يعد مسجد سوريا في مدينة طنجة واحداً من المعالم التاريخية التي تجمع بين أصالة العمارة الإسلامية وعراقتها مع روح التفاعل الثقافي بين الشرق والغرب. يقع هذا المسجد في قلب مدينة طنجة، ويُعتبر من أبرز الرموز المعمارية التي تشهد على التاريخ الطويل والتبادل الثقافي بين سوريا والمغرب. تم بناء مسجد سوريا في أواخر القرن العشرين، تحديدًا في عام 1970، بدعم من الجمعيات السورية المقيمة في مدينة طنجة. يعكس هذا المسجد حالة من الفخر الثقافي والتاريخي، حيث جاء فكرة بنائه في وقت كانت فيه طنجة تحتفظ بجو من التنوع الثقافي والعرقي، لاسيما مع وجود عدد كبير من الجاليات السورية والعربية في المدينة. وقد استلهم تصميم المسجد من الأنماط المعمارية التقليدية التي تميز العمارة الإسلامية في بلاد الشام، مع إضافة بعض اللمسات التي تتناسب مع البيئة المغربية. ويتميز المسجد بمئذنته الشاهقة، التي تبرز كعنصر مميز في مشهد طنجة الحضري على النمط الأموي لتشكل الاستثناء بالمغرب، إضافة إلى الزخارف والنقوش التي تجسد الفن الإسلامي البديع. تتسم الهندسة المعمارية لمسجد سوريا بالبساطة والجمال في آن واحد. يتميز المسجد بتصميمه الهندسي الذي يعتمد على المساحات المفتوحة والمضيئة، ما يجعل من زيارته تجربة روحانية مميزة. كما أن قاعة الصلاة الرئيسية تتميز بأسقف مرتفعة مزخرفة بألوان دافئة، فيما تزين الجدران نقوشاً إسلامية مستوحاة من التراث السوري. ومن الداخل، يلفت الانتباه سجاده الأحمر الذي يغطي الأرضية بالكامل، مع حواف زخرفية مستوحاة من الأنماط العربية الأصيلة. وتنتشر في أرجاء المسجد مجموعة من الثريات المصنوعة من الزجاج الملون، التي تعكس الضوء بشكلٍ مميز على الجدران. يُعد مسجد سوريا في طنجة نقطة التقاء ثقافي بين العالم العربي والمغربي، إذ يجسد الروابط التاريخية بين البلدين. وقد كان المسجد مركزًا للتلاقي بين المغتربين السوريين وأبناء مدينة طنجة، حيث يتم تنظيم العديد من الفعاليات الثقافية والدينية التي تعزز التفاهم بين الثقافات المختلفة. كما يُعد مكانًا هامًا للدروس الدينية والتعليمية، مما يساهم في نشر المعرفة الدينية والتعريف بالثقافة الإسلامية. ومع مرور الزمن، أصبح مسجد سوريا جزءًا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي في طنجة، حيث يعتبره العديد من السكان المحليين والزوار واحداً من الأماكن الروحية الأكثر هدوءًا وراحة في المدينة. ويتميز المسجد بجو من السكينة والطمأنينة التي تجعل من زياراته تجربة فريدة، سواء للمصلين أو للزوار الذين يأتون للاستمتاع بجمال المكان وهدوئه. إن مسجد سوريا في طنجة ليس مجرد مكان للصلاة، بل هو معلم تاريخي يروي قصة التفاعل الثقافي بين الحضارات العربية والمغربية. بفضل تصميمه المعماري الرائع وتاريخه الغني، يظل هذا المسجد رمزًا للانفتاح والتعاون بين الشعوب، ويعكس في كل زاوية من زواياه عمق العلاقة بين الشرق والغرب.