استنفرت شبهات تبييض أموال بصالونات تجميل في الدارالبيضاء مصالح الرقابة المالية، إذ انتقلت التحقيقات إلى السرعة القصوى بناء على تبليغ بالاشتباه وارد من مؤسسة بنكية رصدت عمليات إيداع لمبالغ نقدية مهمة في حساب مقاولة مسيرة لصالون تجميل بضواحي العاصمة الاقتصادية. وأفادت مصادر مطلعة هسبريس بأن المبالغ النقدية المودعة أثارت شكوك المكلفين بالزبائن لدى الوكالة البنكية، خصوصا أن القطاع الائتماني الذي تنشط فيه هذه الوكالة لا يوحي بحجم الرواج المحقق من قبل صالون التجميل الذي يتخذ شكل مقاولة تتوفر على حساب جار وأجراء مصرح بهم لدى صندوق الضمان الاجتماعي، ومتعاملين من المزودين، يقتطعون كل أسبوع مبالغ مهمة من حساب المقاولة بواسطة شيكات نافذة الأداء. وأضافت المصادر ذاتها أن التصريح بالاشتباه في حالات تبييض الأموال يندرج ضمن التدابير الملزمة للبنوك، بموجب قيود فرضها بنك المغرب والهيئة الوطنية للمعلومات المالية، في سياق مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، موضحا أن التحقيقات الجارية من قبل مصالح الرقابة المالية قادت خلال البحث حول هوية المساهمين بالمقاولة المشتبه فيها والمتعاملين معها إلى رصد مجموعة من الاختلالات المحاسباتية، عبر استغلال فواتير وهمية للتزود بسلع وأجهزة مرتفعة القيمة. واعتمدت مصالح الرقابة المالية على قنوات تبادل المعلومات الإلكترونية لتتبع معاملات المقاولة المشتبه فيها مع بنوك شريكة ومصالح المراقبة الضريبية وصندوق الضمان الاجتماعي، وكذا وكالات لتحويل الأموال، حيث تم رصد إفراط مسيري المقاولة في استعمال الأوراق النقدية خلال معاملاتهم التجارية، خصوصا مع مزودين ومقدمي خدمات، في شكل بناء وأشغال صيانة دورية لمركز التجميل. وأكدت المصادر نفسها اعتماد مسيري المقاولة على شيكات تحمل توقيعات مزدوجة مع ختم المؤسسة عند الأداء لفائدة متعاملين، مقابل فواتير تم التثبت من عدم صحتها، باعتبارها صادرة عن مقاولات تنشط في "التفاوض التجاري" (Négoce) بشكل ثانوي، وتمتهن نشاطا رئيسيا بعيدا عن مجال معاملات صالونات التجميل، حيث جرى تضمين التصريحات الجبائية عددا كبيرا من هذه الفواتير. وتجري عملية التصريح بالاشتباه بحالات غسل الأموال انطلاقا من الوكالات أو المقرات المركزية للبنوك نحو مديرية الرقابة والإشراف البنكي التابعة لبنك المغرب، قبل تحويل المعطيات إلى الهيئة الوطنية للمعلومات المالية ومكتب الرصف والمديرية العامة للضرائب، وغيرها من مصالح الرقابة المالية المعنية بمكافحة الظاهرة، التي تحيل بعد إنجاز التحقيقات اللازمة الملفات على النيابة العامة المختصة. واستندت التحقيقات الجارية إلى عمليات اقتناء عدد كبير من "السيارات النفعية" وإدراجها ضمن التكاليف العامة ضمن التصريحات الجبائية للمقاولة المشتبه فيها، بما لا يتناسب مع حجم رواج مجال نشاط المقاولة والموقع الخاص بصالون التجميل الذي تستغله، فيما كشفت المصادر تورط محاسبين في عمليات توضيب التصريحات الضريبية المغلوطة. ومكن تبادل المعطيات مع إدارات شريكة مصالح الرقابة المالية من رصد استغلال أحد مسيري الشركة بطاقة إقامة بصفة قانونية في فرنسا، من أجل تبرير نفقات "أسفار عمل" وتكاليف تكوينات في مجال تخصص المقاولة المشتبه فيها.