دواعي تحديث العمل النقابي الفيدرالي وآليات اشتغالنا في الفيدرالية الديمقراطية للشغل، استدعت أن نعتمد منهجية جديدة في التعاطي مع الواقع الاقتصادي والاجتماعي، قاعدتها مقاربة تجمع بين التشخيص والتحليل من جهة، وبين المقترحات والبدائل التي عرضت كبرنامج عمل من جهة ثانية وبذلك تخرج الفيدرالية من خلال مشاريع مقرراتها عما اعتدنا عليه واشتغلنا به في السابق لتدشين مسار جديد يتماشى مع الطموح الفيدرالي التمسك بقيم التجديد والتحديث وتقوية تراكمنا في هذا الاتجاه. والجديد فيما نطرحه من مشاريع المقررات ليس المنهجية فقط، وإنما قضايا وموضوعات نتناولها لأول مرة ضمن مقرراتنا نواكب من خلالها مستجدات الواقع، وتحين من خلالها الفيدرالية دوائر اشتغالها على ضوء ما استطاعت اقتحامه من فضاءات اشتغال جديدة نلمسها ونعي أهميتها وضرورة تعميق ثقافتنا وممارستنا النقابية بها لإحداث التغيير المطلوب في الواقع الفيدرالي وفي المشهد النقابي عامة. أن نوسع مجال النقاش حول قضايا المرأة العاملة وحول أنظمة الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية والتحولات المناخية وتأثيراتها على البيئة، وحول دينامية المنتديات الاجتماعية، والانشغالات الأورومتوسطية، فهو انفتاح إرادي، وتوجه مقصود نواكب به ما يفرض نفسه في مغرب اليوم وعالم اليوم، وبذلك نفتح آفاقا رحبة من دون شك أن إرادة التغيير والتطور لدى الفيدراليين ستقوي هذا الاهتمام أكثر من خلال ممارسة واعية تستوعب الجديد وتفعل فيه من أجل حضور فعال للفيدرالية والفيدراليين في قلب الدينامية المجتمعية الشاملة من داخل الحقل النقابي. وسيكون هذا العمل أكثر نجاعة إذا ما حفز المناضلين والمناضلات لإثراء الموضوعات والقضايا المطروحة سواء خلال مناقشة المشاريع بمختلف الجهات والأقاليم، وخلال المؤتمر لإغناء تصوراتنا وتقوية منظورنا للعمل النقابي الذي لا نراه في هذه الظرفية وفي المستقبل إلا فعلا وممارسة حداثية وديمقراطية قادرة على استيعاب المستجدات والتعاطي معها بما يخدم أهداف البديل النقابي الفيدرالي الطموح لتأهيل أداتنا النقابية على كل المستويات وفي مقدمة ذلك الأرضيات النظرية الموجهة لعملنا والمحددة للمواقف الفيدرالية. 1. الأزمة الاقتصادية وواقع الأجور ومستقبل أنظمة الحماية الاجتماعية 2. مدونة الشغل ومكانة القطاع الخاص ( العالمي ) 3. تشغيل الأطفال والمرأة وذوي الاحتياجات الخاصة 4. الجهوية ووحدة العمل النقابي والديمقراطية الداخلية ومستقبل العمل النقابي 5. الفيدرالية ودينامية المنتديات الاجتماعية والأورومتوسطية 6. دعم وحماية المهاجرين 7. البيئة والعمل النقابي حماية الأمومة إلى أي حد استطاعت مدونة الشغل إنصاف الأم الأجيرة؟ إن الإجابة عن هذا السؤال يقتضي منا الحديث عن مدى استجابة هذه النصوص لحاجيات الأم الأجيرة، وهي استجابة ظلت ضعيفة إلى حد بعيد بالنظر إلى قصر إجازة الولادة (14 أسبوعا). فقد ذهبت بعض القوانين في فرنسا إلى تمتيع الأم الأجيرة بإجازة مدتها 16 أسبوعا مع مراعاة الحالة الصحية للأم والرضيع. أما فيما يخص توفير قاعات الرضاعة بمقرات العمل فيمكن القول أن تحديد النص القانوني في المادة 162 لعدد الأجيرات في خمسين أجيرة كشرط ملزم لتوفير القاعة، يجعل العديد من المشغلين لا يصلون إلى هذا العدد للتنصل من هذا المقتضى، فضلا عن كون المقتضيات الزجرية المعمول بها في هذا السياق، بل وفي كل السياقات، لا تخرج عن كونها عقوبات مالية هزيلة إذا ما قورنت بالأرباح التي يجنيها أرباب العمل من جراء استغلالهم لهذه الفئات، وقد كان حريا