الشاعر عبد الحميد العمري يمين الصورة عبد الحميد العمري شاب طموح، غيور، وشاعر كبير جادت به أرض تافيلالت، كثير الميولات متعدد التوجهات في مجال الإبداع. من شعر وقصة ورواية ومقامة وسينما وإعلام... معروف بدفاعه المستميت عن اللغة العربية، وله مواقف ثابتة لا تتحرك مهما كان الثمن، سنتعرف عليها في هذا الحوار الساخن الذي أجريناه معه وهذا نصه: س - أهلا وسهلا بك الأخ عبد الحميد وشكرا على استجابتك لدعوة موقع قصر السوق، في البداية نود أن نعرف من هو عبد الحميد العمري؟ بسم الله الرحمن وصلى الله وسلم على خير من وطئ الثرى ، وهدى الله به الورى، فعليه الله صلى وعليه الله سلم . الحمد لله وحده وكفى أحمده حمد معترف بفضله ، مفتقر لعفوه ومنه، راض بحمكه وعدله ، شكرا لكم على هذه الاستضافة الكريمة وأسأل الله ألا أكون ضيفا ثقيلا عليكم . فما أنا ممن يتقنون فن الحديث عن أنفسهم، فإن وفقت فبها ونعمت ، وإلا فالله أسأل أن يغفر لي زلتي وذنبي . و أعوذ بالله من الغرور والكبر و سوء الذكر . أما بخصوص التعريف فالعبد المفتقر لعفو الله : عبد الحميد محمد العمري من مواليد 22 ذي القعدة 1410 / 16 يونيو 1990 بقصر تشعوفيت ألنيف تنغير، طالب بالكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية، شعبة تنسب إلى الدراسات العربية ، السنة الثانية, ولدت في محيط محافظ علمي أقل ما استفدت منه تعلقي بالكتاب ونهم القراءة . قرأت كتاب الله على يد والدي أمد الله في عمره و حفظه. نشأت في بيئة أمازيغية تعلمت فيها الأخلاق الكريمة والبذل و الاعتزاز بالنفس والثقة فيها. و حصلت على الباكلوريا من ثانوية مولاي رشيد التأهيلية في تخصص اللغة العربية. أحمد الله أن جعلني كثير الميولات متعدد التوجهات في مجال الإبداع. فالشعر والقصة والرواية والمقامة والسينما والإعلام من معارفي ، إذا لم آخذ ببعضها أخذ بي. س - متى وكيف كانت بداياتك الشعرية؟ فلسفتي في مجال الشعر تقول : " الشاعر يولد ولا يصنع "، فمنذ طفولتي كان لي ميل كبير نحو الشعر والأدب بصفة عامة، كنت كثير المطالعة شغوفا بالشعر ولم يكن أحد من أهل بيتي يكتب شعرا أو يقرؤه بشكل مستمر يستدعي الانتباه اللهم إلا ما كان من رائعة البوصيري : البردة . استمتعت بها كثيرا وانطلقت أبحث في كل كتاب عن أبيات شعر أو قصيد ألبي به رغبتي الجامحة في العيش مع هذا الشعر . وقد كان لأبي وإخوتي – بعد الله – فضل كبير علي في ما أنا عليه الآن. فقد كانوا – حفظهم الله – أحرص الناس على تعليمي وتربيتي على محبة العلم؛ إذ كانوا كلما رأوا كتابا أو مجلة قد تنفعني في مسيرتي إلا وقدموه لي في وقت كان أمر الحصول فيه على كتاب أو مجلة شيئا عسيرا في منطقة ألنيف.وفي المرحلة الابتدائية قرأت عددا كبيرا من القصص والكتب والمجلات والأشعار مما وصلت إليه يدي يومذاك. كنت إنسانا عنيدا لا أقبل أن يفوقني أحد في أي مضمار أتنافس معه فيه ، و ليس الأمر حسدا بل اعتزازا وثقة بالنفس لا أكثر. أتذكر نفسي وأنا ابن إحدى عشرة سنة في الأيام الأولى للانتفاضة الثانية أطالع مجلة للأطفال , فأجد قصيدة أو قل محاولة شعرية لطفلة في مثل عمري بعنوان : أختي الفلسطينية , فقلت في نفسي: هل أنا عاجز عن الإتيان بقصيدة كهذه أو أحسن منها؟ ألا أحس أنا بالفلسطينيين كما تحس هذه الفتاة؟ وسرعان ما أخذت قلمي وكتبت محاولة أسميتها : أخي الفلسطيني ردا على تلك الفتاة , ولم تكن لي آنذاك دراية بالمعارضات ولكن أراد الله أن أبدأ مسيرتي بهذه القطعة التي لم تكن موزونة وإنما كانت بمثابة الشعلة التي بدأت بها مسيرتي الشعرية لقد كتبت الشعر دون أن أعرف شيئا عن الوزن والقافية , حتى إذا ما تعلمت الأوزان والقوافي , وأدركت كنه الشعر وجوهره , وجدت نفسي قد كتبت قصائد موزونة مقفاة دون علم مني , فرأيت نفسي مشدودا إلى هذا المجال الذي عشقته وعشقت كل شيء يمت إليه بصلة. س - لماذا القصيدة العمودية بالضبط؟ هذا أمر طبيعي لا يتطلب الجواب عنه غير معرفة بمفهوم الشعر وما يعنيه به العرب القدماء ونحن على دربهم سائرون. لست أعرف في يوم من الأيام أن مفهوما ما يطلق على أمرين أو أكثر . الذي أعرف أن المفهوم محدد ودقيق في أغلب الأحيان خصوصا إذا ما تعلق الأمر بشيء قديم قدم التاريخ، لست أعني بذلك التعاريف التي تعطى صورة عامة عن مفهوم ما، قد نختلف عن أمور جانبية في أمر معين ، لكننا لا نختلف في الأصول وما هو جوهري فكذلك في كل أمور الحياة. الشعر كما نعرفه ويعرفه مَن قبلنا كما يقول الفيومي (770ه) في المصباح المنير : الشعر العربي هو النظم الموزون ، وحَدُّه ما تركب تركبا متعاضدا وكان مقفى موزونا مقصودا به،فما خلا من هذه القيود أو من بعضها فلا يسمى شعرا ولا يسمى قائله شاعرا. ولذا ما ورد في الكتاب أو السنة موزونا فليس بشعر لعدم القصد أو التقفية، وكذلك ما يجري على ألسنة بعض الناس من غير قصد لأنه مأخوذ من شعرت إذا فطنت وعلمت وسمي شاعرا لفطنته وعلمه به فإذا لم يقصد فكأنه لم يشعر به". مشكلة بعض الناس عندنا أنهم يسبقون القصد قبل الموهبة، كل يريد أن يصبح شاعرا و مبدعا فلله نشكو ما نلقى وما نجد. فليس هناك شعر عمودي وآخر بمواصفات أخرى. وأكتب الشعر لأنه أرقى الفنون التعبيرية التي عرفتها البشرية قديما وحديثا. والشاعر ينظر نحو الحياة نظرة شمولية بعيدة عن متناول الناس البسطاء, أعني أن نظرة الشاعر إلى الأشياء تخالف نظرة الآخرين , ومن ثمة فهو قادر على النظر إلى بواطن الأمور في محاولة لاستشراف المستقبل . فالسؤال كان ينبغي أن يكون هكذا: لماذا الشعر وليس النثر؟ وقد أجبت. س - بمن تأثرت في حياتك الشعرية والأدبية؟ أما الشعراء، فإني لم يحركني أحد كما حركني شيخنا أبو الطيب المتنبي، ذلك أنه رجل عظيم خلده شعره من بعده ، بل إنك حينما تقرأ له تحس أن الرجل ما يزال حيا. إنه العبقري الذي عرف الإباء والكرامة والعزة، فاتهم بالكبر ورمي بالنبوة ظلما وعدوانا ، وهو أرفع من ذلك كله، وقد يسر الله للحقيقة رجلا عظيما كشفها ورد كيد الكائدين وهو الأستاذ الشيخ محمود محمد شاكر في كتابه : " المتنبي" . وشاكر رجل عظيم تأثرت به كثيرا ، فهو إمام العربية في عصرنا هذا دون منازع. وتأثرت كذلك بالرافعي الصادق ، وبشوقي وحافظ إبراهيم والبارودي في الشعراء . وفي قدماء الأدباء عبد القاهر الجرجاني والمعري والهمذاني وغيرهم كثير.... س - يقترن اسم عبد الحميد العمري باللغة العربية، ما السر في دفاعك المستميت عن هذه اللغة؟ لست أمُنُّ على هذه اللغة بدفاعي عنها لأن هذا واجب كل من سحرته هذه اللغة وتذوقها، في القديم كان هذا دأب سلفنا الصالح ، وبهذه الطريقة أوصلوا إلينا هذا التراث الزاخر الكثير من العلم والمعرفة ، فلما هانت اللغة على خلفهم صار خلْفا لا خير فيه. ضاع كل ما لنا من عز وهيبة وقوة. ليس بسبب اللغة ولكن بسبب ابتعادنا عن المنهج الرباني الذي سار عليه أسلافنا المهتدون. ولست أرى طريقا للتقدم من جديد والنهضة إلا إذا رجعنا إلى سبب قوتنا . اللغة العربية لغة عجيبة جدا ما تذوقها امرؤ إلا أحبها وما يبغضها إلا من جهل سر بيانها. ثم جاء رجال نذروا أنفسهم لهذه اللغة من أمثال الرافعي وشيخنا محمود محمد شاكر رحمها الله والبارودي وشوقي وحافظ إبراهيم وغيرهم، فجعلونا نتذوق حلاوة هذه اللغة من جديد ، ونحن على دربهم سائرون بحول الله تعالى. هذه اللغة العظيمة يؤسفني أن