درجة حرارة الانتخابات الرئاسية المصرية مرشحة للإرتفاع ... فيومها الثاني عرف مواجهات عنيفة بمنطقة العباسية وسط القاهرة ، والحصيلة 20 قتيلا على الاقل ومايفوق 150 جريحا. فالسلفيون الذين تم استبعاد مرشحهم ، اختاروا لغة العنف لمواجهة السلطات ولجان بعض المرشحين. شأنهم شأن عدد من «البلطجية». بدأت الحملة الاثنين الماضي للإنتخابات التي ستعرفها مصر يومي 23 و24 ماي الجاري ، وسط تحذير لجنة الانتخابات للمرشحين من «تجاوز الحد الأقصى للإنفاق ». وستستمر الحملة حتى ليلة الاثنين 21 ماي ، تعقبها فترة دون دعاية انتخابية تستمر 48 ساعة قبيل بدء الاقتراع الأول، على أن تبدأ الحملة في اليوم التالي لإعلان نتيجة الاقتراع الأول في حالة الإعادة، وحتى 15 يونيو . ويحدد قانون الانتخابات الرئاسية مبلغ 10 ملايين جنيه (نحو 1.66 مليون دولار) كحد أقصى لما ينفقه كل مرشح في حملته الانتخابية في الجولة الأولى، على أن يكون الحد الأقصى في جولة الإعادة 2 مليون جنيه. ويتنافس في هذه الانتخابات 13 مرشحا من بينهم ستة مرشحين من أحزاب مختلفة وسبعة من المرشحين المستقلين الذين حصل بعضهم على تأييدات شعبية فاقت الثلاثين ألف مواطن وبعضهم حصل على دعم أكثر من 30 برلمانيا. ويتصدر قمة المرشحين الحزبيين محمد مرسي عن حزب الحرية والعدالة الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين والذي رشحه الحزب بعد أن تأكد استبعاد خيرت الشاطر، و أبو العز الحريري عن حزب التحالف الشعبي الاشتراكي. وعبدالله الأشعل عن حزب الأصالة ذي التوجه السلفي. ومن بين من رشحتهم الأحزاب أيضاً المستشار هشام البسطويسي عن حزب التجمع ومحمد فوزي عيسى عن حزب الجيل وحسام خير الله عن حزب السلام الديمقراطي. ولكن بقية الأحزاب في مصر والتي يزيد عددها على خمسين حزباً ، ليس لها مرشحون يخوضون المنافسة. وأعلنت معظم الأحزاب عن دعم مرشحين بعينهم، فحزب الوفد الجديد أعلن تأييده المرشح عمرو موسى، فيما أعلن حزب النور وجماعة الدعوة السلفية والهيئة الشرعية للإصلاح وحزب الوسط وحزب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، أعلنوا جميعاً دعمهم لعبد المنعم أبوالفتوح الذي ترشح مستقلاً مما حدا بجماعة الإخوان المسلمين لفصله. أما عن بقية المرشحين، فهناك حزب الحرية الذي يدعم أحمد شفيق آخر رئيس وزراء في عهد الرئيس السابق حسني مبارك. وسوى ذلك فهناك حزب المصريين الأحرار والكثير من الأحزاب الأخرى والجماعات الاجتماعية والدينية التي لم تقرر بعد المرشح الذي ستدعمه. أما ائتلافات الثورة التي كان لها دور بارز في الإطاحة بالرئيس حسني مبارك، فقد أعلن بعضها دعمه أبوالفتوح فيما يتحفظ البعض الآخر. وفي سياق الحملة الانتخابية، استعان متنافسون على منصب الرئيس في مصر بخبراء في الدعاية عملوا لصالح نجوم في السينما ومصارف وشركات علاقات عامة وعقارات، ومؤسسات أوراق مالية، وربما لصالح رؤساء دول أجنبية بينها الولاياتالمتحدة. وأشار مسؤولو حملات المرشحين إلى أن قصر الفترة المخصصة للدعاية رسميا للمرشحين وانخفاض المبلغ المتاح قانونا ، من أهم العقبات التي واجهتهم. وأظهرت لافتات الدعاية المرشح الرئاسي عمرو موسى، الدبلوماسي المخضرم، مرتديا بزته الفاخرة بينما لم تخف نظارته المستديره عينيه الباسمتين. واتفق موسى وأحمد شفيق على وضع ذراع فوق الأخرى بينما تخلى الأخير عن رابطة عنقه باديا في مظهر أكثر بساطة. أما تصميم لافتات عبد المنعم أبو الفتوح فطغى عليها اللون البرتقالي الجذاب بينما جابت المحافظات حافلة طليت بذات اللون مصحوبا بصورته. واستخدمت ذات الوسيلة حملة حمدين صباحي، ولكن بدلا من الطلاء تمت تغطية جوانبها بلافتات المرشح التي تظهر صورة وجهه وجزءا من كتفيه بينما زاده الشعر الأبيض وقارا. «وتدرس خريطة تحرك المرشح الرئاسي خلال فترة الدعاية الرسمية بعناية فائقة، وذلك لقصر تلك الفترة مقارنة بترامي أطرف البلاد»، حسبما يقول حسام مؤنس، مسؤول الدعاية في حملة حمدين صباحي. وتلجأ بعض الحملات لاختيار توقيتات زيارة المحافظات بعناية طبقا للأحداث أو المناسبات القومية، كزيارة مدينة المحلة الكبرى بالدلتا، التي وقعت فيها الكثير من الاحتجاجات العمالية في عيد العمال، وزيارة شبه جزيرة سيناء في العيد القومي لتحريرها . والمثير، أن حملة مرشح الإخوان المسلمين استعانت بخبراء دعاية عملوا في المجال التجاري والفني، كما أن منهم من عمل في الحملة الإلكترونية لرئيس الولاياتالمتحدة الحالي باراك أوباما، حسبما قال أحمد عبد العاطي المنسق العام لحملة محمد مرسي ، موضحا أنهم جميعا مصريون. تجدر الإشارة إلى أن حملة مرسي واجهت تحديا كبيرا حينما اضطرت لتحويل دفتها فجأة لصالح مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة بعد استبعاد المرشح الأول لجماعة الإخوان، خيرت الشاطر. ولا تخطئ عين مراقب الفروقات الكبيرة بين الحملات الانتخابية لمرشحي الرئاسة في مصر، فمن المرشحين من ينفق ببذخ واضح، ومنهم من تكون آثار شح الموارد المادية بادية من ملامح حملته، حسبما يقول مدحت الزاهد المتحدث بلسان حملة المرشح الرئاسي أبو العز الحريري. ويوضح الزاهد أن هناك نوعين من الحملات الرئاسية الآن: غنية جدا، وفقيرة جدا. ويضيف أن هناك من المرشحين من أنفق بالفعل الملايين العشرة المحددة كسقف للإنفاق على الدعاية الرئاسية حتى قبل بدء الحملة. ويخلص الزاهد إلى أن هذه الممارسة ربما نعدها « مجرد بروفة» لانتخابات رئاسية تنافسية تجري وفق ضوابط صحيحة، لأن أساليب الرقابة عاجزة عن تحقيق المساواة بين المتبارين في هذا المضمار، كما أن الإعلان الدستوري يحظر الطعن على نتائج الانتخابات بالطريق القضائي.