بالمشرع المغربي أن يقرن هذه العقوبات المالية بعقوبات سالبة للحرية. التحرش الجنسي : التحرش الجنسي من الوسائل التي استغلها أرباب العمل لتسريح العاملات ودفعهن لفسخ عقد الشغل من جانبهن، فنتيجة للمضايقات المستمرة تضطر العاملة إلى ترك عملها لتقبل أعمالا أقل من مستواها وكفاءتها وبأجر أقل مما كانت تتقاضاه في السابق. وهذه الظاهرة استفحلت في كل قطاعات الشغل لكن أغلب ضحاياها من الأجيرات في القطاعات الخدماتية واللواتي لا تملكن القدرة لصده وتجاوزه في ظل ضعف الحماية القانونية والمساندة الأسرية لهن. فقانون الشغل تناول هذه الظاهرة باحتشام شديد وذلك من خلال المادة 40 التي اعتبرته من الأخطاء الجسيمة المرتكبة ضد الأجيرة من طرف المشغل مع وضع إمكانية التقاضي بيد المتضرر في حالة إثبات الخطأ والمطالبة بالتعويض، وتبقى إمكانية إثبات التحرش الجنسي من باب المستحيل لأنه لا يمارس في العلن.وبالتالي كان حريا بالمشرع أن يجعل لهذا الجرم فصولا خاصة به لتوضيح معنى التحرش ودرجاته مع التنصيص على عقوبات زجرية. الوضعية القانونية لخادمات المنازل : طرح خروج المرأة إلى العمل إشكالية عدم إمكانية التوفيق بين العمل داخل وخارج البيت مما جعل العديد من الأسر تلجأ إلى تشغيل الفتيات الصغيرات، حيث سجلت نسبة%45 منهن تتراوح أعمارهن بين 10و 12 سنة، و %26.3 تقل أعمارهن عن 10 سنوات. كما أثبتت الإحصائيات أن %83 منهن لم تستفدن من التمدرس . وتعد هذه الفئة من أكثر الفئات العمالية استغلالا لتعدد الأشغال التي توكل إليها. فإلى أي حد ستتمتع هذه الفئة بحماية قانونية؟ اعتبر الحقوقيون أن قانون «خادمات البيوت»، الذي يفترض تقديمه للبرلمان المغربي قريبا للمصادقة عليه، يمثل خطوة إيجابية في طريق تقنين العمل في هذا المجال، وحماية العاملات فيه من الاعتداءات التي يتعرضن لها، من عنف معنوي وجسدي. لكنهم تحفظوا على ثغرات بارزة في مشروع القانون، أبرزها: - الراتب «المجحف» الذي أقره القانون، والمحدد بحد أدنى لا يتجاوز ال 50% من متوسط الأجر المعمول به في البلاد، والبالغ ألفي درهم. وتخصيص يوم راحة أسبوعيا، مع عطلة سنوية مدفوعة الثمن، بعد قضاء 6 أشهر من الخدمة الفعلية المتواصلة. - احتمال نفور كثير من الأسر لتوقيع هذه العقود القانونية مع الخادمات. و ختاما، بالرغم من الخطوات العامة التي عرفها قانون الشغل في بلادنا في شأن ضمان حق الشغل للمرأة تبقى هذه الخطوات وهذه المجهودات قاصرة على توفير شروط الحماية اللازمة لهذه الشريحة من المجتمع .فمجالات تشغيل النساء متروكة لشريعة الغاب بالنظر إلى التجاوزات والانتهاكات التي يعرفها المجال وطغيان هاجس الربح السريع لدى أرباب العمل والسبب راجع بالدرجة الأولى إلى: - غياب ثقافة حقوقية تفيد بأن الشغل حق للجميع. - غياب إرادات سياسية واجتماعية قوية تقف سدا منيعا ضد الانتهاكات. - غياب جهاز تفتيش قوي مزود بكل الإمكانات المادية والبشرية والأخلاقية والقانونية. - هشاشة العقوبات الزجرية التي تضمن تطبيقا فعالا لمقتضيات مدونة الشغل. -ضعف التمثيلية النسائية داخل النقابات. III- الاقتراحات - على مستوى القطاع الخاص 1- ضرورة إنجاز دراسة شاملة لأوضاع النساء العاملات حول أشكال العنف الممارس ضدهن. 2- تفعيل آليات المتابعة للاستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد النساء لمعرفة مدى تنفيذ الإجراءات التي تضمنتها والكشف عما أسفرت عنه الممارسة اليومية من ثغرات هذه الاستراتيجية للعمل على تجاوزها. 