كانت الولاياتالمتحدة تعتبر دبابة متهالكة سوفياتية في هافانا أخطر على الأمن الإستراتيجي الأمريكي من صاروخ باليستي يحمل رأسا نوويا في وارسو...هكذا هي الجغرافية السياسية بأبعادها الأمنية والاستراتيجية،فالرصاصة التي إخترقت جسد الرئيس الموريتاني ليست رصاصة عابرة بالنسبة للرباط ،كما أن الرواية الرسمية الموريتانية أضافت الكثير من الغموض إلى الحادثة ،ورغم الظهور الإعلامي للرئيس فإن ذلك لم يمنع من تناسل الروايات حول الحادث ،لكن بكل تأكيد فإن الرباط وعواصم أخرى في المنطقة ستكون لها الرواية الحقيقية لما جرى من تهديد جدي لرئيس الدولة في موريتانيا ،فرصاصة في نواكشوط بالنسبة للرباط أخطر من كتيبة في الصحراء... المغرب ومنذ سنوات طويلة يرتبط بعلاقات خاصة مع موريتانيا ،فهناك جزء من التاريخ المشترك وتوترات إنشاء الدولة الموريتانية ، وهو ما لايزال في ذهن النخب الموريتانية إلى اليوم ،وهناك المشترك الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والجغرافي ، بحيث يكون المغرب امتدادا لموريتانيا في إتجاه الشمال و العكس صحيح بحيث تشكل موريتانيا إمتدادا للمغرب في إتجاه الجنوب ،وكعادة الجيران فإن العلاقات بين البلدين شهدت فصولا من التوتر والهدوء ،وكجار لمنطقة موضوع نزاع بين المغرب والجزائر ،فإن موقف نواكشوط له أكثر من أهمية ،ليس فقط بالنسبة للرباط ولكن بصفة خاصة للجزائر ومرتزفتها بتيندوف،وهذا الموقف عرف تدبدبا كبيرا تبعا للوضع السياسي الداخلي ولميزان القوى هناك. موريتانيا تعاني منذ سنوات من عدم إستقرار سياسي وأمني وذلك منذ الإنقلاب الشهير على الرئيس معاوية ولد سيدي أحمد الطايع ،ولم تنجح كل الشكليات الديمقراطية التي جرت فيما بعد في نزع فتيل الأزمة ،وسارعت النخبة العسكرية في إستعادة السلطة من المدنيين ،بإنقلاب عسكري جديد في المرة الأولى ،وبالانتخابات في مرة ثانية وكلا الطريقين حملا ولد عبد العزيز إلى رئاسة الدولة وهو ما لم تقبله المعارضة التي لم تكل من المطالبة برحيله وتخليص البلاد من حكم العسكر ،في محاولة لجذب رياح ما يسمى بالربيع الديمقراطي إلى موريتاتيا. المتغيرات الأمنية في منطقة الساحل والصحراء ،وما جرى في مالي من سيطرة متحالفين مع القاعدة على منطقة أزواد وإعلان دولة بها وتصاعد قوة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي،تجعل من الشأن الداخلي الموريتاني يحظى بأهمية قصوة بالنظر إلى إنعكاساته المباشرة هلى الأمن والسلم في منطقة الساحل والصحراء ،ومن هنا تأتي أهمية الموضوع بالنسبة للرباط التي يجب أن يكون لها دور مهم في دعم الاستقرار لدى الجار الجنوبي ،خاصة على المستوى الاقتصادي أو الأمني وذلك لتحجيم الآثار السلبية التي يمكن ان يحملها عدم الاستقرار هناك على قضية الوحدة الترابية للمملكة . لا يجب أن ننسى أن الوالي مصطفى السيد قتل وهو يقود قواة من البوليساريو للسيطرة على نواكشوط ...