يدنسها أبناؤها بعلم أو بغير علم ، تدنس في الشارع و المدرسة والثانوية والجامعة . شيء مؤسف فعلا أن تجد أناسا نصبوا مدرسين لهذه اللغة وهم لا يعرفون منها إلا أنها تكتب من اليمين إلى اليسار عكس الفرنسية. فتسمع اللغة تذبح في الأماكن التي يفترض أن يربى فيها أبناؤنا على مبادئ هذه اللغة. هؤلاء الذين يتسجون بطيلسان "الدكتور" وغيرها من الألقاب الجوفاء التي يتزيى بها أكثر من في الجامعات والمدارس ، يستحيي ذو يد في العربية أن يجالسهم ويستمع منهم. و مع ذلك فهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، ألا ساء ما يحكمون. لست أنفي أن هناك رجالا حقا في اللغة ، ولكنهم حالات نادرة إذ أصبحت القاعدة أن يكون """"الدكتور"""" أجوفا وصار من الشذوذ أن تجد إنسانا سويا. الكل يدرك أن الأمر خطير . في العام الماضي كان هناك شيء ما أسموه اليوم العالمي للغة العربية ، وتحدث ناس عن أزمة اللغة العربية وأنها تتعرض للتحقير والذل من أبنائها وغير ذلك من التباكي و الكلام الذي ألفناه من قبل من أمثالهم لكي يوصفوا بالحرص عليها. الأدهى أن أغلب هؤلاء لم يتحدثوا بلغة سليمة ، بل تجرأ بعضهم وتحدث بالعامية وأدخل بعض كلام الأعاجم في كلامه ، وبعضهم لزم القاعدة الغبية: اجزم تسلم. فكانت هذه التي يدافعون عنها – أستغفر الله - كما قال حافظ إبراهيم: سرت لوثة الافرنج فيها كما سرى لعاب الأفاعي في مسيل فرات فجاءت كثوب ضم سبعين رقعة مشكلة الألوان مختلفات هذا بعض ما حدث في ذلك اليوم بالرشيدية ، وفي فاس أيضا كانت هناك فضائح من قوم – لا أدري أتحق فيهم كلمة القوامة أم لا، أما القوامة على الفساد فنعم - ، ولست أحب أن أخوض في ذكر الأسماء لأنها أقل من أن تذكر. كل ما حولنا في هذه الحياة الأدبية الفاسدة كما يصفها الشيخ محمود محمد شاكر يدل على أن اللغة في خطر فعلا ؛ قوم يكتبون شيئا يسمونه شعرا وهو ليس منه في شيء، ويكتبون بلغة لا يربطها بالعربية إلا الحرف ، والمعنى عندهم انحرف عن سكته الصحيحة، فأصبحوا يكتبون بلغة غامضة ركيكة فاسدة ويخفون ضعفهم تحت اسم الرمز والأسطورة والغباء اللغوي، و إعلام لا يعرف أهله الفاعل من المفعول به ولا المنصرف من غيره، و تعليم – أستحيي أن أسميه كذلك - يقدم مادة تعلمية لا هي خير فينفع ولا شر فيُدفع ، إنما هي فساد نقع خيرا. في البداية قلت أنني أدرس بشعبة منتسبة إلى الدراسات العربية – والأمر كذلك – بل إن القائمين عليها لما انتهوا من إنتاج ذلك المقرر العليل السقيم احتاروا في الاسم الذي يختارونه لذلك اللقيط فلم يجدوا له من الأسماء شيئا مناسبا، ثم اهتدى ذكيهم وأشار إلى أن المواد تدرس بالعربية – وأية عربية – فسموها الدراسات العربية والله يشهد إن المنافقين لكاذبون . فكان أمرهم كما يقول المثل: قيل للبغل من أبوك فقال: الفرس خالي . لست أدري والله من أي وجه سميت كذلك؛ أمن كونها تدرس علوم الآلة – المسرح والسينما والثقافة الشعبية و شيء ما يسمى اللسانيات – أم من كون أغلب المدرسين أكفاء في تخصصاتهم. أما والعقل لم يسترح فلا أشهد زورا . الذي نعرفه في اللغة العربية أن يعرف الطالب كيف يتعامل مع المادة اللغوية، وذاك أمر لا يتأتى إلا بمعرفة الطالب لعلوم الآلة الأربعة : النحو والصرف والبلاغة والعروض . هذه هي العربية مع دراسة آدابها شعرا ونثرا. أما أن يخدعني بعضهم بمسميات جوفاء ملؤها الخنوع والخضوع فلا (علم جديد ، علم إنساني عالمي ، دراسة اللغات الإنسانية ) ، لغتنا العربية أقدر و أقوى من أن يدرسنيها مستشرق أعجمي حاقد ، أو أن يملي دروسها علي صرصور أو غيره . فإن يكن قد ضل بهذا قوم منا فلست منهم ، وقديما قال شيخنا أبو الطيب المتنبي : وقد ضل قوم بأصنامهم وأما بزق رياح فلا
إن في الطلبة من لا يعرف الفعل من المصدر ولا الفاعل من المفعول ولا يستطيع أن يؤلف جملة مفيدة، فكيف وصلت هذه اللغة العربية المبتدعة من الزحام ؟ وكيف يريدني هؤلاء أن أتعلم لغتي كما يملي علي الغرب الحاسد الحاقد الفاسد؟ هذا ضرب من الغباء المعرفي والاستحمار المذهبي يمارس في جامعاتنا، وكل ذلك بشعار : كل آت من وراء البحر مقبول وإن كان فيه بذل النفوس. لقد رضيت اليهود والنصارى عنا إذن. وإنا إذن مثلهم . وهذا الذي ذكرته كله، وشيء كثير استحييت من ذكره، يستدعي أن يجند الإنسان نفسه للدفاع عن هذه اللغة مهما كان الثمن. إنني لا أقول أن تعلم لغات الآخرين بدعة، ولكن الذي أرفضه أن تصبح لغة الآخر معيار تعلم لغتي، فإن كان تعلم لغة الآخر- لاتقاء شره كما يزعمون – فرض كفاية، فتعلم لغتي فرض عين. أما الذين يتبجحون باللغات الأجنبية وخصوصا الفرنسية من الطلبة و أصحاب الطيلسان الأجوف (عفوا الدكاترة) ويدخلونها في كلامهم العربي ( إن كان هذا من العقل) ، فنقول لهم: ليس عيبا أن تتعلم لغة الآخر، لكن العيب أن تنسى لغتك ، وتؤثر عليها كلام الآخرين. وأن تكرس وتمدد فترة الاستعمار الثقافي والفكري الذي بلغ أمره منا كل مبلغ. وإني لأقول الكلام نفسه – الكلام عن العربية - عن الأمازيغية ، فلدينا لغتان ينبغي أن نعتني بهما وندرسهما، فإذا انتهينا منهما – وما أظننا ننتهي – صرنا إلى غيرهما. س - ما هي الرسالة التي تريد إيصالها للمجتمع بشعرك؟ رسالتي في الشعر واضحة أبوح بها في كل ما أنظمه شعرا، وما أكتبه نثرا. إنها رسالة الإبداع الملتزم الذي نادى به العمالقة من قبلي : الرافعي وشاكر و شكيب أرسلان وغيرهم. إن أمتنا الإسلامية في حاجة إلى مبدعين في شتى المجالات، إذ أن الإبداع كفيل برفع هامة الأمة المجروحة عاليا في المجال العلمي أو الأدبي. لكن ليس كل إبداع قادرا على عمل هذا التحول على النحو الذي نتطلع إليه, وإلا فالمبدعون كثر وإبداعاتهم أكثر ، إنما تحتاج الأمة إلى إبداع يمثلها حق التمثيل ، ويستطيع أن يحل مشاكلها ويستنهض الهمم للعودة إلى المجد ولبس ثوب العزة والكرامة من جديد بعدما خلق القديم. ولكن أغلب الإبداعات الحالية لا تحقق هذا المطلب؛ بل إنها تجعله بعيدا أحيانا. ثم إن كتابنا ومبدعينا كثيرا ما ينساقون وراء الغرب وقد تخلوا عن مبادئ دينهم وثوابته التي درج عليها المبدعون في عز الدولة الإسلامية ، فكتبوا شعرا ماجنا مخلا بالحياء وروايات تخدش الفضيلة وتقبرها ، وكثر اللغو والفحش في مؤلفاتهم وإبداعاتهم. فكانت النتيجة أن ضعف الإبداع وقصر عن دوره في الدفع بالأمة إلى الأمام، بل إنه يجرها إلى الخلف قسرا . فأي خير ننتظر من إبداع كهذا. إننا نريد الإبداع الذي يخدم الأمة ويرجع لها بريقها وقوتها وعزتها، نريده أن يكون دافقا بمعاني الإسلام السامية، وأن يقدم المبدع نفسه فداء للإسلام ، وينذر حياته لأمته حتى تستعيد مجدها السابق ، و عزها الفائق وفجرها الرائق. وإذا أردنا أن نظفر بالمراد ، فعلينا أن نعيد النظر في إبداعنا الحالي، وأن نقومه ونرممه حتى يستقيم ويستوي قائما، ذلك أنه معتل يحتاج إلى علاج عاجل قبل أن يفارق الحياة. وهذا العلاج يتلخص في تمييز هذا الإبداع عن غيره ، وذلك بتحميله المضامين الإسلامية و طموحات هذه الأمة ، على أن تكون له القدرة على تغيير العقول وشحذ الهمم للثورة على مخلفات الاستعمار وتبعاته الثقافية والاجتماعية ، وأن يكون أمينا في توصيل الرسالة. لهذا آليت على نفسي وعاهدت الله والأمة أن أخدمها بقلمي , لعل ذلك يرجع إليها شيئا من بريقها. أريد أن أقدم غزلا عفيفا نقيا, وشعرا دافقا بمعاني الإسلام السامية، وأن أقدم نفسي فداء للإسلام وأهله علني أكون قلم أمتي وسيفها . والله المستعان في كل ما نرجوه ونأمله. س - ما هي وجهة نظرك تجاه موجة ما يسمى : الشعر الحر؟ الحمد لله الذي عافاني مما ابتلى به غيري، فالشعر ليس حرفة و لا مهنة, وإنما هو إلهام من الخالق عز وجل, إنه موهبة تولد مع المبدع و تصقلها التجارب و الأيام, ويصنعها التطلع والاطلاع. هذا يعني أن مسألة الشعر ليست طوعا لأي كان. الشاعر تبدو أماراته منذ الطفولة وينبغ بمرور الأيام حتى يصبح شاعرا بحق. والشعر قد عرفته من قبل حسب ما أعرف وأعتقد ، ولست أظن أنني سمعت يوما مجنونا يقول: الجبل الثابت أو الراسخ لأن كل الجبال راسخة، وليس ثمة أحمق يقول الجبل المتحرك لأننا نعرف الجبل ثابتا دائما، وفي اللغة العربية لا نلحق الصفة بالاسم إلا إذا اشترك فيه أمران يجمع بينهما أمر ثابت مستقر ويختلفان في أمر فرعي، وفي هذه الحالة نعطي لكل صفته المميزة كأن نقول مثلا : الماء الراكد والجاري فكلا الشيئين ماء ، لكننا نصف لنميز . أما هؤلاء فقد سلكوا أخبث مسلك في هذا الذي يسمونه عمها وسفها ( الشعر الحر). فليس يجمع بينه وبين الشعر غير أنه مكتوب بالعربية وقصد من ذاك الذي كتب ، فلا وزن ولا قافية ولا معنى صحيح ولا نظم ولا صورة – إلا ما يراه العميان بينهم ويرونه صورة رائعة ، فأما المبصرون فلا يلتفتون إليها لأنهم لا يرونها أصلا -، فعلى أي أصل يبنون حكمهم صحيحا؟ قد يكون ما يكتبه بعضهم إبداعا ، لكن لن نسميه شعرا، لأننا نسمي المربع كذلك ما كان متساوي الأضلاع متوازيها قائم الزوايا ، فإن طال أحد الأضلاع سميناه شبه منحرف، وإن طال الإثنين سمي مستطيلا وإن لم تقم زواياه سمي معينا. فما قولك في الشيء خلا من كل ما يعرف به ، أ يسمى بعد ذلك بما سمي الأصل؟ هذا إذا كان من أصله، أما إذا كان دخيلا فما له حظ في الاسم. فالبناء قائم بأركانه، فإن سقط ركن منه انهد البناء كله. وفنون الأدب قوالب ، فأيما إبداع كان عرضناه على القوالب الموجودة، فأيها وافق فهو منها. وإلا فلا يمكن أن نعدل في القالب ليسع الدخيل الجديد. عموما، فهذا الذي يتبجح به هؤلاء أشأم من طويس. فلا مولد يفرح ولا مضمون ولا شكل. أما المولد فعام النكبة ، وأما المضمون فالغزل الفاحش العاري و العربية المسلوبة من جمالها والمعاني التي لا علاقة لها بالألفاظ و الرمز الذي يجمع العربية في بضع كلمات لا معنى لها فاللغة ضائعة إذن، وأما الشكل فهو لباس فرنسي أو إنجليزي و غربي بصفة عامة. لا وزن ولا قافية . فهو رمز الذل والخنوع بكل ما يمكن أن تحتمله هذه الكلمات. ولست أريد أن أفصل في هذا الأمر ، فقد أوردت رأيي في الأمر في كتابي : "الإيداع في الإبداع" ، وسيرى النور بحول الله إن قدر له عما قريب. ولكن الذي أؤكد عليه هو أن هذا " الشعر الحديث" المأخوذ من الحدث الأكبر الذي يستوجب الغسل، لا يمت إلى الشعر بصلة. وإنما هؤلاء المتبجحون به رغم ما الإعلام الأعمى يفعله من أجل رفع راية هذا الدعي، صبيان لم يبلغوا الحلم بعد ضعفوا عن الشعر وطمحوا في الشهرة ، نقول لهم: نحن مستعدون لنتنازل لكم عن الشهرة، ولكن تنازلوا عن الشعر ودعوه لأهله. و مهما يفعل هؤلاء فالشعر منهم بريء براءة الذئب من دم يوسف . إنهم قوم قدموا القصد على الوزن والقافية والحلم على العمل ، فلا كانوا ولا الأمل. ولو صح فعلا أن نأتي بكلام غير موزون ولا مقفى فنسميه شعرا لكان كل ناطق شاعرا. أما الذي يسمونه التفعيلة بدل البيت فلو كنت أعمى البصيرة مثلهم لكان كلامي كله شعرا – إن صح الأمر- ، وأنا قادر على الإتيان بكلام عادي بارد على أي بحر شاؤوا صافيا كان أو غيره، ولكن هل يشفع لي هذا فأسمي قولي ذاك شعرا؟ أما وأنا عاقل ، فلا. ها أنت سميت الذي قالوه شعرا متقنا ، هل ذا الذي سمى خبير أو عليم يحتذي بكلامه والمنهج؟ أظن أن الذي قلت من بحر الكامل، فهل يسمى شعرا؟ كلا. أما الصورة والرمز والأسطورة ففي المقامات صور أحلى من هذا. ولكن الهمذاني والحريري لم يكونا من الشوق إلى الشهرة على أحر من الجمر كما هو حال هؤلاء. إنهم كما قال الرافعي: "ولو أنك سألت العنكبوت : ما هي الظبي الحوراء العيناء التي تطمعين فيها ، وتنصبين لها كل هذه الأشراك و الحبائل؟ لقالت لك: مهلا حتى تقع وتراها. فإذا وقعت ورأيتها ثمة . ورأيتها ذبابة..." جعجعة بلا طحين، جلبة وضجيج من أجل هذا " الشعر" ( أستغفر الله) ، ولا شيء من وراءه، لست أريد ان ألوث الحوار بأقوال من سفاسف هؤلاء، وإذن لرأيت منها الشيء الغريب مما لا يشك مجنون أنه هراء. فحين تسمع أحدهم يتحدث عن إبداعه تتصور المتنبي أتى الدنيا من جديد، فإذا استمعت واطلعت على ما أنجب وجدته روثا لا يصلح حتى لتخصيب الأرض. فيتمثل المرء بالمثل: تمخض الجبل فولد فأرا، أو بقوله تعالى : {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ }المنافقون4 . و أكثر هؤلاء يهرف بما لا يعرف كما يقول المثل، لا لغة ولا أسلوب ولا موضوع، فأي شعر هذا؟ ثم إن الشعر تجارب وإنما الشعر تعبير عن وجهة نظر معينة ينطق به شاعر فتكون القصيدة تعبيرا عن طائفة من الناس ترى ما يراه الشاعر وتؤمن بالذي قاله. فالشعر بلا سامع كحديث النفس يستحيل أن تحرك به مشاعر الآخرين. و رحم الله القائل: " أنا أحب الشعر الرقيق - إشارة منه إلى العمودي – لأن الشعر الحر لم يحفظه احد" وما يحفظ؟ كلام لا هو نظم فيقبل ولا نثر فيفصل. والشعر من قبل ومن بعد حصين منيع كما قال الشاعر: وللشعر حصن قد علت شرفاته منيع عن اللص الذي يتسلق
س - تحدثت قبل قليل عن كتابك الذي سيرى النور قريبا إن شاء الله. هل أعطيتنا فكرة موجزة عن الكتاب؟ أودعت الكتاب نظرتي نحو الإبداع الباني المنتج ، ونظرية العطاء في الإبداع دون تملق. فبدأت بذكر الواقع الحالي والمر لإبداعنا في مجموعة من المجالات، ثم فصلت في النظرية ، وأنعمت النظر في طرق الانفلات من هذا المأزق ، وقدمت رأيي في ذلك وفي العملية الإبداعية وما ينبغي أن تكون عليه، ثم ختمته بمحاولة لإسقاط النظرية على الإبداع بصفة عامة بدءا بالفن مرورا بالتربية وانتهاء بالأدب والشعر منه بصفة أخص. و الكتاب لا يقدم قواعد ذهبية أو وصفات سحرية؛ بل إنه تأمل ووجهة نظر، فإن وفقت فيها، فبها ونعمت . وإلا فإني أسأل الله أجر الاجتهاد. س - فزت بجائزة القلم الذهبي في دورتها الأولى ، ما هو شعورك قبل وبعد الفوز؟ الحمد لله من قبل ومن بعد، مسألة الفوز بالمسابقة بالنسبة لي شيء ثانوي لا أسعى إليه ، لأن رسالتي أكبر من جائزة مادية كانت أو معنوية، رسالتي ورسالة كل ملتزم رسالة بعث لأمة من سباتها. هذا هو الفوز ، أما ما دون ذلك فأمر لا أكاد أعبأ به، ولست أبالي بالمسابقات التي تنظم في هذا الشأن، خصوصا إذا كانت من غير أهل التخصص والالتزام. لما شاركت كنت واثقا مما قدمت، وكنت أقول لمن حولي أنني سأفوز بالمسابقة، وليس الأمر غرورا، لكنها ثقة كبيرة بالنفس تصاحبني في كل ما أقوم به. ولذلك لم يجعلني الفوز بالرتبة الأولى أطير فرحا لأنني لم أحرر القدس ولم أدفع العدو، وإنما أوصلت كلمتي لاستنهاض همم أبناء الأمة. فما ينبغي ان أفرح قبل تحقيق النصر فعلا. كان الأمر بالنسبة لي عاديا جدا ، وأنا ماض في طريقي لن يشعرني فوز بمسابقة بشيء من الغرور. نعم الفوز بمسابقة وطنية تكسب المرء قوة وثقة كبرى بالنفس، لكن لا ينبغي أن يكون هدفه وغايته أن يجمع في بيته الجوائز من كل حدب وصوب وهو أحوج ما يكون لمن يعلمه حروف العربية بشكل صحيح. فالعظماء كلهم ماتوا في صمت ولست بخير منهم. أما الذين يجعلهم الفوز يطيرون من الفرح فأنا أعرف أنهم ليسوا أكثر من طبول جوفاء. س - أكيد لك اهتمام بالمجال السينمائي خاصة فيما يخص التصوير والمونتاج ، هلا حدثتنا عن تجربتك في هذا المجال؟ الحقل السينمائي مجال للإبداع ، والإعلام وجه من وجوه الأمة أيا كانت، وقد كنت شغوفا بمجال الإعلام منذ نعومة أظفاري، وتعلقت بالأفلام التاريخية بشكل ملفت للنظر، ولي تجربة في مجال التصوير التوضيب ( المونتاج ) والإخراج ،استفدت من احتكاكي الكبير بالإعلام وحبي الشديد وافتتاني بالإعلام . وقد رأيت أن مجال السينما قد حرم من الالتزام إلا قليلا، فرأيت نفسي مجبرا على اقتحام هذه الساحة ولو بما أملك من قدرات محدودة وقلة تجربة، ولكن القليل خير من الحرمان. ثم إن منطقتنا مفتقرة إلى هذا المجال بشكل كبير، مع أن الناس تتبع كثيرا ما تنتجه المناطق والدول الأخرى ، فقلت لم لا أبدأ نواة هذا العمل ولو بشكل بسيط عل الله يكتب له النجاح. وفعلا كانت المبادرة ، فأنتجت فيلمي الأول بالأمازيغية : " أبريد ن الخير " أو سبيل الفلاح . كانت الفكرة بسيطة لكنها تهدف إلى الإصلاح والالتزام ، فحقق نجاحا يستحقه فيلم مبتدئ لأول مرة يتولى مخرجه هذه المهمة في مجال السينما بعد تجربة في مجال الفيلم الوثائقي . والحقيقة أن الفيلم شجعني كثيرا في أن أنهل من هذه الثقافة ما استطعت إلى ذلك سبيلا حتى أستطيع في المستقبل إنتاج أفلام في المستوى المطلوب. وفي هذه السنة قمت بإخراج فيلم : العائد ، بالعامية ، وهو في طور التوضيب ولم يخرج بعد للوجود . وهو يحكي عن قصة شاب مدمن على المخدرات ، يسير أينما سار الشيطان، يتعرض لمجموعة من المصائب مما جر عليه إدمانه، فيقرر التوبة ويعود إلى الطريق السوي. وفي الحقيقة كنت أريد الفيلم بالعربية الفصحى، لكن خوفي من أهينها بعمل صغير وممثلين لم يتعودوا بعد على العربية كما ينبغي أن تكون، جعلني أقبل بما دون ذلك. لكنني في المستقبل بحول الله سيكون توجهي في السينما أكثر وضوحا ، وإن كنت غير جاعل هذا المجال ضمن اهتماماتي الكبرى من قبيل الشعر والأدب . رسالتي في السينما واضحة ، وهي نفسها التي قلتها في الشعر والأدب. أما في مجال التصوير والتوضيب ، فلدي تجربة لا بأس بها في هذا المجال، وقد قدمت مجموعة من الأعمال بعضها منشور ، وقمت بتغطيات لمجموعة من الأنشطة محليا و وطنيا. وأنا بعد في الطلب. س - ما هي وجهة نظرك تجاه الحقل السينمائي ببلادنا ؟ هل توجد سينما تستحق أن تسمى كذلك في المغرب؟ سؤال محرج فعلا، يحس الإنسان بالحرج كلما سأل نفسه أو أجابه الواقع: هل هناك سينما ملتزمة فعلا؟ هل هناك سينما بانية؟ في الحقيقة هناك بعض الأفلام والمسلسلات هادفة لكنها تعد على رؤوس الأصابع. وأكثر ما في بلادنا أفلام الخلاعة والبذاءة والخروج عن لباس الحياء بدعوى الواقعية، وأصحاب هذه الأعمال أبعد ما يكونون عن الواقعية. فالواقعية كما يقول الممثل والمخرج المقتدر محمد حسن الجندي: " أن تعرض السينما ما يفترض أن يكون عليه الوضع، لا ما يعيشه". والمركز السينمائي لا يدعم إلا الأفلام التي تهدم ولا تبني، لأن القائمين عليه قوم لا يريدون للأمة أن تعود ، ولا للفساد أن يستأصل من جذوره. والإعلام الوطني – أستغفر الله – لا يقدم من الأفلام بعد الفضلات التركية والمكسيكية والمصرية غير الأعمال التي حجب عنها الحياء والعفة والالتزام . فالفساد مستشر في جسد السينما والمسرح والإعلام. ولكن لا ينبغي أن نبكي على الواقع ونسكت، بل يجب أن نصلح ما استطعنا إلى ذلك سبيلا. نريد لهذه السينما رجالا يبنون صرحا قائما على الالتزام والرسالية والبناء ، والإبداع بعد ذلك حر . نريد سينما وطنية تنتج لنا أفلاما ومسلسلات عن الوطنية وتاريخنا المشرق بدل " كازا نيكرا" ، أفلاما تعلم الفضيلة بدل " حجاب الحب" أفلاما تبني ولا تهدم. ونريد ممثلين من طينة محمد حسن الجندي وأمثاله ممن يرفعون ويبنون ويصلحون. والله نسأل أن يوفقنا لعمل الخير وخير العمل.
س - ما هي مشاريعك الأدبية والفنية المقبلة؟ لدي ديوان شعري ينتظر الطبع ، و كتاب : " الإيداع في الإبداع" الذي حدثتك عنه . و روايتي : " تأبط خيرا" و" شاطئ الذكرى" أرجو أن ترى النور في المستقبل ، ولدينا مشروع أدبي إبداعي كبير إن وفقنا الله سيكون له وقع في الساحة الثقافية الوطنية على الأقل. ولي كتابات وأمور كثيرة ليس من اللازم أن اذكرها حتى تستوي قائمة على عروشها، والله الموفق. كلمة أخيرة، ونرجوا أن تكون عبارة عن أبيات شعرية؟ أشكركم على الاستضافة مجددا ، واسأل الله أن يوفقنا ويوفقكم فيه صلاح هذه الأمة وهذا البلد . ويطيب لي أن اختم كلمتي بقصيدة لي فيها بعض رأيي في الإبداع والشعر ، وقد صدرت بها كتابي الذي ذكرت آنفا، و هي رسالة إلى كل مبدع ، فيها يظهر نهجي الذي ارتضيته في الشعر، ألا وهو نهج الأسلاف والقدماء. أقول فيها: ألَم أذابك أم حبيبك مزمع سفرا فما يشفي غليلك مدمعُ قال العواذل : كم تروح وتغتدي ونراك من فرط الوجوم تتعتع رفقا بقلبك قد عصفت به ولم يذنب ليشقى أو تراق الأدمع فأجبتهم : ما الذنب لي فأصده إني أسرت ، فأي شيء أصنع؟ وبما أسلي ذا الفؤاد وعلتي عشق تقادم في الحشا يتضوع أتظنني - وهما- فطمت من الهوى ما كان ذاكم، إنني لا أسطع بان الأحبة وابتليت بهجرهم لله أشكو ذا الذي أتجرع كيف السبيل لوصلهم، بل كيف لي أن اتقي شوقا بقلبي يرتع؟ شوق تأجج في الفؤاد لوصلهم للنار أشبع من لظاه وأقنع أمسي وأصبح من هواهم وامقا ولها أعذب في الهيام وأرتع تالله ما زاد الفراق جوارحي إلا اشتياقا هائجا لا يردع فلئن توارى بشرهم عن ناظري إني إليهم بالنهى أتطلع ما كنت مصطنعا ولست بمدع في الحب إني موغل متضلع إني لتدفعني القوافي مرغما كيما أقصد ما أقول فأخضع ويظل ينشدها ليظفر جاهدا متشاعر غر أضل فتمصع للشعر أهل يرفعون لواءه وبطانة تفدي القصيد وتبدع أما الأصاغر والإماء فما لهم في الشعر حظ أو يد أو مرتع ما كان يوما للزوائد موئلا حتى يلوذ به الضليل الألكع قل للذين بجهلهم قصدوا العلا علنا وراموا ذا البنا وتطلعوا يرجون مجدا سابغا وكرامة: نعم الرجاء لو استقام المنبع ما المجد إلا أن تعيش لأمة وتنيلها من جهدكم ما تسطع ما العز إلا للذين سعوا إلى مجد أغر ونائل لا يخلع يمضون في عزم وفي حزم أش اوسة لغير إلهم لم يركعوا حملوا اللواء مجاهدين أعزة ليس الزمان بصارم ما أزمعوا فدعوا هواكم ، أدركوا ركب العلا من حيث يحيا لا بحيث يُشَيَّعُ قل للكماة المبدعين تقدموا وخذوا اللواء لعزنا وتجمعوا إنا لأمتنا نريد كرامة وإياب مجد ذاهب فتشجعوا سيروا بخطو ثابت وبحكمة إن الذي يرقى الصعاب المبدع لا تركنوا لبني اللئام وشمروا هذا البناء بكم يشاد ويرفع كونوا لأمتكم حماة، بلغوا للعالمين رسالة ، لا تجزعوا رسلا فكونوا يا رجال إلى الورى بهدى الإله وهديه فلتصدعوا وتسلحوا بالحق ولتتزودوا تقوى وبالصبر الجميل تدرعوا ودعاة إصلاح وشحذ للعلا كونوا إذا رام الثريا الأشجع ما نيل بالإخلاد عز في الورى يوما وما حاز الفضيلة مدقع فلترفعوا علم العلا ولتصنعوا جيل المنى وإلى النبوغ تطلعوا فبكم يرمم ذا البناء ويرتقي وبكم ننال علا ومجدا يرجع فعلى الإله توكلوا وإلى الذرى شدوا الرحال فقد تراءى المطلع