يبدو أن إثيوبيا ماضية بحزم في خططها الرامية إلى البدء في مل سد النهضة متجاهلة مطالب المصريين بالتفاوض للتوصل لاتفاق عادل ومتوازن يحفظ مصالح جميع الأطراف. الرد الإثيوبي على المطالب المصرية بعد رفها شكوى في الموضوع لمجلس الأمن ، جاء على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية عن كون أديس أبابا على علم بالتصعيد المصري الأممي الجديد، معتبرًا إياه خطوةً غير ذات جدوى. وفي وقت لاحق، قال وزير الخارجية الإثيوبي، جيدو أندارغاشيو، إن إثيوبيا لا تجد مبررًا لتأخير عملية ملء الخزان، والمقرر لها أن تبدأ في شهر يوليو القادم، كما أنها ليست ملزمة بالحصول على موافقة مصر قبل الشروع في الملء، خاصةً بعد أن بذلت جهودًا استثنائية لاستيعاب مطالب مصر التي لا تنتهي وسلوكها الذي لا يمكن التنبؤ به، مشيرًا إلى إعداد بلاده خطابًا مقابلًا للخطاب المصري المرفوع إلى مجلس الأمن. وفي مقابل تصاعد لهجة التحدي الإثيوبي؛ يبدو الموقف المصري أكثر ليونة رغم دعوات وزيرة الخارجية السودانية لضرورة تبني مصر والسودان "موقفا قويا" إزاء المرحلة الأولى من ملء خزان سد النهضة. ورغم هذه التطورات الخطيرة من الجانب الإثيوبي، فإن رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي مشغول بملف آخر، وهو الملف الليبي، على وقع نجاح قوات حكومة الوفاق الوطني في اقتحام قاعدة الوطية الجوية الواقعة غرب ليبيا، على الحدود التونسية، على بعد نحو ألفين كيلومتر من الحدود الغربية المصرية. و تتسابق اللجان الإلكترونية الداعمة لنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي للترويج لاستعدادات مصر للحرب في ليبيا، وذلك رغم تصاعد الخطر على شريان الحياة المصري المتمثل في نهر النيل، حيث أعلنت إثيوبيا التحدي وبدء ملء سد النهضة، وسط تساؤلات النشطاء عن أيهما أخطر على مستقبل مصر وأمنها القومي، وأولى بالتدخل العسكري. وقال نشطاء مصريون إذا كان لا بد من استخدام القوة العسكرية لحل أزمات مصر الراهنة، فيجب أن تكون أزمة سد النهضة في سلم أولويات الخيار العسكري. وحذر آخرون من الانسياق وراء رغبات دولة الإمارات في حرب بالوكالة، يتورط خلالها الجيش المصري كما تورط الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في الحرب الأهلية اليمنية في ستينيات القرن الماضي.