3- ضرورة ضمان الحماية القانونية للعاملات النقابيات. تنظيم حملات تحسيسية وسط النساء العاملات حول ما تضمنته مدونة الشغل من حقوق لصالح المرأة العاملة وتوظيف وسائل الإعلام السمعية والمرئية والمكتوبة لفضح كل الممارسات المسكوت عنها والتي تمس كرامة المرأة العاملة. 5- ضرورة تفعيل دور مفتشي الشغل للقيام بمهامهم لحماية النساء العاملات وصون كرامتهن. 6- خلق مراكز الإرشاد والإستماع لمساعدة النساء العاملات ضحايا الإنتهاكات، في مقرات المنظمة لمساندتهن وتوجيههن ومرافقتهن. 7- الحرص على توفير الشروط الصحية الضرورية داخل مقرات العمل، من تهوية وتدفئة وإنارة ونظافة وكل الوسائل التي تضمن سلامة العاملات . 8- ضرورة توفيروسائل النقل من محل السكنى إلى مقر العمل لحماية المرأة العاملة من الاعتداءات التي قد تتعرض لها في طريقها إلى العمل . 9-.ضرورة توفير فضاءات داخل المؤسسات الإنتاجية لتناول الطعام حتى لا تضطر العاملات إلى الخروج إلى الشارع حيث يتعرضن للعديد من المضايقات. .10ضرورة توفير دور الحضانة بمقرات العمل. - على مستوى القطاع العام 1- إدماج مبدأ المساواة بين الجنسين بالدلائل المرجعية للوظائف والكفادات. 2- تطوير الوسائل المؤسساتية التي تخول للنساء ولوج مختلف مناصب القرار بالإدارة العمومية. 3- إعداد دراسة تحدد حاجيات كل من النساء والرجال العاملين بالإدارة العمومية بغاية التوفيق بالنسبة لكل منهما مابين الحياة المهنية والحياة العائلية والخاصة. -4مراجعة مقتضيات المرسوم رقم 2.75.832 بتاريخ 30 دجنبر 1975 بشأن المناصب العليا الخاصة بمختلف الوزارات، لتكريس الإعلان عن فتح باب الترشيح، وترسيخ قيم الشفافية والاستحقاق عند الاختيار لتمكين المرأة من الولوج المتكافئ مع الرجل إلى هذه المناصب. -5تفعيل نقط ارتكاز النوع الاجتماعي بمختلف الإدارات لتقوم بدورها كآلية مصاحبة لمأسسة المساواة بين الجنسين بالإدارة العمومية. 6- خفض سن التقاعد وسنوات العمل للحصول على التقاعد النسبي للمرأة الموظفة. 7- تكييف نظام التوقيت بالمؤسسات التعليمية ليتلاءم مع التوقيت المستمر للمرأة الموظفة في المؤسسات العمومية. 8- تكييف نظام الإجازات ليتلاءم مع خصوصية الأم الموظفة وكذا تفعيل قانون التجمع العائلي. 9- تعديل قانون الوظيفة العمومية لإيجاد نظم جديدة من قبيل إدخال أسلوب الإدارة عن قرب، لاسيما ونحن نعيش زمن الشبكة العنكبوتية. 10- تخصيص قسم خاص بحماية حقوق المرأة في قانون الوظيفة العمومية بدل نصوص منثورة هنا وهناك. نعلم جميعا أن حقوق المرأة العاملة في الوقت الراهن تُنتهك علناً حيث تعتبر المرأة الضحية الأولى لسلبيات العولمة وتداعيات الأزمة الاقتصادية، وعدم احترام مدونة الشغل، وهنا يبرز الدور الكبير لمنظمتنا في دعم المرأة والاهتمام بتحسين ظروف وشروط عملها، وكذا الدفاع عن حقوقها انطلاقاً من مبدأ المساواة وتحقيق العدالة الاجتماعية طبقاً لما تنص عليه معظم الاتفاقيات الدولية والعربية. الجهوية، وحدة العمل النقابي، الديمقراطية الداخلية ومستقبل العمل النقابي 1- الجهوية والعمل النقابي تكلف الأخ كتامي بصياغة مشروع الورقة التي نوقشت بين أعضاء اللجنة. 