في خطوة مفاجئة، أعلن المغرب، السبت الماضي، سحب قواته من منطقة الكركارات جنوب المملكة على الحدود مع موريتانيا، بأوامر من الملك محمد السادس، بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية، بعد مكالمة هاتفية أجراها مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، نبهه فيها إلى خطورة ما تقوم به جبهة البوليساريو في المنطقة، مما قد يُقوّض اتفاق وقف إطلاق النار. القرار الأحادي الذي اتخذه المغرب، بالانسحاب العسكري بالمنطقة، في وقت تُصعد فيه الجبهة الانفصالية من استفزازها، يطرح عدة تساؤلات، حول دلالات الانسحاب، وهل في ذلك إخلاء للمسؤولية من جانب المملكة من أي تطورات قد تحدث؟ أم أن الأمر مرتبط بقرار تكتيكي يجعل الجبهة في موقف ضعف أمام المنتظم الدولي؟، من جهة أخرى هل للتصعيد الذي نهجته مليشيات البوليساريو بمباركة جزائرية، علاقة بطلب المغرب الانضمام للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إكواس" ؟ يرى عبد الرحيم منار السليمي، الأستاذ الجامعي و رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات، في تصريح لموقع "نون بريس" أن "استمرار البوليساريو في المنطقة العازلة وقطعه للطريق البري يجعله يخرق اتفاق وقف اطلاق النار بل أن سلوكه بقطع طريق الشاحنات يتحول الى عدوان في القانون الدولي وعمل من الاعمال الإرهابية". مضيفاً، أنه "في حالة استمرار هذا الوضع فإن المغرب يملك بمقتضى الفصل 51 من ميثاق الأممالمتحدة، حجية الدفاع الشرعي عن النفس، فاستمرار تواجد البوليساريو يجعل الخطر حالا يستدعي الرد عليه في انتظر تدخل الأممالمتحدة" . وقال المحلل السياسي، في معرض قراءته لقرار المغرب سحب قواته من المنطقة، إن قيادات البوليساريو "لم يتوقعوا سيناريو انسحاب المغرب بطريقة أحادية من المنطقة العازلة، وليس لهم جواب لحد الآن سوى أنهم يناورون بادعاءات شرط عودة المفاوضات والمبعوث الأممي إلى المنطقة"، مشيراً إلى أن زعيم الجبهة ينتظر ما ستقرره الجزائر "التي يبدو أن تصارع أجنحتها على خلافة بوتفليقة تجعلهم غير متفقين على الطريقة التي سيدار بها تواجد البوليساريو على مقربة من الطريق البري بين المغرب وموريتانيا في المنطقة العازلة ". من جهة أخرى، أكد منار السليمي، أن طلب المغرب الانضمام لمجموعة دول غرب إفريقيا "إكواس"، يجب قراءته جيداً بطريقة جيواستراتيجية وجيوسياسية، موضحاً أن "الأمر يتعلق بتثبيت لمجال حيوي يطل على دول شمال إفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء، فالمغرب يشارك مع مجموعة لها نفس الأهداف الاقتصادية والتنموية والسياسية". وأضاف رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات، أن المغرب بانضمامه إلى هذه المجموعة الاقتصادية، "سيترك الدول المغاربية أمام مسؤوليتها مع الجزائر التي تنشر الفوضى في ليبيا وتونس ومالي وتريد إيصالها إلى موريتانيا". ونبّه الأستاذ بجامعة محمد الخامس إلى أن "الانضمام لهذه المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا أول مؤشر على بداية وضع الهياكل الأولى لخط أنابيب الغاز بين نيجريا والمغرب عبر غرب إفريقيا، فالمغرب انتقل الى العمل مباشرة بعد عودته للاتحاد الافريقي، ووجوده داخل المجموعة التي تنتمي دولها للاتحاد الافريقي يخلق كثلة سيكون لها تأثيرها في قرارات الاتحاد ودفعه نحو مقاربة البناء التنموي ،الشيء الذي يعني بناء كتلة جديدة مضادة للجزائر وجنوب إفريقيا داخل الاتحاد الافريقي".