رأى مسؤولون ومحللون غربيون في سلوك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ذروة الأزمة الأوكرانية زعيمًا "قاسيًا" و"سلطويًا" و"فقد صوابه"، ويعاني من "الهذيان" و"جنون العظمة". وألقى سيّد الكرملين خطابًا مطولًا للأمة أنكر فيه الشرعية التاريخية لوجود أوكرانيا، واتهم حلف شمال الأطلسي بالسعي لاستخدام هذا البلد "نقطة انطلاق" لمهاجمة روسيا، وأنهاه بالاعتراف ب"الجمهوريتين" المعلنتين من طرف واحد في إقليم دونباس. ورأى بوتين أن أوكرانيا كيان صنعته "روسيا البلشفية والشيوعية"، مؤكّدًا أنّها مكونة من "أراض روسية". وأضاف مهدّدًا "نحن مستعدّون لأن نريكم ما تعنيه التصفية الحقيقية للإرث الشيوعي لأوكرانيا". واتّهم بوتين أوكرانيا بأنها تعتزم الانخراط في "عمليات عسكرية" ضدّ روسيا بمساعدة الغربيين، وبالسعي لامتلاك سلاح نووي. وتدفقت ردود الفعل على خطاب بوتين، ولا سيما في باريس حيث خلّفت تجربة الوساطة الفاشلة التي قام بها الرئيس إيمانويل ماكرون مع نظيره الروسي استياء. وقال وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوربية كليمون بون إن الخطاب احتوى "تحليلًا شديد العنف، وربّما يعكس بعض الشيء هذيانًا وجنون عظمة، ولكن لسوء الحظ فإنّ فلاديمير بوتين أسّسه على الكثير من الأكاذيب التاريخية". واعتاد الرئيس الروسي أن يوجّه إهانات على الهواء مباشرة، فضلًا عن إلقاء خطب جيوسياسية قوية. من جهته ذكر وزير الدفاع البريطاني بن والاس خلال لقائه عسكريين أن بوتين "فقد صوابه". وذكّر الوزير بأن الحرس الأسكتلندي الذي خدم في صفوفه لقّن القيصر الروسي نيقولا الأول درسًا لا ينسى في القرم في 1853، مضيفًا "نستطيع توجيه لضربة للجيش الروسي كما فعلنا عام 1853". وذكر والاس أن بوتين "ترك روسيا وحيدة بلا أصدقاء في أزمة أوكرانيا". ومساء الثلاثاء، أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن دفعة أولى من العقوبات، التي من شأنها أن تعزل روسيا عن المنظومة المالية الغربية، وتستهدف "النخب الروسية" ومؤسسات مالية. وتساءل بايدن "من يظن نفسه بوتين كي يعلن استقلال الأراضي التي تدخل ضمن سيادة دولة أخرى؟"، مؤكدًا التزام بلاده بالدفاع عن كل شبر من أراضي حلف شمال الأطلسي، وتوعد روسيا بدفع ثمن فادح إذا واصلت "عدوانها". وكانت المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل شكّكت في مدى عقلانية الرئيس الروسي عندما ضمّت موسكو شبه جزيرة القرم، وبدأ الانفصاليون الموالون لها هجومًا في شرق أوكرانيا عام 2014. وبحسب تصريحات نقلتها عنها الصحافة الأمريكية يومها، قالت ميركل إن بوتين "في عالم آخر". من جهته، قال رئيس تحرير مجلة (فيلوسوفي ماغازين) ميشال إلتشانينوف إن "هناك مزيجًا من العقلانية والانغلاق التام في العلاقة بالواقع. يعاني بوتين من شكل من أشكال الانفصال عن الواقع باسم أيديولوجيته التي يمكن وصفها بأنها ارتيابيّة". وأضاف "قلنا دائمًا إنه قائد براغماتي. هل سيضحّي ببراغماتيته باسم أيديولوجيته؟ هذا ممكن.