والي بنك المغرب يحذر من إمكانية عودة التضخم للارتفاع    الجواهري يرفض استمرار الدعم المباشر ويؤكد: "لا يجب أن يظل بشكل دائم"    الرباط تحتضن عملية سحب قرعة نهائيات "كان 2025"    جوائز "الأفضل" للفيفا.. البرازيلي فينيسيوس يتوج بلقب عام 2024    تشييع رسمي لجثمان شهيد الواجب بمسقط رأسه في أبي الجعد    المغرب والسعودية يوقعان بالرياض مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في مجالات التحول الرقمي الحكومي    القنيطرة.. افتتاح معرض لإشاعة ثقافة التهادي بمنتوجات الصناعة التقليدية    صحيفة 'لوفيغارو': المغرب يتموقع كوجهة رئيسية للسياحة العالمية    وفد دبلوماسي ألماني يلتقي الجولاني    إحصاء 2024: الدارجة تستعمل أكثر من الريفية في الناظور    الرباط.. انعقاد اجتماع لجنة تتبع مصيدة الأخطبوط    رسمياً.. المغرب يصوت لأول مرة بالأمم المتحدة على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام    فيفا ينظم بيع تذاكر كأس العالم للأندية‬    العام الثقافي 'قطر-المغرب 2024': الأميرة للا حسناء وسعادة الشيخة سارة تترأسان بالدوحة عرضا لفن التبوريدة        مجلس الشيوخ الشيلي يدعم مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية (سيناتور شيلي)    المغرب "شريك أساسي وموثوق" للاتحاد الأوروبي (مفوضة أوروبية)    طلقة نارية خاطئة أثناء عملية توقيف مروج مخدرات تودي بحياة شرطي    خلال افتتاح اجتماع لجنة إفريقيا للأممية الاشتراكية المنعقد أمس الثلاثاء بالمقر المركزي للحزب بالرباط .. إدريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية: المغرب يلعب دورا محوريا في تعزيز الشراكة الإفريقية وتكريس التعاون جنوب-جنوب    بنعلي: رفع القدرة التخزينية للمواد البترولية ب 1,8 مليون متر مكعب في أفق 2030    لماذا لا تريد موريتانيا تصفية نزاع الصحراء المفتعل؟    84% من المغاربة يتوفرون على هاتف شخصي و70 % يستعملون الأنترنيت في الحواضر حسب الإحصاء العام    ردود فعل غاضبة من نشطاء الحركة الأمازيغية تُشكك في نتائج بنموسى حول نسبة الناطقين بالأمازيغية    الأميرة للا حسناء تترأس عرض التبوريدة    النظام الأساسي لموظفي إدارة السجون على طاولة مجلس الحكومة    دفاع الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال يؤكد أن وضعه الصحي في خطر    تحقيق قضائي لتحديد دوافع انتحار ضابط شرطة في الدار البيضاء    ارتفاع معدل البطالة بالمغرب إلى 21% مع تسجيل ضعف في نسبة مشاركة النساء بسوق الشغل    مراكش.. توقيع اتفاقية لإحداث مكتب للاتحاد الدولي لكرة القدم في إفريقيا بالمغرب    كنزي كسّاب من عالم الجمال إلى عالم التمثيل    حاتم عمور يطلب من جمهوره عدم التصويت له في "عراق أواردز"    ضابط شرطة يضع حدّاً لحياته داخل منزله بالبيضاء..والأمن يفتح تحقيقاً    فاجعة بني ملال.. هذه تفاصيل مقتل شرطي بطلقة "خاطئة"        السغروشني تقارب الأخبار الزائفة بالرياض    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    ألمانيا تتجه لانتخابات مبكرة بعد سحب الثقة من شولتس    السينما الإسبانية تُودّع أيقونتها ماريسا باريديس عن 78 عامًا    سرطان المرارة .. مرض نادر يُشخّص في المراحل المتقدمة    كيوسك الثلاثاء | حملة توظيف جديدة للعاملات المغربيات بقطاع الفواكه الحمراء بإسبانيا    زلزال عنيف يضرب أرخبيل فانواتو بالمحيط الهادي    شوارع المغرب في 2024.. لا صوت يعلو الدعم لغزة    الصين تعارض زيادة الرسوم الجمركية الأمريكية على المنتجات الصينية    ماكرون سيعلن الحداد الوطني بعد إعصار شيدو المدمر في أرخبيل مايوت    مراكش ترحب بوكلاء السفر الكوريين    السفير الدهر: الجزائر تعيش أزمة هوية .. وغياب سردية وطنية يحفز اللصوصية    أفضل لاعب بإفريقيا يحزن المغاربة    لماذا لا يستطيع التابع أن يتحرر؟    عن العُرس الرّيفي والتطريّة والفارس المغوار    علماء يكتشفون فصيلة "خارقة" من البشر لا يحتاجون للنوم لساعات طويلة    بريطاني أدمن "المراهنات الرياضية" بسبب تناول دواء    دراسة: الاكتئاب مرتبط بأمراض القلب عند النساء    باحثون يابانيون يختبرون عقارا رائدا يجعل الأسنان تنمو من جديد    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا لا تريد موريتانيا تصفية نزاع الصحراء المفتعل؟
نشر في الدار يوم 17 - 12 - 2024

من الواضح أن النهج الذي رسّخه الرئيس الموريتاني الأسبق معاوية ولد الطايع ما يزال متّبعا في نواكشوط إلى يومنا هذا فيما يتعلق بالموقف من قضية الصحراء المغربية. موقف كشفته مؤخرا وثائق أميركية رُفعت عنها السرية وأظهرت أن ولد الطايع كان حريصا باستمرار إبّان فترة حكمه التي دامت من 1981 حتّى 2005 على استمرار النزاع في الصحراء، وعدم توصل الأطراف إلى أيّ تسوية، لأنه كان يتخوف من انعكاس ذلك على استقرار موريتانيا، وفقدان مبرر وجود نظامه العسكري. وهذا المعطى التاريخي الذي ظهر مؤخرا يؤكد للمفارقة النهج نفسه الذي يبرر استمرار معاكسة نظام الكابرانات في الجزائر للوحدة الترابية للمملكة.
