تهتم الدول التي تبني خططها نحو المستقبل باستراتيجيات الابتكار الوطنية، التي تقوم على أساس الذكاء الاصطناعي. وذلك من خلال استخدام الكم الهائل من البيانات الضخمة، التي يتم جمعها من وسائل الاتصال التكنولوجية، بما فيها مواقع التواصل الاجتماعي، والمواقع الحكومية والخاصة والتجارية، فالتسابق الآن بين الاقتصادات الدولية الكبرى يعتمد على كمية البيانات المجمعة عن كل مناحي الحياة، الخاصة والعامة. فذا كان الهدف من الذكاء الاصطناعي هو جعل الآلة تفكر، فإن إنترنت الأشياء يقوم على هذا الهدف من خلال الربط بين الأشياء "معدات مراقبة وسيارات وأجهزة منزلية وأنظمة استشعار…إلخ"، للوصول إلى مساعدة هذه الأشياء لمحاكاة التفكير وتنفيذ الأوامر دون تدخل الإنسان، بحيث تقوم هذه الأشياء بأعمال كثيرة على مدار اليوم والشهر والسنة دون تعب أو تكاليف باهظة. تحدد العديد من البلدان أولوياتها للتقنيات الرائدة عبر الخطط الوطنية للبحث والابتكار، وتهدف عادةً إلى تعزيز قطاعات محددة، إما عن طريق تشجيع الأعمال التجارية الجديدة على تشكيلها، أو مساعدة الشركات القائمة على النمو، أو جذب الشركات من الخارج. وتحدد الخطط أيضًا التغييرات المطلوبة في البيئة التنظيمية والحاجة إلى الاستثمار في البنية التحتية المادية والتدريب، كما يمكن للخطط والاستراتيجيات الوطنية أن تعزز التطبيقات التكنولوجية، التي يمكن أن تساعد الفئات المحرومة أو تساعد في تحفيز التنمية الاقتصادية في المناطق الريفية أو المناطق المتدهورة. وبحسب تقرير التكنولوجيا والابتكار لعام 2021، الساعي إلى معالجة القضايا المهمة للبلدان النامية في العلوم والتكنولوجيا والابتكار، ضمن منشورات الأممالمتحدة "الأونكتاد": "يقوم قسم التكنولوجيا واللوجستيات، قسم سياسات العلم والتكنولوجيا والابتكار، بعمل تحليلي موجه نحو السياسات، بشأن تأثير الابتكار والتكنولوجيات الجديدة والناشئة على التنمية المستدامة، مع التركيز بشكل خاص على الفرص والتحديات التي تواجه البلدان النامية". ويذكر التقرير أن هناك العديد من استراتيجيات الابتكار الوطنية تعتمد على الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة وإنترنت الأشياء كمجالات ذات أولوية. وتظهر أيضًا هذه الاستراتيجيات كجزء من المناهج الوطنية الشاملة للمجتمع الرقمي أو مجتمع المعلومات أو اقتصاد المعلومات، فهناك درجة من المشاركة في إنتاج هذه الخطط، إذ يقتصر المشاركون إلى حد كبير على الصناع والخبراء الفنيين والهيئات الحكومية. وتعمل الصين على تطوير منظومتها الإلكترونية وفق التقنيات الجديدة للإنترنت، خاصة فيما يتعلق بالإنترنت بلس "Internet Plus"، الذي يدعم إنترنت الاشياء، أي إن كل شيء تقني سيكون مرتبطا بالإنترنت عبر تطبيقات تعتمد على الذكاء الاصطناعي في الاتصال فيما بينها وبين الإنسان والبيئة المحيطة. كما تعتمد بريطانيا والهند على استراتيجيات الذكاء الاصطناعي لعلوم الحياة وتنمية أهداف البيئة الاقتصادية. وقد نشر موقع بوابة حكومة الإمارات في فبراير 2018 استراتيجيتها لمئوية الإمارات 2071، اعتمدت فيها على الاستراتيجية الوطنية للابتكار المتقدم، والتي تعتبر النسخة المطورة من الاستراتيجية الوطنية للابتكار لعام 2014، ومرحلة جديدة تقوم على تمكين الإنسان عبر الانتقال من التركيز على القطاعات الحيوية إلى الغايات والنتائج في 7 مجالات، هي: الاستكشاف، مهارات المستقبل، جودة الصحة، المعيشة والحياة، القوة الخضراء، التنقل، التكنولوجيا لخدمة الإنسان. على الدول العربية أن تستفيد من التجارب الإماراتية في هذا المجال، فهناك رؤية مستقبلية لدى قادة الرأي تتمثل في فلسفة أنه "إذا كان العالم سيصل إلى تكنولوجيا متقدمة غير التي نعرفها في 2050، فلماذا لا نفترض أننا نعيش من اليوم في 2050 ونجد الحلول من خلال الاستراتيجيات الخاصة بالتكنولوجيا والابتكار والتنمية المستدامة؟". يجب أن تكون لدينا بياناتنا الخاصة وتكنولوجيا يتم تطويعها لتحقيق أهدافنا واستراتيجياتنا وفق عاداتنا وتقاليدنا ومبادئنا وقيمنا الإنسانية للبقاء في مراكز متقدمة بين دول العالم.