لم يعد يفصلنا إلا يوم واحد عن الانتخابات الرئاسية المصرية الأولى من نوعها بعد الإطاحة بنظام حسني مبارك. وتحضى هذه الانتخابات بمتابعة دولية واسعة من جميع الأطراف، نظراً للثقل التي تشكله مصر على المستوى الإقليمي والدولي. وفيما ينتظر الزعماء الغربيون معرفة الرئيس القادم ومدى إمكانية حماية مصالحهم الإستراتيجية في المنطقة، ينتظر الشارع العربي بشوق النتائج النهائية التي ستحكم على نجاح الثورة من فشلها. فبعد النجاح النسبي للنموذج التونسي والذي لازال أمامه الكثير، يبقى للنموذج المصري الدور الأكبر في استجلاء ملامح المستقبل القريب للأنظمة العربية، خاصة بعد ما يمكن أن نسميه "احتواء" الثورة اليمنية من طرف أزلام النظام السابق بمباركة من أمراء الخليج، واستمرار الانتفاضة السورية بشكل درامي كما هو الحال لنظيرتها البحرينية وإن بشكل أقل. وما يبعث على التخوف هو مشاركة رموز من حاشية مبارك إذ يتنافس على المنصب الأول كل من أحمد شفيق وعمرو موسى الذين يعتبر إنجاحهم إفساداً للثورة وخذلاناً لأرواح الشهداء وآلام الجرحى. وفي الطرف الآخر نجد أنصار التيار الإسلامي ممثلين أساساً في الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح العضو السابق في مكتب إرشاد الإخوان المسلمين، والذي يعول عليه الكثيرون في جمع شمل التيارات المتنافسة المختلفة، والدكتور محمد مرسي المرشح الرسمي لحزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، والأستاذ محمد سليم العوا نائب رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذي ليست له حظوظ كبيرة للمرور حتى للدور الأول !! وفي هذا الطرف أيضاً نجد أنصار التوجه الليبرالي واليساري الذين قد يعتبرون الملجأ الأخير للمتخوفين من الاكتساح الإسلامي وعلى رأسهم يظهر بقوة حمدين صباحي وبدرجة أقل خالد علي. لكن الذي يبعث على الاشمئزاز من رموز شاركوا بقوة في التأطير والمدافعة في ميدان التحرير وغيره من ميادين التغيير في كل المدن المصرية، هو هجومهم الشرس على الإخوان المسلمين ومرشحهم الدكتور محمد مرسي. وإذا كنت شخصياً أقدر الدكتور عبد المنعم أبوالفتوح وأعتقد أنه سيحقق رتبة متقدمة في الرئاسيات إن لم يفز بمنصب الرئيس وهو على أي حال يستحقه !! فإن ما لا أستسيغه هو أن أصدقاء من شباب ثورة ال 25 ، يهاجمون بشراسة حملة الإخوان ومرشحهم بكل الوسائل، على الرغم بأن بعضهم تخرج بنفسه من مدرسة الإخوان المسلمين، الذين أبلوا البلاء الحسن في خدمة الشعب المصري منذ نحو قرن من الزمن، ولم يتوانوا في أي لحظة من لحظات تاريخ مصر المحروسة عن تقديم التضحيات والشهداء والسجناء... كان الأجدى في نظري أن يركزوا في الحملة على البرنامج الانتخابي الخاص بالدكتور أبي الفتوح أو غيره، وإن كان لا محالة فليهاجموا فلول النظام البائد وليفضحوا خططهم ومكائدهم ... الإخوان المسلمون مدرسة تربت على يديها الحركات الإسلامية في كل ربوع العالم، و إن أخطئوا فهم بشر اجتهدوا وحصلوا أجراً واحداً على الأقل ... لا يجب عليهم أن ينسوا أن أستاذنا الدكتور عبد المنعم قد نشأ وتربى في مدرسة الإخوان المسلمين.... أقول لإخواننا المصريين، عذراً على التطفل، وأرجو ألا تقولوا هذا مغربي لا يفهم ما يقع هنا !!! قلوبنا ودعواتنا معكم وننتظر بفارغ الصبر نجاح تجربتكم، لتكون لنا شعاعاً نستضيء منه في نضالنا من أجل الحرية والكرامة. وفقكم الله وحفظكم وأخلص نياتكم !