2- الوحدة النقابية لقد كان هدف تجميع كل أطراف الجسم النقابي في إطار وحدوي موحد منذ الصيحة التاريخية للأممية الأولى للعمال سنة 1864 «يا عمال العالم اتحدوا» إلى يومنا هذا.. هاجسا يسكن كل المناضلين النقابيين الشرفاء، بل إنه أحد المبادئ الأساسية للعمل النقابي، وذلك لعدة اعتبارات أهمها: أولا- إن بروز العمل النقابي في أصله ارتبط بضرورة تعبئة وتوحيد القوى العاملة بكافة أصنافها لمواجهة قوة الرأسمال التي كانت مكوناتها على الدوام موحدة ومتضامنة في إطار تنافسها. ولم يكن من طريقة أخرى للأجراء من أجل الدفاع عن الحقوق وحماية المكاسب سوى تجاوز فئويتهم الموضوعية وبناء تنظيمها النقابي المستقل والموحد كجهاز للدفاع عن المصالح المادية والمعنوية المشتركة للعمال باختلاف أصناف الأجراء وتعدد حساسياتهم الأيديولوجية والسياسية. ثانيا- لقد شكلت ظاهرة الانقسام والتشظي النقابيين على المستوى العالمي كما الوطني أهم نقاط الضعف التي تفرغ العمل النقابي من مضمونه، وتحوله لقمة سائغة بين أنياب الرأسمال وأجهزته المتنوعة التي من أهم استراتيجياتها العمل الدؤوب على تكسير الوحدة العمالية وزرع عناصر الشقاق والتجاذب بين مكوناتها. وذلك لكون التعدد النقابي هو العدو المباشر الداخلي والقاتل للطبقة العاملة كطبقة، في الأصل، متجانسة وموحدة المصالح. كما أنه السبيل الأمثل لإضعافها من خلال تحويل الصراع من المجال الموضوعي «عمل ضد رأسمال» إلى المجال الذاتي «عمل ضد عمل». ثالثا- أكدت التجربة التاريخية الطويلة للنضال النقابي على المستوى العالمي كما الوطني أن هناك علاقة عكسية قوية بين تعدد المركزيات النقابية ومستوى انخراط المأجورين. كلما تزايد عدد النقابات تراجع عدد المنخرطون. وبالتالي تقوى نفوذ الرأسمال وتنوعت صيغ الإجهاز على المكتسبات. ويقصد بالوحدة النقابية في بعدها الاستراتيجي أو التنظيمي توحيد كل فئات الأجراء في إطار مركزية نقابية واحدة، أو بناء تنظيم فدرالي أو كونفدرالي يجمع عدة مركزيات في إطار هياكل تنظيمية ومبادئ محددة وبرامج نضالية مشتركة ومصاغة بشكل ديمقراطي يكون معيار التوافق حولها المحافظة على وحدة الطبقة العاملة والدفاع عن مصالحها المشتركة. وعلى المستوى المرحلي أو التكتيكي يمكن أن تأخذ الوحدة النقابية صيغة التنسيق أو الاتفاق بين عدة نقابات قطاعية أو مركزيات نقابية على برامج نضالية بهدف تقوية القدرة التفاوضية وتحقيق مكاسب محددة، وإنضاج الشروط الذاتية للقبول بالوحدة في مفهومها التنظيمي الاستراتيجي. وبالتالي فإن تقوية التنسيقات المرحلية وتطويرها خطوات أساسية في أفق بناء الوحدة النقابية. ولقد شكل تأسيس الكونفدرالية النقابية العالمية (CSI ) بتاريخ 3 نونبر 2006 حدثا بارزا في الساحة النقابية العالمية، لأنه جاء تأكيدا واستمرارا للتحقيق المتجدد لهاجس وحدة التنظيمات النقابية على المستوى الدولي واستجابة لحاجة موضوعية وماسة في بداية الألفية الثالثة لمواجهة تحديات العولمة الجارفة والمتوحشة للرأسمال عبر العالم. وتكمن أهمية هذه الوحدة في كونها تنظيما اندماجيا بين الكونفدرالية العالمية الحرة CISL ذات التوجه الديمقراطي الاجتماعي بقاعدة تضم 155 مليون منخرط، والكونفدرالية العالمية للشغل CMT ذات التوجه المسيحي و 30 مليون منخرط. مما يعني أن CSI قد انطلقت عند تأسيسها وعدد منخرطيها 185 مليون منخرط ينتمون ل 145 دولة. وهو ما يشكل قوة لا يستهان بها في مواجهة أصحاب القرار في الشركات متعددة الجنسيات والمنتديات الدولية المدعمة لها. وعلى المستوى الوطني، أكدت الفيدرالية الديمقراطية للشغل منذ تأسيسها، على التوجه الوحدوي للتنظيم النقابي، لاسيما وأن واقع العمل النقابي بالمغرب متسم بالتشتت والتشرذم. وقد عملت الفيدرالية منذ ميلادها على استعادة العمل النقابي لوحدته عبر أشكال متعددة حيث انخرطت العديد من قطاعاتها في تنسيقات نقابية وطنية ومحلية وجهوية مع نقابات أخرى، إلى جانب حرص المركزية على الحفاظ على علاقات التنسيق التي تجمعها مع عدد من المركزيات، إيمانا منها بأن المرحلة التاريخية تفرض تحقيق هذه الوحدة كشرط لتحقيق المطالب والحفاظ على المكتسبات. كما شجعت كل المبادرات الوحدوية التي توجت بتوحيد العمل النقابي بكل من طنجة وفاس وفي قطاع المالية بتوحيد النقابة الديمقراطية للمالية والنقابة الوطنية للمالية. كما يشكل التنسيق الحالي بين النقابات التعليمية بقيادة النقابة الوطنية للتعليم العضو في الفدرالية الديمقراطية للشغل، وبين نقابات قطاع الصحة والجماعات المحلية، مثالا يحتدى على المستوى الوطني للعمل الوحدوي بين النقابات القطاعية من أجل دعم القدرة التفاوضية مع أصحاب القرار وإشاعة التربية على ثقافة الوحدة النقابية . لكن رغم كل هذه الانجازات، وبسبب هذه الانجازات يتعين على المناضلين والمناضلات الفدراليين والفدراليات إيجاد الأجوبة الضرورية للأسئلة التالية: - إذا كانت التنسيقات الحالية خطوة متقدمة لتجاوز واقع التشتت والتفرقة، هل ستستمر على هذا الشكل، وفي هذه الحدود؟ ( كيف نرقى بالتنسيق من مجرد التنسيق على مستوى الملفات المطلبية ليشمل مجال التنسيق على مستوى المؤسسات كمجلس المستشارين، مجالس الجهات، المجل الأعلى للوظيفة العمومية، المجلس الأعلى للتعليم...؟ ، كيف يمكن تجاوز التنسيقات الظرفية والموسمية إلى مأسسة التنسيق؟ ...الخ )؛ - هل استطعنا في إطار الفدرالية الديمقراطية للشغل خلق دينامية وحدوية كافية من شأنها أن تفتح آفاقا واعدة للعمل النقابي في المغرب؟ - هل باستطاعة الحركة النقابية المغربية في وضعها الحالي أن تواجه بنجاح كافة التحديات المطروحة عليها ( عولمة متسارعة، خوصصة متتالية، أزمة اقتصادية،...)؟ وما هي الآفاق الوحدوية التي يتحتم على الفيدراليين والفدراليات فتحها لحماية المكتسبات الديمقراطية والاجتماعية ببلادنا ؟ - وعلى المستوى الداخلي، هل تستطيع الفيدرالية الديمقراطية للشغل أن تقدم المثال وتقوم بمراجعة الذات من أجل بناء تجربة نقابية لا يكون فيها تعدد الرأي مدعاة إلى تعدد نقابي ؟ - كيف يمكن الانتقال من مستوى التنسيق الوطني الداخلي ليشمل ويتدعم بتنسيق فعال وناجع على المستوى الدولي في أفق احتلال الفدرالية الديمقراطية للشغل موقعها ضمن الحركة النقابية العالمية؟ - والسؤال العميق والموجه لكل قناعة وحدوية هو: كيف نرقى بالتعدد إلى مستوى التكامل والتضامن من أجل استرجاع الثقة في العمل النقابي النبيل، وتشجيع وتقوية المبادرات الوحدوية نضاليا، سواء تعلق الأمر بالمبادرات المنبعثة من داخل المركزية أو من خارجها؟ كل ذلك في إطار تكريس ممارسة نقابية حداثية وديمقراطية تضمن تكافؤ الفرص للنساء والرجال على حد سواء. 3- الديمقراطية الداخلية إذا كانت قوة العمل النقابي رهينة ببناء وحدة التنظيمات النقابية، فإن قوة التنظيم النقابي تكمن في مدى التزام أجهزته وقياداته بمبادئ الديمقراطية الداخلية. وتعتبر الديمقراطية مبدأ مؤسسا للتنظيمات النقابية المناضلة من أجل الدفاع عن حقوق الأجراء إلى جانب مبادئ الاستقلالية والتقدمية والجماهيرية والوحدة. بل إن مبدأ الديمقراطية هو الكفيل بضمان تحقق كل المبادئ الأخرى. الاستقلالية تستدعي أن القرارات النقابية يتم اتخاذها بشكل ديمقراطي من داخل أجهزة التنظيم النقابي ولا تملى من الخارج، والتقدمية تحيل على طبيعة العمل النقابي السليم الذي يهدف إلى تحسين الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية والثقافية للشغيلة وتطوير أوضاعها العامة نحو الأفضل في إطار التنظيم النقابي ووفق برنامج نضالي يتم إعداده وتجديده والمصادقة عليه ثم تنفيذه وفق ضوابط الديمقراطية الداخلية وبالتنسيق مع القوى الاجتماعية