استنفرت مشاريع عقارية متوقفة شمال المملكة مراقبي الهيئة الوطنية للمعلومات المالية، بعد ورود معطيات دقيقة تكشف عن عمليات منظمة لتبييض الأموال عبر أصول عقارية في مدن، على رأسها طنجة. ونقلا عن الجريدة الإلكترونية "هسبريس"، فإن المشتبه فيهم أودعوا مبالغ مالية كبيرة، بلغت 80 في المائة من قيمة الشقق في إقامات سكنية قيد الإنشاء، بواسطة عقود حجز، قبل أن تتوقف الأشغال لسنوات دون استكمال المشاريع أو إصدار شهادات المطابقة لتسليمها للمستفيدين.
المعطيات التي توصلت بها الهيئة جاءت بناء على مراجعة ضريبية واسعة نفذتها مصالح المديرية العامة للضرائب، واستهدفت عدداً من الشركات العقارية في جهة طنجة-تطوان-الحسيمة. وأوضحت التحقيقات ارتفاعاً غير طبيعي في قيمة المخزونات وتكراراً في هويات مودعين ضمن الكشوفات البنكية لهذه الشركات. كما أظهرت الأبحاث أن بعض المشترين يمتلكون حسابات بنكية في المغرب والخارج، ويحملون جنسيات مزدوجة مغربية وإسبانية أو هولندية أو بلجيكية.
وأفادت المصادر ذاتها بأن الأبحاث امتدت إلى العلاقات بين المنعشين العقاريين وزبائنهم، مع ملاحظة أن عدداً من هؤلاء المنعشين يمتهنون أنشطة اقتصادية أخرى كالتصدير والاستيراد والفلاحة. كما تبين وجود مكاتب بيع صورية تستخدم لتبرير قانونية المشاريع، بينما كشفت التدقيقات غياب أي تعاملات عبر القنوات البنكية، إذ تمت الحجوزات بأداء نقدي مباشر، ما عزز الشبهات حول غسل الأموال.
في إطار جهود التصدي لهذه الأنشطة، أحالت الهيئة الوطنية للمعلومات المالية ملفات متعلقة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب على وكلاء الملك بالمحاكم الابتدائية في الرباط والدار البيضاء وفاس ومراكش، إضافة إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط. وبلغ عدد الملفات المحالة 54، مسجلة زيادة سنوية بنسبة 25.58 في المائة. كما تلقت سلطة الرقابة المالية 5171 تصريحاً بالاشتباه بغسل الأموال خلال سنة واحدة، ما يعكس نمواً بنسبة 53.76 في المائة. وأشارت الجريدة ذاتها إلى وجود مؤشرات تواطؤ بين المنعشين العقاريين وزبائن مشتبه فيهم، حيث لوحظ تكرار الحجوزات بأسماء مكررة. كما تبين أن المشاريع الجامدة جرى اختيار مواقعها بعناية للحفاظ على قيمة العقارات وتسهيل إعادة بيعها بسرعة، ما يتيح للمتورطين فرصة تصريف الأموال غير المشروعة عبر هذه العمليات.