يحكى أن أصل هذه المقولة الذائعة الصيت يعود إلى مدينة حلب السورية ،لصاحبها "علي بن منفذ" ،الذي لقب ب"سديد الملك" صاحب قلعة شيرز. عرف ابن المنفذ برجاحة عقله وفطنته ،فر هاربا من حلب عقب خلاف نشب بينه وبين الحاكم "محمود بن مرداس" ،واتقاء لشره اضطر إلى ترك مدينته والنجاة بجلده. بعد انقضاء مدة من الزمن مهاجرا لمدينته ،طلب الحاكم إلى كاتبه أن يكتب لابن المنفذ يستدعيه إلى الرجوع لحلب ،غير أن الكاتب كان من أصدقاء ابن المنفذ وفطن لشر يضمره الحاكم في قلبه لصديقه . كتب كاتب الحاكم رسالة تبدو في ظاهرها عادية جدا ،يحظ من خلالها صديقه إلى العودة إلى الديار ،إلا أنه ختمها بعبارة : (إنَّ شاء الله تعالى) ،حيث جعل النون مشددة ،ويفترض أن تكون ساكنة . أدرك ابن المنفذ بعيد استلامه للرسالة أن الحاكم يكن له الضغينة ويسعى للانتقام منه ،وأدرك أن صديقه الكاتب يحذره من القدوم بتشديد النون ،وكأنه يذكره بقوله تعالى : {إنَّ الملأ يأتمرون بك}. أرسل ابن المنفذ رسالة إلى الحاكم بواحدة أخرى تبدو عادية أيضا يشكره فيها على حسن نيته وثقته به وختمها ب : "إنَّا الخادمُ المقرُّ بالإنعام" بكسر الهمزة وتشديد النون في "إنَّا". أدرك الكاتب أن صديقه استوعب مضمون الرسالة المشفر وعلم تحذيره له وأنه يقصد قوله تعالى : : {إنَّا لن ندخلها أبدًا ما داموا فيها}،ومن حينها لم يعد ابن المنفذ إلى حلب والحاكم ابن مرداس ما يزال فيها ،ومن هذا المنطلق أضحت مقولة "الحكاية فيها إن" شائعة بين الناس ويضرب به المثل في الأمور الغريبة والمضمرة .