بدت شوارع طنجة، منذ صباح أمس الجمعة 1 يوليوز، وكأنها تستريح من ضنك أيام طويلة عرفت خلالها عشرات المسيراتوالمظاهرات التي طالبت باتخاذ موقف معين من الدستور، سواء بالمقاطعة أو للتصويت بالموافقة. وفي الساعات الأولى من صباح أمس، لم تكن أغلب مراكز التصويت بالمدينة قد عرفت إقبالا، فيما قال مسؤولون عن بعض المراكز إن الإقبال يمكن أن يزداد خلال ما تبقى من ساعات النهار. وفي عدد من مراكز التصويت التي زارتها «المساء»، إلى حدود العاشرة والنصف صباحا، لوحظ وجود ما بين 3 و20 ظرفا في الصناديق الزجاجية. وفي مركز تصويت بحي «كاسبراطا» الشعبي، كان هناك خمسة أقسام بمدرسة ابتدائية خاصة باستقبال المصوتين، وكل صندوق زجاجي يحتوي على ما بين 3 و 5 أظرفة لمصوتين جاؤوا في الساعات الأولى من الصباح. وفي منطقة قريبة من هذا الحي، وبالضبط في جزء من حي «بنديبان»، لوحظ وجود عدد أكبر من الأظرفة، والتي وصلت إلى حدود 10 في كل صندوق. وفي مركز تصويت بالحي قال مسؤول عن التصويت إن الإقبال سيزداد خلال الساعات الآتية. ولوحظ أن أغلب المصوتين في الساعات الأولى من الصباح كانوا من النساء أو كبار السن، فيما كانت سيارات تقف قرب بعض المراكز وينزل منها أشخاص، حيث فضل أغلب المصوتين ركوب سيارات اتقاء لحرارة الشمس اللاهبة. وفي مركز تصويت بحي المصلى، ذي الكثافة السكانية العالية، دخل ناخب ساحة المركز، وتوجه نحوه شخصان أرشداه إلى القاعة التي يجب أن يدلي بصوته فيها. وفي نفس المنطقة كان رجل يلج ساحة المركز في الوقت الذي كان مشرفون على قاعة تصويت يطلبون منه الدخول وهم يقولون «زيدْ.. زيد.. ادخُل.. مرْحبا». وفي منطقة «البوليبار»، بالمنطقة الراقية من المدينة، توجد أربع قاعات تصويت بمدرسة ابتدائية، وداخل كل قاعة كان يوجد ناخب واحد على الأقل، فيما لوحظ وجود أظرفة أكثر داخل صندوق زجاجي، يمكن أن تقدر بحوالي 15 أو 20. وكانت الليلة التي سبقت يوم التصويت على الدستور الجديد، عرفت مسيرات موالية ومعارضة، غير أنها جرت في توقيت مختلف من أجل تجنب الصدام بين الطرفين. وكان المؤيدون بالتصويت ب»نعم» على الدستور، تجمعوا منذ الثامنة مساء بساحة الكويت، المجاورة لمسجد محمد الخامس، حيث انطلقوا نزولا عبر «البوليبار» نحو ساحة الأمم. وتقدم هذه المسيرة مسؤولون ومنتخبون، بينهم عمدة طنجة، فؤاد العماري، المنتمي لحزب الأصالة والمعاصرة، ورؤساء المقاطعات الأربع، إضافة إلى جمعيات ومؤسسات وهيئات مدنية وتنظيمات شبابية، مثل تنظيم الكشفية وجمعيات الشرفاء وجمعيات رياضية، وطغت على المسيرة شعارات فردية وغير منسقة وتدعو كلها للتصويت بنعم. كما بدت مشاركة لافتة لبرلمانيين ومنسقين حزبيين جهويين، فيما لوحظ عدم وجود لافت لمسؤولين في حزب «العدالة والتنمية»، على الرغم من دعوة الحزب للتصويت ب«نعم» على التعديلات الدستورية. وقدرت مصادر مستقلة عدد المشاركين في آخر مسيرة مؤيدة للدستور بالمئات، فيما قال منظمو المسيرة إنهم بالآلاف. ووزع المساندون للدستور مطبوعات تدعو المواطنين إلى التصويت بنعم على دستور وصفوه بأنه «سيضع المغرب على سكة الديمقراطية الحقيقية وسيضمن فصل السلط وتحديد المسؤوليات». أما الداعون إلى مقاطعة الدستور، فقاموا باستعراض جديد للقوة، حيث انطلقت مظاهرة كبيرة من «ساحة التغيير» ببني مكادة، حوالي السابعة مساء، واستمرت إلى حدود منتصف الليل، عبر خلالها المتظاهرون عددا كبيرا من الأحياء الشعبية، وصولا إلى ساحة الأمم بوسط المدينة. وقال المنظمون إن هذه المسيرة ضمت أزيد من مائة ألف متظاهر، حيث أشعلوا الشموع ورددوا شعارات تطالب بمقاطعة الاستفتاء على الدستور، ودعوا إلى القيام بإصلاحات جذرية ومحاسبة المفسدين وناهبي المال العام. وبدا وجود تنسيق محكم في هذه المسيرة، التي كان الوجود النسائي فيها لافتا، فيما كانت 3 سيارات تسير وسط المتظاهرين وتحمل مكبرات صوت، ويركبها شباب حركة 20 فبراير، لتنسيق الشعارات. ولم تعرف هذه المسيرة الكبيرة أحداثا جانبية، غير أن حوالي 10 أشخاص اعترضوا طريقها وهم يحملون شعارات «نعم للدستور»، وهو ما واجهه المشاركون بشعارات تتهمهم بقبض المال، ووصفوهم ب»البلطجية». وكان يساريون وإسلاميون ومستقلون ومواطنون عاديون يسيرون في مسيرة «حركة 20 فبراير» ويرددون نفس الشعارات تقريبا، غير أن حجم الإسلاميين كان لافتا، خصوصا من أنصار جماعة «العدل وا لإحسان». ووزع المشاركون في هذه المسيرة بيانا، يحمل توقيع «حزب النهج الديمقراطي»، يصف الدستور الجديد بأنه «يكرس هيمنة الرأسماليين الكبار على خيرات الوطن ويعمق التبعية ويفقر الملايين من أبناء الشعب».