انتقل التنسيق بين المديرية العامة للضرائب ومصالح بنك المغرب إلى السرعة القصوى، للتحقيق في حسابات بنكية سرية لمتهربين، وذلك في سياق عملية مراقبة واسعة، استهدفت تجارة الفواتير والتملص من التصريح بعمليات تجارية بدون فواتير، إذ رصد مراقبو الضرائب عمليات مشبوهة في هذا الشأن، قفز ملزمون على إيداع قيمتها في الحسابات الجارية لشركاتهم، ليحولوا المبالغ المتحصل عليها إلى حسابات أخرى تحت اسم (comptes courants d associés créditeurs)، لغاية التهرب من تبريرها عند المراقبة الضريبية. وأفاد مصدر مطلع، أن هذه العمليات المرصودة حرمت خزينة الدولة من مداخيل مالية مهمة عن الضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الشركات، موضحا أن حالات التهرب المشتبه فيها، موضوع البحث عن الحسابات البنكية السرية لأصحابها، ترتبط بمقاولات صغيرة ومتوسطة، مصرحة بعجز مالي مزمن منذ أربع سنوات، مشددا على أن مراقبي الضرائب سيستعينون في ضبط المتهربين بمعطيات متحصل عليها، في إطار تبادل المعلومات بين الإدارات العمومية، من الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
وكشف المصدر وفق ما نقلته يومية "الصباح"، عن لجوء مجموعة من المتهربين إلى الحسابات البنكية السرية، بعد تضييق الخناق عليهم في تجارة الفواتير، مؤكدا أن المراقبين تمكنوا من محاصرة هذه الظاهرة، بعد تعدد قنوات التثبت من التصريحات وتحديد هوية المتعاملين، من خلال أرقام بطاقات التعريف الوطنية والتعريف الجبائي، وشهادة التعريف الموحد للمقاولات (ICE)، مشددا على أن هذه المعطيات مكنتهم من إحداث قاعدة بيانات ضخمة، تم استغلالها في توجيه المراقبة وتحديد الفئات المستهدفة من الملزمين.
وأكد المصدر ضبط مراقبي الضرائب حالات تهرب من أداء الضريبة على القيمة المضافة، عبر إخفاء فواتير بيع بعض السلع المسوقة قبل نهاية السنة، ووضعها في الدرجة الرابعة الخاصة بالديون لدى الغير، ضمن الحصيلة المالية السنوية، مشددا على أن هذه الحيلة تعتمد في الأنشطة الخاضعة للضريبة على القيمة المضافة، إلى جانب حيل أخرى لتضخيم النفقات وتقليص الأرباح، أبرزها يرتبط باقتناء الفواتير من مصادر مجهولة لتبرير تكاليف إضافية.
وأوضح المصدر أن المصرحين المشتبه في استخدامهم حسابات بنكية سرية للتهرب من أداء واجباتهم الضريبية، جرى رصدهم عبر نظام جديد للمراجعة المحاسباتية، يعتمد على 120 معيارا، يتيح التحديد الأوتوماتيكي للتصريحات المشبوهة، منبها إلى أن النظام المعلوماتي يتتبع جميع التصريحات، دون إدراك هوية أصحابها، إذ تمت برمجته على البحث العشوائي، لغاية ضمان المزيد من الشفافية عند المراجعة.
ومكنت عمليات المراقبة الضريبية من تحصيل 12 مليار درهم، من أصل مداخيل بقيمة 128 مليار درهم، حصلتها المديرية العامة للضرائب، إذ تمركزت هذه العمليات وسيلة فعالة لتحصيل العائدات الجبائية، الأمر الذي دفع المديرية إلى تخصيص ألف موظف لمهام المراجعة الضريبية، ما سيسمح برفع عدد عمليات المراقبة بزائد 41 % بنهاية السنة الجارية، لغاية بلوغ خمسة آلاف و600 ملف، مقابل ثلاثة آلاف و977 ملفا خلال السنة الماضية.