أكد عمر فرج، المدير العام لإدارة الضرائب بوزارة المالية، أن اعتماد الرقمنة في استخلاص الضرائب، مكن من حل كثير من مشاكل استخلاص الضريبة ومراقبة الأداء، وكشف أن تقليص لجوء الملزم بالضريبة إلى الإدارة يساعد على الشفافية. ما الهدف من الإجراءات الضريبية التي أتى بها مشروع قانون المالية لسنة 2018؟ كما تعلمون، تعرف هذه الفترة الزمنية حوارا سياسيا بين الحكومة ومجلسي النواب والمستشارين، في إطار طرح ومناقشة مشروع قانون المالية، ينتهي خلالها الدور الاستشاري التقني للمديرية العامة للضرائب. ويبقى هذا المشروع مرحليا وقابلا للتغيير. ومع ذلك، يمكنني أن أقول إن عدة إجراءات ضريبية من مشروع القانون قد انكبت على مجال تشجيع الاستثمار والنهوض بالتشغيل. ما هي الإجراءات الجديدة التي تطبقها إدارة الضرائب لتحسين تحصيل الضرائب؟ تحسين تحصيل الضرائب يعد من بين الأهداف الأساسية للإدارة الضريبية. ولأجل تحقيق هذه الغاية، اعتمدنا منهجية مبنية على ثلاث ركائز أساسية: تطوير مهارات رجال ونساء المؤسسة، وتحسين جودة البيانات، والارتقاء بجودة الخدمات. كما أننا نعمل على تعميم رقمنة مساطر العلاقات الإدارية مع الملزمين، وإغناء نظامنا المعلوماتي، وتطوير قدراته الاستنتاجية، وفتحه على أنظمة معلوماتية أخرى، لغاية تحسين المردودية العامة للإدارة. وقد ارتأينا منذ البداية ألا يبقى الملزم مجبرا على القدوم إلى المديرية لمعالجة شؤونه الضريبية، وبذلنا كل الجهود من أجل تمكينه من القيام بذلك عن بعد. لكن هذا لا يعني أن المديرية العامة للضرائب قد تجردت من دورها في مرافقة ومساعدة الملزمين، إذ بإمكان أي مواطن المجيء إلى مكاتب الإدارة، ولكن فقط في الحالات المعقدة أو لإيجاد حلول خاصة لحالات استثنائية. في إطار هذا الانفتاح، هل تتوفر إدارة الضرائب اليوم على حق الاطلاع على قاعدة بيانات وزارة النقل المتعلقة بالبطائق الرمادية لمعرفة عدد الذين لم يؤدوا الفينييت؟ بل أكثر من ذلك، إنها اللبنة الأساسية التي بني عليها النظام الجديد لتسديد الضريبة الخصوصية السنوية على السيارات. وفعلا، قد مكننا إرساء رقمنة عملية دفع الضريبة السنوية على السيارات، من مطالبة الذين لم يدفعوا الضريبة بتسوية وضعيتهم بعد أن كانت هذه العملية، سابقا، رهينة بظروف المراقبة الطرقية. وهكذا، خلال سنة 2017، تم إرسال 130.932 إشعارا لغير الملتزمين لحثهم على الدفع. كم هي نسبة الأداء الإلكتروني للضرائب مقارنة مع الأداء النقدي؟ هدفنا النهائي هو بلوغ نسبة 100٪ من الأداءات الإلكترونية في أفق سنة 2018 على أقصى تقدير. ونحن قريبون جدا من تحقيق هذا الهدف، فإلى غاية الثاني من أكتوبر الجاري، وصل عدد الإقرارات المودعة بطريقة إلكترونية إلى 2.576.270 إقرارا، أي بنسبة تناهز 88,6٪ من مجموع الإقرارات. أما فيما يخص الأداء الإلكتروني، فقد بلغت نسبته 80,9٪ من مجموع الأداءات خلال نفس المدة. هل تم تحسين مراقبة التصريحات الضريبية للمقاولات؟ لقد اعتمدنا أساسا على تطوير نظام معلومات شامل ومدمج، وعلى الرفع من عدد المفتشين المختصين في المراقبة. أولا، على مستوى الإدارة، يسمح هذا النظام بالإحاطة بمختلف ملفات الملزم، من إقرارات وأداءات واسترجاعات ومراقبات ونزاعات تهم مختلف الضرائب والرسوم، وتتعلق بكافة نشاطاته على الصعيد الوطني. وعلى صعيد آخر، يمكّن هذا النظام من إلقاء نظرة أفقية على المعدلات المتداولة في مهنته أو نشاطه، من أرباح وتكاليف ومدة احتمال العجز إلى غير ذلك. ونحن الآن بصدد تطوير نظامنا هذا للقيام بمراقبة أولية تلقائية للإقرارات والترصد الآني، للذين لا يلتزمون بواجباتهم الضريبية. ويجب التأكيد هنا أن الهدف ليس، كما يعتقد البعض، هو المراجعة المنهجية للتصريحات قصد تحصيل مبالغ أكثر من هذه المراقبة، بل المراد هو تقليص هامش الغش إلى أقصى حد، عن طريق تشجيع الامتثال الضريبي الطوعي، والدليل على ذلك إدراج تدبير تشريعي جديد في قانون المالية لسنة 2016، يسمح للملزمين بإيداع إقرار تصحيحي من تلقاء أنفسهم أو حينما تخبرهم الإدارة بأخطاء مادية مرتكبة على مستوى إقراراتهم. ما هي الآليات الجديدة التي تستعملها المديرية العامة للضرائب لمواجهة التلاعبات والتهرب؟ نرتكز في هذا الشأن على ثلاث وسائل: أولا اعتماد نظام آلي لتصنيف المخاطر لاختيار المقاولات التي ستخضع للمراقبة، وذلك لضمان الشفافية التامة وواجب التجرد، حيث يعتمد هذا النظام على معايير تحليل موضوعية. وثانيا، نولي اهتماما كبيرا للمراقبة الأولية فور التوصل بالإقرارات، قصد الإسراع بتصحيح الأخطاء بالتراضي مع الملزمين واجتناب أي مضاعفات. والنقطة الثالثة تهم تقليص مدة تواجدنا بين جدران المقاولات ما أمكن، باعتبار الأهمية التي نوليها لدور المقاولة الاقتصادي والاجتماعي، والذي يحتم علينا الحد من الأثر السلبي الناتج عن طول مدة المراقبة الميدانية. ولتحقيق ذلك، أصبحنا نولي اهتماما بالغا لفترة الإعداد الجيد للمراقبة، حيث يصبح تدخل المفتش قصيرا وهادفا. وأخيرا، نعتمد في مقاربتنا هاته على الرفع من عدد المفتشين وتطوير خبراتهم التقنية. رغم ذلك يبقى عدد المفتشين والمراقبين ضئيلا أمام امتداد النسيج الاقتصادي؟ من النتائج المحمودة للرقمنة هي التمكن تدريجيا من تخصيص حيز وافر من مواردنا البشرية للقيام بمراقبة ضريبية ذات قيمة عالية. وقد بلغ عدد المفتشين المحققين إلى يومنا هذا ما مجموعه 395 مفتشا، بعدما قامت الإدارة العامة للضرائب بانتقاء 100 مفتش برسم سنة 2016. ومن المنتظر أن يصل هذا العدد إلى 700 مفتش في غضون هذه السنة، ليبلغ الألف سنة 2018، عن طريق إعادة انتشار الموظفين وتكوينهم للقيام بهذه المهمة. وعمليا، فقد حقق عدد الملفات المفتحصة ميدانيا نموا مميزا بلغ 50٪ بين سنتي 2015 و2016. هناك عدد كبير من الشركات التي تعلن أنها لا تحقق أرباحا، لتتهرب من الضرائب، كيف تتم مراقبتها؟ لقد لمستم نقطة نوليها اهتماما كبيرا، إذ نعتمد كثيرا في هذا المجال على مرونة وقدرات نظامنا المعلوماتي لتقصي المعطيات بطريقة أفقية، مندمجة ومنفتحة على المعطيات المتوفرة لدى شركائنا. وذلك في إطار منهجية تقوم على الاستباقية واليقظة والمراقبة. وقد ضاعفنا جهودنا لمعالجة الملفات الخاصة بالشركات المصرحة بحصيلة سالبة غير مبررة لمدة طويلة. ولن نقتصر على ذلك، حيث سنتابع بكل حزم المتهربين من أداء الضريبة على القيمة المضافة، التي نعتبر أن عدم تأديتها يعد من أخطر درجات الجرم الاقتصادي. وأذكر كذلك المراقبة الدقيقة التي نشنها لتحليل مستوى المداخيل المصرح بها من طرف المهنيين، ولضبط الأنشطة المزاولة في القطاع غير المهيكل، بواسطة تقاطع المعلومات التي نتوفر عليها داخل وخارج المديرية، والتي صارت تتزايد يوما بعد يوم بفضل شراكاتنا المتعددة. ما هي جهود المديرية لضمان شفافية المراقبة والحد من الرشوة في القطاع. وكم حجم هذه الظاهرة والإجراءات العقابية التي تتخذونها سنويا؟ أهم إجراء عام في هذا المجال، يهم تقليص أسباب تواجد الملزمين في ردهات الإدارة الضريبية، عن طريق رقمنة جل المساطر الإدارية كما ذكرت. وفيما يخص المراقبة الضريبية، نقوم بالتأطير التام للعمليات المنجزة في هذا الشأن، ابتداء من البرمجة الآلية وانتهاءً بتهيئ تقرير مصادق عليه من طرف كافة المسؤولين التراتبيين. ونعمل كذلك على تحسين طرق التفتيش والتدقيق داخل المصالح اللامركزية، وعلى برمجة مهام تفتيش وتدقيق تخص تصرفات بعض المسؤولين في الإدارة الضريبية. قلتم في أول لقائنا إن إدارة الضرائب بدأت في تبادل المعلومات مع إدارة الجمارك، ما أهمية هذه العملية ونتائجها؟ فعلا، نقوم بتبادل المعلومات بطريقة تلقائية ومستمرة مع إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة. وتبرز أهمية هذا التعاون في مجال اطلاع المديرية العامة للضرائب على المعطيات التي تهم الواردات من سلع وأصول. كما أننا نقوم بعمليات المراقبة المشتركة بين الإدارات المعنية بالغش والتهرب الضريبيين، وخاصة إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، التي باشرنا معها 105 عملية مراقبة خلال سنة 2016. سبق أن أثير جدل حول لجوء إدارة الضرائب لاستخلاص الضريبة من الحسابات البنكية للأشخاص، هل هذا الإجراء لازال معمولا به؟ أؤكد أن مسطرة الإشعار للغير الحائز جد مؤطرة ولا تستعمل إلا في حالات المديونية بمبالغ كبرى. ويلجأ إلى الإشعار للغير الحائز في الوقت المناسب مع ضمان كون جميع الشروط القانونية قد استوفيت، وأن مراحل المسطرة المنصوص عليها في هذا الإطار قد احترمت بدقة. كما أن إجراءات التحصيل الجبري لا تتخذ إلا بعد استنفاذ جميع وسائل التسوية الطوعية، ومنها منح جدول زمني للدفع أو الإعفاء من نسبة زيادات التأخير، إلى غير ذلك مما يسمح به القانون. بذلت وزارة المالية مجهودا كبيرا لإعادة الضريبة على القيمة المضافة للشركات. كم وصل المبلغ المؤدى للشركات لحد الآن؟ فعلا، بذل مجهود كبير في هذا المجال، سواء على مستوى التدبير، حيث أحدثت مسطرة FIFO، أي "من أتى أولا يُخدم أولا"، أو على مستوى المبالغ المرجعة إجماليا في إطار مجموع الضرائب، والتي بلغت 9359 مليون درهم سنة 2016، استفاد الخاضعون للضريبة على القيمة المضافة منها بنسبة 86,62٪. كم حجم المنازعات الضريبية، وما هي المشاكل التي تطرحها، وكيف يتم التعامل معها؟ نولي اهتماما بالغا لمتابعة هذه المنازعات من خلال تقارير يومية، لأن ذلك يظهر مدى تطور أداء منظومتنا الضريبية. والمنهجية المتبعة في هذا الإطار هي وقائية، حيث نحاول الحد من الشكايات والمنازعات بالتحليل الدقيق للظروف المنشئة لها ومعالجتها في المصدر. فمثلا، نسقط الضريبة بصورة تلقائية عند ثبوت خطاء إداري دون انتظار شكاية الملزم. وسنحقق هذه السنة هدف تصفية مجموع الشكايات المتبقية من فترة ما قبل سنة 2017، والتي بلغ عددها 7800 ملف. وسنجند أنفسنا الآن للانتهاء من معالجة ملفات 2017 في أقرب الآجال. والجدير بالذكر أن 40٪ من الشكايات تهم الضرائب المحلية، في حين تتعلق 33٪ بالضريبة على الدخل، و6٪ بالضريبة على الشركات، كما تخص 3٪ منها الضريبة على القيمة المضافة، و 18٪ رسوم التسجيل والتنبر. وإلى جانب ذلك، نعمل على تحسين جودة معالجة الشؤون القضائية بنهج يقظة قانونية عملية، تمكننا من تحليل جميع القرارات القضائية، والوقوف على الاختلافات الحاصلة في تفسير بعض النصوص الغامضة، أو صعوبة تطبيق بعض المقتضيات القانونية، الشيء الذي مكننا من اتخاذ تدابير تصحيحية على مستوى النصوص أو الإجراءات الإدارية. ومهما آلت إليه القرارات القضائية، فقد اتخذنا التدابير اللازمة للسهر على تنفيذ الأحكام النهائية، سواء كانت لصالح الملزم أو الإدارة، في مدة لا تتعدى الشهر الواحد. بخصوص الضريبة على بيع العقارات، قامت إدارة الضرائب بتسعير الأحياء في العاصمة الرباط، لتفادي المنازعات، هل تم تعميم هذه التجربة، وما نتائجها؟ وصل عدد المدن المدرجة في مرجع الأثمان العقارية 35 مدينة. ويهدف هذا الإجراء الهام إلى تدعيم الشفافية وإرساء علاقات الثقة مع الملزمين. وعمليا، تمثل الأثمان المعتمدة في هذا المرجع متوسط الأثمان المسجلة داخل كل منطقة بالنسبة لنفس النوع من العقار. ويظل للملزم الحق في منازعة هذه الأثمان أمام اللجان والهيئات القضائية طبقا للمساطر القانونية المعمول بها. وتجدر الإشارة إلى أن المرجع يعرف تحيينا دوريا من خلال القيام بعمليات تصحيحية تراعي التطور الذي قد يعرفه سوق العقار. وقد تم تحيين مراجع ست مدن إلى يومنا هذا. وتعتبر حصيلة تطبيق هذا المرجع إيجابية، ويمكن الاستدلال على ذلك عبر ارتفاع عدد التصاريح بالبيوعات العقارية التي تطابق أو تفوق معطياتها ما هو محدد في مرجعية أسعار العقار من نسبة 49٪ سنة 2015 إلى نسبة 58٪ سنة 2016. هذا ونحن بصدد تدارس مرجع مشترك مع الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية.