تخوض السلطة "حملة رسمية" تستعمل فيها كل الوسائل الممكنة للتعبئة للدستور الجديد، بما في ذلك انتدب خطباء المساجد للدعوة صراحة إلى التصويت بنعم في الإستفتاء المقبل، مستشهدين بقوله تعالى : ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ) !! هذا فضلاً عن نصب العشرات من الخيام وتعليق مئات اللافتات في مختلف أحياء مدينة طنجة، ومرور سيارات مجهزة بمكبرات الصوت لا تدعو إلى المشاركة في الاستفتاء بقدر ما تدعو إلى التصويت الإيجابي على دستور لم يطلع عليه أغلب المغاربة ولا تكاد تعرف مضامينه إلا نخبة محدودة. ويوم الجمعة 24 يونيو، -وكما هو معتاد منذ بداية هذه الحملة- استدعيت فرق (الغيطة والطبل) إلى ساحة التغيير ببني مكادة، لتساهم في (شرح) مضامين الدستور للشعب، لكنها فوجئت بوقفة احتجاجية دعت إليها حركة 20 فبراير في نفس المكان، في الساعة السابعة مساء، ما دفع المواطنين إلى الالتفاف حولها وترديد شعارات منددة بالاستفتاء على "دستور ممنوح"، لترفع "فرق التطبيل" من حرارتها في محاولة للتشويش على الوقفة، إضافة إلى استعمال مكبرات الصوت مرددة كل مرة وحين:(ندعوكم إلى التصويت بنعم على الدستور)، ليقرر المحتجون بعد نحو ساعة وربع، ومع ازدياد الضغط ودون سابق تخطيط، تحويل الوقفة إلى مسيرة. وفي لحظات اتجهت نحو محطة الحافلات (بردا) حيث كانت خيام مؤيدي الدستور خالية إلا من البعض منهم، لتتحول إلى تظاهرة عارمة أربكت جميع الحسابات، حتى أن بعض الأطفال الذين كانوا هناك بدأوا يهتفون حسب شاهد عيان : (50 درهم تسالت، الدستور لا لا ). وواصلت المسيرة طريقها وسط التفاف يكاد يكون غير مسبوق من السكان، ورفعت شعارات من قبيل : "يا مغربي يا مغربي يا مغربية الاستفتاء عليك وعلي مسرحية"، "الشعب يريد إسقاط الاستفتاء"، "عاش الشعب عاش الشعب عاش الشعب"، "هذا المغرب وحنا ناسو والحاكم يفهم راسو"، "بالغيطة والطبالة الاستفتاء في المزبلة"، "آلشفارة ها حنا ماجين"، ... وحملت لافتات متعددة المطالب الشعبية المتنوعة السياسية منها والاجتماعية والاقتصادية ، كما رفعت صور الشهيد كمال عماري في كل الأرجاء. المتظاهرون جابوا أحياء جديدة لأول مرة حيث مروا من الرويضة نحو حي البوغاز والموظفين والزاودية ليخرجوا إلى سوق بندببان، ثم يعاودوا الرجوع إلى ساحة التغيير هاتفين : "ها حنا جينا الساحة ديالنا". جدير بالذكر أن المسيرة التي ناهز عددها العشرة آلاف حسب مراقبين، خلفت صدى طيب لدى العامة إذ كلما وصلت إلى نقطة ما إلا وتفاعل معها الكثيرون سواء عبر إشارة النصر بالأصابع أو عبر ترديد الشعارات أو حتى عبر الانضمام. وختم الشكل الاحتجاجي في مشهد مهيب وسط الساحة بعد ترديد العديد من الشعارات، وتليت الفاتحة ترحماً على أرواح الشهداء، فيما استمرت سيارات مجهزة بميكروفونات تعبئ للاستفتاء، يتعلق في بعضها العديد من الأطفال وهم لا يدرون ربما ما يقوله ركابها للناس!!! شاهد مقاطع من هذا الحراك بمدينة طنجة: