وجه ادريس جطو، رئيس المجلس الأعلى للحسابات، انتقادات شديدة إلى اتفاقات الصلح المبرمة بين المديرية العامة للضرائب والمنعشين العقاريين؛ معتبرا أن هذا النهج شجع ظاهرة عدم التصريح بالمبلغ الكلي للبيع «النوار»، وساهم في انتشار ممارسة التصريحات الضريبية الناقصة بالنسبة إلى قطاع يحقق هوامش ربح هامة. وقال جطو، في التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات، الذي نشر مؤخرا، إنه نظرا إلى شيوع ممارسة التصريحات الضريبية الناقصة من طرف المنعشين العقاريين، بالرغم من المستوى العالي لهامش الربح، فقد أبرمت المديرية العامة للضرائب مع ممثلي المنعشين منذ سنة 2008 اتفاقات ذات طابع حبي تقضي بوضع هؤلاء لتصريحات تصحيحية من أجل الزيادة في مبلغ الضريبة، وذلك على أساس مذكرة اتفاق بين المنعش العقاري وإدارة الضرائب، وهو ما يثير عدة ملاحظات، أهمها: إبرام اتفاق عام مع قطاع الإنعاش العقاري برمته، في حين كان من الممكن أن يتم إبرام هذه الاتفاقات بشكل فردي؛ ثم إبرام اتفاقيات تعتبر، عمليا، بمثابة تخل عن التصحيحات الضريبية؛ بالإضافة إلى أن هذه الاتفاقات تمت قبل الشروع في المراقبة أو مباشرة بعد الشروع فيها؛ ناهيك عن عدم وضع التصريحات التصحيحية المنصوص عليها في الاتفاقات. وأكد تقرير المجلس الأعلى للحسابات أن إدارة الضرائب تلجأ، في بعض الأحيان، إلى إبرام اتفاقات صلح مع المنعشين العقاريين في غياب إشعار هؤلاء بالمراجعات المتخذة في حقهم، وكذا دون إجراء أية مراقبة أو عن طريق مراقبات جزئية؛ مشيرا إلى أن المراقبة تنحصر فقط في إرسال الإشعار بالمراقبة دون أن يتم ذلك فعلا على أرض الواقع، وهو ما يخل بمبدأ العدالة الجبائية بين الملزمين، إذ إنه لا يتم اعتماد عنصر موضوعي لتحديد مبلغ الاتفاق. ويضيف التقرير أنه يلاحظ، في بعض المديريات الجهوية للضريبة، أن مكاتب المراقبة لا تقوم بمراقبة العمليات العقارية التي ينجزها المنعشون العقاريون؛ وغالبا ما لا يتم استغلال المعلومات المتوفرة عند هذه المكاتب من أجل اقتراح القيام بمراجعات لتصاريح بعض المنعشين العقاريين الذين يصرحون بأثمنة هزيلة وغير مطابقة للواقع. وكان يوسف بنمنصور، رئيس الفيدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين، طالب، مؤخرا، بضرورة استمرار النظام التحفيزي الضريبي الذي يستفيد منه المنعشون، خاصة في مجال السكن الاجتماعي. واعتبر بنمنصور أنه، من أجل تقليص العجز الهيكلي في قطاع السكن من 840 ألف وحدة في 2011 إلى 400 ألف وحدة في 2016، وتلبية الحاجيات التي تتراوح ما بين 250 ألف وحدة وأزيد من 368 ألف وحدة في أفق 2020، فإنه من الضروري مواصلة٬ بل تحسين النظام التحفيزي الحالي. وأبرز أن عدد العقود الموقعة إلى نهاية غشت الماضي بلغ 546 عقدا٬ تم توقيعها من طرف 435 من المنعشين الذين التزموا بإنجاز 979 ألف وحدة سكنية اجتماعية٬ منهم 368 منعشا صغيرا ومتوسطا٬ و57 شخصا ذاتيا٬ و10 مجموعات؛ مشيرا إلى أن استئناف التحفيزات الضريبية لم يمكن فقط من إعادة إطلاق دينامية السكن الاجتماعي٬ وإنما فتح أيضا المجال أمام منعشين جدد ساهموا لأول مرة في هذا الورش الوطني.