الأخرى المناضلة من أجل تقدم المجتمع ورفاهه. كما لا يمكن تحقق جماهيرية التنظيم النقابي دون تحوله إلى تنظيم ديمقراطي تجد فيه كل الحساسيات الإيديولوجية والسياسية مجالا للتطور والنضال النقابي الديمقراطي من أجل تحسين الأوضاع المادية والمعنوية للشغيلة. أما الوحدة فهي المكمل المباشر للديمقراطية، إذ لا يمكن الحفاظ على وحدة التنظيم النقابي، ولا يمكن أن تتوحد تنظيمات نقابية دون الاحتكام إلى مبدأ الديمقراطية. وتتحقق الديمقراطية الداخلية في التنظيم النقابي من خلال التزام التنظيم بالمعايير التالية: * الاحتكام إلى القوانين الضابطة لعمل التنظيم النقابي في كل صغيرة وكبيرة (القانون الأساسي القانون الداخلي المقررات التنظيمية الخ...)؛ * احترام مواعيد انعقاد المؤتمرات ومختلف الهياكل التنظيمية وطنيا ومحليا؛ * الاحتكام للهياكل المختصة عند اتخاذ القرارات وحين تنفيذها؛ * تكريس مأسسة العمل النقابي بدل ربطه بالشخص أو الفئة، مما ينتج عنه حتما بروز الزعامات والتناحر على المناصب القيادية بدل النضال من أجل الوحدة وصيانة مكاسب الشغيلة؛ * بناء ميزانية التنظيم وفق المعايير المحاسبية المتعارف عليها وطنيا ودوليا، وتدبيرها وفق معايير الشفافية ومقاربة النوع الاجتماعي ؛ * إسناد المهام للمناضلين والمناضلات باعتماد معايير موضوعية مصادق عليها داخل الهياكل التنظيمية المعنية؛ * بناء الإستراتيجية التدبيرية على أساس احترام مبدأ تكافئ الفرص من خلال إعمال معايير التمثيلية القطاعية والفئوية، ومعيار الجهوية ومعيار النوع الاجتماعي ...الخ؛ * بناء إستراتيجية تواصلية محكمة تحترم مبدأ الحق المتساوي لكل المنخرطين والمنخرطات في الحصول على المعلومة المناسبة في الوقت المناسب؛ لقد سجل تاريخ الممارسة النقابية بالمغرب أن السبب الرئيس للانحراف الذي عرفته مركزية الإتحاد المغربي للشغل هو الخروج عن المنهجية الديمقراطية، وتغليب النهج البيروقراطي سواء على المستوى التنظيمي أو على مستوى اتخاذ القرارات والمواقف، إلى درجة تحول البيروقراطية النقابية إلى جهاز قمعي تدخلي مسلط على رقاب المناضلين والمناضلات لا يضاهيه إلا القمع الشرس للأجهزة البوليسية آنذاك. وقد جاء البديل النقابي لسنة 1978 ليقطع مع هذا النوع من الانحراف وليعيد للعمل النقابي خصوصيته الديمقراطية المنفتحة والقادرة على استيعاب كل الحساسيات والتوجهات مادامت تصب في المصلحة المشتركة للأجراء. غير أن بديل 1978 سرعان ما سيسقط بدوره في انحراف لا يقل خطورة على العمل النقابي السليم من الانحراف البيروقراطي، إنه السقوط في الشعبوية السياسية وتنصيب الزعيم النقابي فوق كل الهياكل التنظيمية وضدا فيها، حتى لم يعد يُسمع سوى صوت الزعيم، ولم تعد المصداقية لأية مبادرة إلا إذا باركها الزعيم.. فتوالت الانحرافات وتراجع بريق العمل النقابي وغدت الحاجة إلى ثورة ديمقراطية من داخل التنظيم حاجة موضوعية، فكان تأسيس الفدرالية الديمقراطية للشغل سنة 2003. لقد رفعت الفدرالية الديمقراطية للشغل منذ تأسيسها شعار « الحداثة والديمقراطية « وعيا منها بضرورة تحديث العمل النقابي في إطار الالتزام بالمبادئ المؤسسة والمؤطرة للتنظيم النقابي السليم والتي يأتي في مبتداها ومنتهاها « الديمقراطية الداخلية» و»الوحدة النقابية». إن ما يميز مركزيتنا، وما يمكن أن يضمن لها التميز والقدرة على قيادة المد الوحدوي وطنيا ودعمه على المستوى الدولي هو العمل الدؤوب على التحويل الفعلي لتنظيمنا إلى تنظيم نقابي حداثي، ديمقراطي وحدوي في إطار الاحترام التام لمبدأ الاستقلالية