسيمة متعلقة بغياب الكادر البشري المتخصص، داعية إلى تكاتف الجهود وتضافرها بين العاملين في هذا الحقل "لتجاوز هذا التحدي وكسب الرهان". وكانت دافا أول قناة محلية تحصل على رخصة لإعادة البث أرضيا عام 2009، قبل صدور قانون تحرير الفضاء السمعي البصري، وفتح المجال أمام البث الفضائي. ومن جهته، أعرب مدير الأخبار في قناة "المرابطون" المقربة من التيار الإسلامي، عن ثقته في استطاعة القائمين على القناة تجاوز جملة التحديات والعوائق التي وصفها بالكثيرة، والتي من بينها غياب البنية التحتية التقنية، وعدم وجود الخبرات والكوادر البشرية المدربة في المجال التلفزيوني. وبشأن ما يميز قناته عن بقية القنوات، قال محمد الحافظ ولد الغابد للجزيرة نت إن قناته "تتعهد بأنها ستسعى لأن تُسمع أصوات شرائح وفئات اجتماعية ظلت مغيبة في السابق، وستنقل معاناة ومظالم هذه الفئات والمجموعات بكل قوة وأمانة". وأضاف أن قناته التي "هاجرت وفرضت عليها ظروف عدم الترخيص لبث من الخارج، ستعود إلى الوطن لتنقل معاناة وآلام المحرومين والمشردين وسكان الأحياء الفقيرة، وستلتزم في كل ذلك بأقصى معايير المهنية والموضوعية ومقتضيات المسؤولية الصحفية". انتقادات نقابية وانتقد نقيب الصحفيين الحسين ولد امّدّو التركيز على الأبعاد التقنية والفنية أكثر من البشرية بعد انطلاق القنوات والإذاعات التي تم الترخيص لها أخيرا، وهو ما "يترجمه غياب أي عقود قانونية بين أرباب العمل والعاملين في هذا الحقل". وبشأن تقويمه للمشهد العام في ذكرى اليوم العالمي لحرية الصحافة، قال ولد امدو للجزيرة نت إن نقابته سجلت تسعة انتهاكات واعتداءات تعرض لها صحفيون خلال العام المنصرم، خمسة منها من قبل قوات الأمن، بالإضافة إلى حالة فصل تعسفية تعرض لها الصحفي ماموني ولد المختار من طرف الوكالة الموريتانية للأنباء (الرسمية). وقال إن الإشكالات التي تواجه وسائل الإعلام الخاصة لا تتعلق بالأساس بمستوى الحريات وإنما "بهشاشة المقاولات الصحفية، وانغلاق مصادر الأخبار وضعف التكوينات" في حين أن وسائل الإعلام العمومية ما زالت تسبح بعيدا عن التطورات المسجلة على مستوى الإعلام الخصوصي، حيث لم تتصالح هذه المؤسسات حتى الآن مع مقتضيات الخدمة العمومية، وفق قوله. وأضاف نقيب الصحفيين أن مؤسسات الإعلام العمومي ما زالت تعاني أيضا من "سيطرة البعد الأحادي في أغلب المسطرة البرامجية المقدمة، مع استثناء برامج محدودة لا تشكل نهجا، وإنما استثناء يعزز القاعدة". ** المصدر الجزيرة نت