النزاع في الصحراء بالنسبة إلى الجزائر وموريتانيا رأسمال سياسي وأمني مهم لا يريدان خسارته أبدا. إنه يمثل ذريعة قوية ومقنعة للشعبين ولمراكز القوى في البلدين من أجل استمرار القبضة الأمنية والإنفاق على الجيش والعسكر، ونهب مقدرات البلدين، بدعوى التصدي للتداعيات والمخاطر الأمنية الناجمة عن هذا الصراع. هذا أمر أضحى مكشوفا في الجزائر منذ زمن طويل، وللأسف يتّضح اليوم بجلاء أن المنطق نفسه يحكم توجهات الأشقاء الموريتانيين الذين اعتقدنا لوهلة أنهم بدؤوا يُصغون لصوت العقل، وينزَعون نحو تبني مواقف أكثر إيجابية تدفع نحو الطيّ النهائي لهذا الملف، ومن ثمّ الانكباب على تعزيز التكامل المغاربي الذي يعد الحلم الأكبر لسكان شمال إفريقيا.
واليوم يختلف الأمر عمّا كان في زمن معاوية ولد الطايع. والاختلاف الرئيسي هو أن المغرب أضحى واعيا تمام الوعي بهذا الموقف السلبي، ويهيئ له ما يلزم من ردود الأفعال الدبلوماسية والسياسية واللوجستية المناسبة. على سبيل المثال فإن قرار إطلاق الخط البحري المكثّف بين مينائي أكادير ودكار، يمثل خطوة استباقية لأيّ قرار جديد قد يتخذه النظام الموريتاني من أجل إغلاق المعبر البري الكركرات، الذي تمرّ به مئات الشاحنات المغربية يوميا لتزويد الأسواق الموريتانية وأسواق غرب إفريقيا بالبضائع والسلع المختلفة. المشكلة اللوجستية يمكن تجاوزها بهذا الإجراء، ولا سيّما بعد دخول ميناء الداخلة الأطلسي الخدمة، حيث سيكون أحد أكبر موانئ القارة الإفريقية.
لكن هناك جوانب أخرى مهمة ينبغي أيضا العمل عليها فيما يتعلق بالتصدي لهذا التلوّن الموريتاني. موريتانيا فاعل رئيسي في المنطقة، وكان لها دور تاريخي في هذا النزاع المفتعل بصفتها بلدا جارا مطلا على الصحراء المغربية. والنظام القائم في نواكشوط ما يزال مصرّاً حتّى اليوم على تجاهل الدينامية الإيجابية التي يشهدها ملف الوحدة الترابية للمملكة، وتجنّب ملاءمة السياسات الخارجية مع هذه المستجدات. إذا كانت الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، وكذلك إسبانيا التي تمثل القوة الاستعمارية السابقة، وغيرها من القوى الدولية والإقليمية والإفريقية قد بادرت إلى الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه، أو على الأقل دعم مخطط الحكم الذاتي الذي تقترحه بلادنا، فما الذي تنتظره نواكشوط وهي جزء لا يتجزأ من هذا الصراع؟
التفسير الوحيد هو الذي أشارت إليه الوثائق الأميركية حول سياسة معاوية ولد الطايع. النظام الموريتاني يرى مصلحته للأسف في استمرار النزاع، لأنه يريد أن يتكسّب من ورائه، تارة من سخاء البترودولار الجزائري، وتارة بالابتزاز الذي تمارسه ضد المغرب. وهذا النهج أضحى اليوم مرفوضا تماما. قضية الوحدة الترابية للمغرب ليست للمساومة أو الابتزاز، وعلى السلطات الموريتانية أن تغير قراءتها وتقديرها للموقف الدولي والإقليمي. من مصلحة موريتانيا أن تجنح نحو دعم السيادة المغربية لأنها هي الضامن الوحيد والفعلي للاستقرار في المنطقة، بما في ذلك استقرار موريتانيا نفسها. أمّا استنبات دويلة جديدة من العدم فلن يكون إلا مصدرا للمزيد من التوتر والقلاقل والانفلات في منطقة الساحل والصحراء، ولا شك أن نواكشوط ستكون أكبر المتضررين من ذلك.
وفي هذا السياق يجب أن يتذكر الإخوة الموريتانيون أن بلدهم المترامي الأطراف كان إلى الأمس القريب جزءا لا يتجزأ من الإمبراطورية المغربية، وأنه يظل بسبب رقعته الجغرافية الهائلة معرضا للكثير من أسباب التوتر والنزاع. وهذا يعني أن مصلحة موريتانيا والمغرب واحدة ومشتركة، والمبادرات التي تطلقها بلادنا في المنطقة على غرار أنبوب الغاز أو الانفتاح على المحيط الأطلسي ستصب أولا وأخيرا في مصلحة نواكشوط وستستفيد منها استفادة كبيرة. لكن هذا الأمر لا يمكن أبدا ما دامت موريتانيا تنهج هذه الاستراتيجية الغامضة والملتبسة تّجاه قضية كان من الممكن أن تُحسم منذ زمن لو اتخذت بلدان الجوار مواقف أقلّ عداء وتآمرا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.