عادت ظاهرة الهجرة غير الشرعية من المغرب إلى إسبانيا لتطفو على السطح من جديد خلال الأشهر الماضية حيث رصدت تقارير لمنظمات حقوقية إسبانية ومغربية عن تنامي أعداد المهاجرين الذين وصلوا إلى الضفة الأوربية باستعمال القوارب والزوارق المطاطية . ويرى مراقبون أن الأسباب التي تحرك مئات الشباب المغربي للهجرة نحو أوربا لم تعد اقتصادية بالدرجة الأولى بقدر ما أصبحت مرتبطة بدوافع أخرى مرتبطة أساسا بالبحث عن الحرية والكرامة والديمقراطية . صحيفة "الكوفيدنثيال" الإسبانية وفي تحليلها لارتفاع موجة الهجرة من شمال المملكة تؤكد أن "مئات الشباب الريفيين مضيفة أن التزايد الملحوظ في نسبة المهاجرين المغاربة راجع إلى عدة أسباب، من ضمنها عدم الرضا في صفوف الشباب عقب الربيع العربي. الباحث في علم الاجتماع مولود أمغار يرى أن قضية الهجرة لا يمكن إيعازها إلى الأسباب الاقتصادية فقط، فقد أصبحت قضية معقدة يختلط فيها الديموغرافي والاجتماعي بالاقتصادي والسياسي، لأن البحث عن تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية يشمل بشكل ضمني البحث عن الكرامة والعدالة الاجتماعية والمساواة. وأوضح امغار في تصريح ل "نون بريس" أن أسباب الهجرة لم يعد دافعها هو ارتفاع معدل البطالة، أو الهروب من الكوارث الطبيعية والحروب، بل تعددت لتشمل الهجرة من أجل الكرامة والعدل، وتكمن خطورة هذه الأخيرة في كونها تدفع أكثر من غيرها فئات وشرائح اجتماعية عديدة إلى الهجرة بحيث تصبح الهجرة هاجسا لا يروض فقط الفئات الاجتماعية الفقيرة والهشة بل أيضا الطبقات المتوسطة والغنية وأيضا الباحثين عن المزيد من الحريات والكرمة والعدالة الاجتماعية والمساواة. وأضاف المتحدث ذاته أن البعد السياسي والاجتماعي أصبح مطروحا بقوة في قضية الهجرة ويمكن ملاحظة هذا في البحث عن نوعية الراغبين في الهجرة وعن انتماءاتهم الاجتماعية ووضعيتهم الاقتصادية، وأيضا عن طبيعة البلدان للذين يقدمون طلبات الهجرة إليها مثل كندا والدول الإسكندنافية. واستطرد قائلا "وإذا ما تساءلنا عن الأسباب التي تدفعهم إلى اختيار هذه البلدان (كندا والبلدان الإسكندنافية) دون اختبار البلدان التي اعتاد المغاربة الهجرة إليها مثل فرنسا وإيطاليا، أو بلدان الخليج فسنجد بأن الأسباب تتجاوز ما هو مادي محض لتشمل ما هو معنوي والذي يتمثل بالدرجة الأولى في هذا الموضوع في الإحساس بالكرامة والعدالة الاجتماعية". وختم أمغار حديثه بالتأكيد على أن تحليل قضية الهجرة في بعدها الاجتماعي يدفعنا للقول بنوع من الحذر طبعا إن انتهاك حقوق الإنسان والتضييق على الحريات المدنية والفردية أصبحت من العوامل الطاردة للفئات الاجتماعية التي لا تسعى فقط إلى تحسين وضعيتها الاجتماعية بل أيضا إلى تجويد نمط عيشها بكرامة وحرية في جو ديمقراطي يسود فيه العدل.