في الساعات الأولى من صباح أمس الجمعة، بدت رياح «الشرقي» القوية التي هبت على طنجة هي أول المشاركين في الاقتراع، حيث رفعت آلاف الأوراق الانتخابية في الهواء وطوحت بها في كل مكان، في الوقت الذي كانت أغلب مراكز التصويت تعيش لحظات انتظار صعبة. ومنذ فتح مراكز الاقتراع وإلى حدود منتصف النهار، بدا أن أكثر الصناديق امتلاء لا يتعدى 30 ورقة، ولم يكن هناك فارق كبير في التصويت بين الأحياء الهامشية والفقيرة وبين وسط المدينة. وفي حدود الحادية عشرة والنصف صباحا، وبعد زيارة لحوالي 20 مركز تصويت في مختلف مناطق طنجة، لم تلاحظ «المساء» أي بوادر ازدحام، بل إن كل هذه المراكز كانت شبه فارغة، وبين الفينة والأخرى يدخل ناخب أو اثنان للإدلاء بصوتهما. ووفق مصادر أمنية في طنجة، لم تحدث حوادث عنف صباح الجمعة، بينما شهدت الليلة السابقة للاقتراع مناوشات محدودة بين أنصار عدد من المرشحين، وهي مناوشات لم تتطور إلى حوادث عنف خطيرة. وتعرض عدد من المرشحين لرشق بالحجارة أو بالطماطم في عدد من أحياء طنجة، فيما تعرض آخرون لهتافات معادية، وذلك في إطار الاصطفاف الانتخابي لعدد من المناطق. وبدا لافتا أن السلطة مارست حيادا على قدر كبير من السلبية، في الوقت الذي تم فيه إنزال قوي من طرف مرشحين استعملوا أموالا وفيرة في الدعاية الانتخابية، بينما لا يخفي عدد كبير من الناخبين أنهم قبضوا أموالا من سماسرة المرشحين أو تعرضوا لمحاولات إرشاء. وكانت بداية الحملة الانتخابية في طنجة باردة طوال الأسبوعين الماضيين، غير أن الليلة الأخيرة تحولت إلى مهرجان متنقل عبر مختلف شوارع المدينة، وتحركت سيارات وشاحنات وهي تحمل مئات «الأنصار»، أغلبهم أطفال ومراهقون، كانوا يهتفون ويرمون الأوراق الانتخابية كيفما اتفق. ويتفق معظم المتتبعين للانتخابات الجماعية الحالية على أن «عين ميكة» التي مارستها السلطة إزاء استعمال المال وشراء الأصوات تهدف إلى رفع نسبة المصوتين، من أجل تجنب صدمة اقتراع شتنبر 2007، وأن ذلك لم يتم في طنجة فقط بل في المغرب كله. وتتنافس في طنجة لوائح حزبية ومستقلة قوية، أبرزها لوائح أحزاب تعودت على الفوز في كل الانتخابات، وانضافت إليها هذه المرة لائحة حزب «الأصالة والمعاصرة» الذي يتوقع أن يكون من بين الأحزاب الأولى التي ستحوز على واحدة من أعلى نسب التصويت. ويتوقع أن تكون أحزاب مثل العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة والاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال، من بين اللوائح الناجحة، مع إمكانية ظهور مفاجآت قوية يمكن أن تقضي على أحلام الكثير من اللوائح. وتجري الانتخابات في طنجة في ظل جدال متواصل حول اسم العمدة المقبل، خصوصا بعد أن كانت أحزاب، من بينها الأصالة والمعاصرة، هددت قبل يومين بمقاطعة الانتخابات في حال فرضت سلطات المدينة اسم دحمان الدرهم، عمدة طنجة الحالي، مرشحا وحيدا لهذا المنصب. يذكر أن طنجة كانت على رأس المدن التي شهدت أضعف نسبة تصويت خلال الانتخابات البرلمانية قبل سنتين، غير أنه يرتقب أن تكون نسبة الاقتراع خلال الانتخابات الجماعية أعلى قليلا بالنظر إلى الاصطفاف العائلي والقبلي، بالإضافة إلى الاستعمال المكثف للمال.