فتحت مصالح اليقظة وتحليل المخاطر التابعة للهيئة الوطنية للمعلومات المالية، أبحاثا معمقة بعد تلقيها تصريحات بالاشتباه واردة عن مجموعة بنكية كبرى، حول غسل أموال في أرصدة جامدة بوكالات بنكية متمركزة ضواحي الدارالبيضاء ومراكش. وحسب ما أوردته مصادر مطلعة، فقد وجهت إدارة المجموعة البنكية مراسلة، في إطار التحقق الداخلي وتفعيل مساطر تدبير المخاطر، للجهات المختصة، وذلك من أجل تحديد نشاط ملاك الحسابات المشبوهة، التي تراوحت قيمة المبالغ المودعة فيها بين مليون و3 ملايين درهم. واستنفرت مصالح الهيئة الوطنية للمعلومات المالية مصالحها بخصوص هذه المراسلة، حيث انتقلت إلى السرعة القصوى في تجميع معطيات حول هذه الحسابات، ليتبين أن أصحابها يتوفرون على أكثر من مقاولة، في صيغة شركة ذات مسؤولية محدودة بشريك وحيد (SARL.AU). وإلى جانب ذلك، توصلت التحريات إلى أن المعنيين بالأمر ينشطون في عمليات استيراد سلع استهلاكية وتجهيزات منزلية وإكسسوارات نسائية، مثل حلي الزينة غير الذهبية (البلاكيور)، حيث برزت هوياتهم الشخصية وبيانات مقاولاتهم خلال تتبع هذه العمليات. وأوردت المصادر سالفة الذكر أن المبالغ المودعة بشكل متكرر في الحسابات المذكورة تراوحت بين 50 ألفا و200 ألف درهم، بوتيرة متكررة كل أسبوعين، وهو ما جعل المكلفين بالزبائن في المجموعة البنكية يستشعرون سلوكا غير اعتيادي عند الإيداع من قبل المعنيين بالأبحاث الجارية، من خلال تقديم مبالغ مالية محددة وخلال توقيت زمني معين، على مدى أشهر متتالية. هذا، ووقفت الأبحاث الجارية من قبل الهيئة الوطنية للمعلومات المالية على غياب أي طلبات واردة عن أصحاب الحسابات المشبوهة بشأن الحصول على دفاتر شيكات، حيث تزودوا ببطاقات بنكية صالحة للسحب والأداء، ورقم تعريفي وقن سري خاص بالتطبيق البنكي للحساب فقط، ما أثار الشبهات حول نشاطهم البنكي والمهني. ومن جهة أخرى، كشفت عملية التنقيط البنكي للمعنيين بالأمر على مستوى مركزية بيانات مديرية الرقابة والإشراف البنكي لدى بنك المغرب توفرهم على حسابات شخصية ومهنية في أكثر من بنك، تحوي أرصدة بنكية موضوع سحب وإيداع روتيني. ويأتي هذا في الوقت الذي يتصدر فيه القطاع البنكي قائمة مزودي الهيئة الوطنية للمعلومات المالية بتصاريح الاشتباه بغسل الأموال وتمويل الإرهاب، إذ استحوذ على نسبة 34.4 في المائة من مجموع التصاريح بالاشتباه التي تلقتها الهيئة خلال سنة واحدة فقط. وتجدر الإشارة إلى أن الهيئة تحيل الملفات التي تنهي التحقيق بشأنها على القضاء، حيث أحالت على وكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية بالرباط والدارالبيضاء وفاس ومراكش ما مجموعه 54 ملفا، وكذا على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، تتعلق جميعها بأفعال يشتبه في ارتباطها بغسل الأموال وتمويل الإرهاب.