النافذة تبرق الوانا على الرغم من انعزالها وتطرفها بعيدا عن مرأى الشمس اذ ان الزحام الاسمنتي وان كان يمنع عبور النهار فأنه لم يستطع ان يمنع اضواء الحرب وآلته من ان تعبر الزحام الإسمنتي الاضواء لم تكن زائرة لتنير عتمة النهار بل لتوحد النهار مع الليل في موت ابدي لا يترك ولا يذر. الاصوات كانت مدوية والهبوط كان اسرع من ان يلملم الفرد نفسه استعدادا لرحلته الاخيرة ومحصنا من النار لان الارواح تفحمت لكنها لم تتلاشى وبقيت عنوانا واحدا لعدو واحد ليس مثله احد في الإجرام وهو يبتدع شتى الفنون القتالية في ضرب المدنيين والعزل وفي ارتكابه الجرائم الجماعية. ليس عجبا ان نرى اخيرا تلك الابتسامة المرسومة على الوجوه المتفحمة التي انهكها الحرمان والفقر وهي تفضح سياسة الارهاب والقمع وحقهم بالحياة بحرية وكرامة على ارضهم وارض اجدادهم. العديد من الشهداء قضوا والأكثرية كانوا جرحى من غير ذنب في العملية الاخيرة وغير المبررة على غزة والمسماة بعمود السحاب. انها الحرب اذن ليثبت فيها العدو الصهيوني عنترياته بعيدا عن عدوه اللدود والذي يخشاه في هذا التوقيت: ايران، من اجل تحقيق العديد من المكاسب بالاعتداء على غزة حليف ايران كما يرون فيه كون الاسهل سياسيا واقتصاديا لممارسة اجرامهم واغتصابهم للحقوق بعيدا عن اوضاعهم المتعثرة اقتصاديا واجتماعيا، والحصول على تعاطف العالم في مواجهة الصواريخ الفلسطينية، وكأنهم في حالة كرّ وفرّ دورية مع غزة من اجل تدمير بنيتها التحتية وضرب مقاومتها واختبار قدراتها بين الحين والأخر وعلاقتها مع حليفها الودود ايران في حال تم فرض سيناريوهات اخرى جغرافيا وتاريخيا على ارض الواقع. لكن وكم نستعذب لكن حين تتوحد صفوف المقاومة الفلسطينية وتتمكن من ارسال استشهادييها وصواريخها الى أي بقعة داخل فلسطينالمحتلة فتلحق الرعب والخوف في صفوف العدو. فرحة النصر رغم التضحيات المقدمة من الشعب الفلسطيني على مرّ زمانه مع هذا العدو الملازم له والجاثم على صدره لا تساويها الا فرحة زيارة غزة من غير حواجز او اذن بالدخول. الصبر الفلسطيني آتى اكله في حرب الابادة هذه في هذا الربيع الاخذ بالتمدد عربيا وإقليميا حتى استطاع ان يفرض واقعا جديدا تمكن فيه الفلسطينيين من الحصول على اتفاق وقف اطلاق النار من الطرفين، نبارك هذا النصر ونرجو ان يمتد فينا العمر الى تحقيق النصر بإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس.