تظل المسالك والطرق الجبلية الهاجس الأكبر والمطلب الأساسي لساكنة دواوير اغرغر وتماجوط واكديمن بإقليمي بني ملال وأزيلال إلى جانب احتياجات أخرى يرتبط توفرها لصيقا بالعنصر الأول كالصحة والتعليم والتشغيل… وهذا ما عبرت عنه واحدة من نساء "اغرغر" قائلة "إلى كاين الطريق كاين كلشي". محمد اوموح واحد من ساكنة دوار تامجرجت التابع للجماعة الترابية فم العنصر بإقليم بني ملال، وأب لخمسة أطفال وصف الظروف التي يعيشونها في مثل هذه الفترة من السنة بالصعبة، وعزى ذلك إلى قلة الإمكانيات وعدم وجود مورد دخل قار يعينه على تلبية احتياجات أبنائه وتوفير سكن لائق يحميهم من شدة البرد وقساوة المناخ. يقول محمد "كنت أقطن رفقة أسرتي بدوار اقنتوت لكن السقوط الكثيف للثلوج جعلني أهجر تلك المنطقة وانتقل إلى تامجرجت بعدما قمت ببناء هذا المنزل البسيط بالحجر والطين"،"والجو هنا بارد جدا سواء بوجود الثلج أو بعدمه"، يضيف محمد. أسرة محمد الصغيرة تضطر لجمع الأفرشة والأغطية كل يوم حتى لا تتعرض للإتلاف والبلل والاختلاط بالوحل لكون أرضية المنزل من تراب فقط وسقفه المصنوع من القصب والوحل والمغطى بالبلاستيك، لم يكن كافيا لوقايتهم من تسرب قطرات الأمطار. "هناك حوالي 80 أسرة بدوار تامجرجت ونحتاج إلى الماء" يقول محمد، "فزوجتي وباقي النساء يغادرن المنازل في الثامنة صباحا ولا يعدن إلا في الثانية عشرة زوالا وأحيانا الثانية بعد الزوال لجلب الماء، غير أن أخريات يقضين نفس المدة وأكثر للبحث عن حطب التدفئة وزادنا الذي لا يمكن أن نستغني عنه أمام الانخفاض الشديد في درجات الحرارة التي تعرفها المنطقة"، ملوحا بيده إلى أكوام الخشب المحيطة بمنزله المتواضع ،"كما أن ابني الوحيد الذي يتابع دراسته الآن بمدرسة "مودج" ينقطع عن الدراسة وقت هطول الأمطار وتساقط الثلوج لأنه مجبر على قطع 5 كيلومترات مشيا على الأقدام وهي نفس الأسباب التي حالت دون تمدرس باقي أبنائي وانقطاعهم عن الدراسة". فاطمة صالح واحدة من نساء دوار اغرغر ايت سعيد وأم لأربعة أطفال قصدت، منطقة تيزي "تاصميت" السياحية المشهورة ببني ملال، حاملة معها بعض البيض والدجاج لجلب القليل من المال لعله يعينها على اقتناء ما تحتاجه أسرتها وتساعد به زوجها الذي يعتمد فقط على الرعي. فاطمة لم تأتي وحدها بل هناك نساء أخريات وأطفال من دواوير ايت احساين وتامجوط واسكسي قطعن أكثر من ثلاث ساعات مشيا على الأقدام، للحصول على مال زهيد مقابل عرض منتوجاتهن البسيطة كحزم الزعتر وباقي الأعشاب الطبيعية والدجاج والبيض لزوار المنطقة، مستغلين بذلك إزدياد الإقبال على السياحة الجبلية ونزوح ساكنة المدينة نحو هذه الأماكن خلال العطل المدرسية وعطل نهاية الأسبوع للاستجمام والاستمتاع بمناظر الثلوج. فاطمة صالح تقول "بأن ساكنة اغرغر تعيش تحت وطأة التهميش والفقر، وتعاني من كثرة تساقط الثلوج ووعورة المسالك وغياب طرق صالحة ومركز صحي يقدم لهم خدمات استشفائية بسيطة ويستقبل الأطفال، والنساء الحوامل، واللاتي قد يعانين من عسر الولادة، مشيرة إلى أن حالات كثيرة منهن اضطر رجال المنطقة لحملهن على "المرفع" وايصالهن إلى أقرب منطقة قد تصل إليها سيارة الإسعاف".