والجماهيرية والتقدمية. وفي إطار التجربة الفيدرالية، مارست العديد من القطاعات الأعضاء عملها النقابي بكل حرية ومسؤولية دون أدنى تخوف من هيمنة الجهاز المركزي على فعالياتها، حيث حرص المكتب المركزي سواء في الجانب التنظيمي أو على مستوى المفاوضات مع الحكومة على احترام صلاحيات القطاعات، والتأكيد على تعزيز الحوار المركزي بالحوار القطاعي. ويحق لتنظيمنا أن يفتخر بما راكمه من نقاط قوة في مجال دعم الديمقراطية الداخلية، والتي نقدمها كالتالي: على المستوى الوطني: * تكريس قاعدة التناوب على قيادة المنظمة بدل الانفراد الأبدي بالزعامة؛ * احترام مواعيد عقد المؤتمرات والمجالس الوطنية؛ * اعتماد المقاربة التشاركية في التدبير الداخلي الإداري وفي معالجة وتنفيذ الملفات؛ * عدم تدخل المكتب المركزي في شؤون القطاعات النقابية إلا حين يُطلب منه ذلك من طرف أحد القطاعات أو عند بروز مشاكل يَستعصي حلها على المستوى القطاعي؛ * تنظيم القطاعات النقابية لمؤتمراتها دون تدخل المركز في فرض أي توجه أو الضغط لفائدة قيادة دون أخرى؛ * استقلالية النقابات القطاعية في تدبير شأنها المالي والتنظيمي والنضالي وإدارة الحوار الاجتماعي وما قد يستدعيه من تنسيقات أو تحالفات. على مستوى الاتحادات المحلية : * تمكين القطاعات النقابية من تأسيس اتحاداتها المحلية في إطار ما ينص عليه القانون الفدرالي ومنحها الحرية التامة في تدبير الشأن النقابي المحلي؛ * إشراف المكتب المركزي على عمليات تأسيس الاتحادات المحلية أو تجديدها دون التدخل في فرض أسماء معينة مع الحرص دائما على تطبيق المسطرة. واستطاعت الفيدرالية الديمقراطية للشغل أيضا أن تحقق قفزات هامة على صعيد التمثيلية حيث غدت مواقفها وسلامة توجهاتها نقطة جدب مكنتها من تعزيز الحضور الفيدرالي بالتحاق إخواننا من الإطار النقابي السابق بالغرفة الثانية، الشيء الذي سمح بتأسيس الفريق الفيدرالي للوحدة والديمقراطية خلال الولاية البرلمانية الأخيرة، كما تعزز هذا التوجه بما تحقق بشكل عام على صعيد الانتخابات المهنية والجهوية والغرفة الثانية حاليا. غير أن تعميق ممارستنا للديمقراطية الداخلية يحتاج منا جميعا إلى تحديد فهمنا المشترك لعدد من المفاهيم التي أبانت الممارسة العملية عن الحاجة إلى ضبط مضامينها وآليات ممارستها، سواء تعلق الأمر بتنظيم العلاقة ما بين المركزي والقطاعي، أو معايير وآليات تقديم مرشحي المركزية للمؤسسات التمثيلية الجهوية أو الوطنية، أو آليات انتخاب الأجهزة النقابية سواء على المستوى المركزي أو القطاعي....الخ. وإذا كان المؤتمر التأسيسي قد أقر مبدأ التصويت السري، فإن السؤال الذي لا زال مطروحا هو كيف يمكن إعمال هذا المبدأ، وما هي مكانة وسقف التوافقات التي غالبا ما تفرض مصلحة المنظمة اللجوء إليها حفاظا على الجسم الفدرالي وضمانا لتمثيل كل مكوناته . كما أن مبدأ التداول على المسؤوليات كمبدأ ديمقراطي رصين، يفرض علينا استحضاره في كل النقاشات التي تهدف إلى صياغة تصور واضح حول كيفية نقل المبادئ العامة المؤطرة لمركزيتنا وفي مقدمتها مبدأ الديمقراطية والحداثة، من المستوى التجريدي العام إلى المستوى الإجرائي العملي، وهو ما يطرح في نفس الوقت التأكيد على ضرورة التركيز على التكوين والتكوين المستمر لمناضلات ومناضلي مركزيتنا على مستوى مختلف الهياكل التنظيمية والقطاعات النقابية. لقد أثبتت التجربة النضالية لمركزيتنا إن بناء التنظيم النقابي الحداثي الديمقراطي الجاذب لكل المبادرات الوحدوية بات من الممكن موضوعيا، لكن مسؤولية توفير الشروط الذاتية لتحقيق هذه المهمة التاريخية، تبقى ملقاة على عاتقنا جميعا كمناضلات ومناضلي الفدرالية الديمقراطية للشغل.. فهل نحن في مستوى هذا التحدي؟؟ الفيدرالية ودينامية المنتديات الاجتماعية لقد شكلت حركة المنتديات الاجتماعية مستجدا بارزا انطلقت ديناميته من بدايات العقد الجاري، وجسدت مقاربة أخرى في التعاطي مع أسئلة العالم الجديد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، في ظل نظام عالمي أراد له المتحكمون في توجيه مساراته أن ُيخضع المجتمعات، ويُسكت الأصوات والحركات العاملة والمناضلة للحد من سطوة النيوليبرالية الجديدة. لقد انخرطت الفيدرالية في هذه الحركية مقتنعة بأن عالما آخر ممكن خارج القهر والاستعباد والاستغلال والاضطهاد والحروب وإلغاء الآخر، ومن أجل عدالة اجتماعية من حق الجميع في ظل سلام يضع حدا لكل النزاعات المتعددة الأسباب وذلك وفقا لما هو متضمن في ميثاق بورتو الملزم لكل المنظمات والهيئات الموقعة عليه. إن سرعة تفاعل الفيدرالية مع الدينامية العالمية المرتبطة بحركية المنتديات الاجتماعية، معطى آخر جعل الفيدرالية تتخندق من داخل الحركة الاجتماعية العالمية الممانعة للعولمة المتوحشة، والرافضة للسياسة النيوليبرالية التي هيمنت على العالم وتسعى جاهدة لإخضاعه وفرض السياسات التسلطية والقهرية عليه وفي هذا الإطار ومن داخل محطة المؤتمر مطلوب من الفيدرالية تأكيد هويتها في هذا الاتجاه بالمزيد من إشاعة وعي وثقافة المنتديات من خلال كل تجلياتها سياسيا بالانحياز لكل القضايا العادلة المرتبطة بتحرر الشعوب وضمان سيادتها واستقلالها وحقها في التنمية إلى جانب قيم الدمقرطة والمساواة ودعم تحرر المرأة وقضايا الشباب والهجرة والبيئة. ونظرا للدور الوازن الذي يضطلع به النقابيون داخل هذه الحركة العالمية، فالفيدرالية استنادا لمرجعيتها التحديثية والديمقراطية يمكن أن تلعب دورا أقوى في هذا الاتجاه بما يقوى العمل النقابي ببلادنا بأفكار وأسلوب عمل وآليات جديدة من جهة ، ويموقع المغرب كداعم لهذه الحركية على المستوى العالمي في مكانته قاريا ودوليا من جهة ثانية. وضمن هذه السيرورة تتفاعل الفيدرالية مع القضايا المطروحة من أجل : * عمل جماعي يضم مجمل الفاعلين من مكونات المجتمع المدني نقابيين وحقوقيين وتنمويين وشباب ونساء من أجل أهداف مشتركة لمواجهة هيمنة الليبرالية المتوحشة. * الارتقاء بالتنسيق والعمل المشترك بين الإطارات النقابية المشتغلة داخل المنتدى الاجتماعي المغربي FSM ومد الجسور بين مجمل النقابيين المغاربيين في أفق تأسيس منتدى اجتماعي نقابي مغاربي، من المرتقب الإعلان عنه في غضون السنة الجارية في أفق بناء هياكل أخرى على المستوى العربي والإفريقي. * الانخراط في المهام التحضيرية على المستوى الوطني استعدادا للمشاركة في المنتدى الاجتماعي العالمي المقرر تنظيمه بإفريقيا في بداية 2011 بالعاصمة السينغالية داكار. وهي المحطة الأساسية بالنظر لقوة المشاركة الدولية لكل فاعلي المجتمعات المدنية بالعالم ومن كل القارات. * تأمين حضور فيدرالي وازن في مختلف القضايا الموضوعاتية والمساهمة في بلورة الأفكار والبدائل المرتبطة بدينامية المنتديات على كل الأصعدة. تموقع الفيدرالية داخل الحركة الأورومتوسطية كما أن موقع وعمل الفيدرالية من داخل الشبكة الأورومتوسطة من أجل متوسط للسلام والتنمية والديمقراطية وحقوق الإنسان والتعاون والتضامن، انشغال لابد أن نستحضره في هذه المحطة التنظيمية من بين أولوياتنا، لتأكيد توجهنا في اتجاه عمل على المستوى المغاربي لتقوية روابط التعاون والتضامن من بين التنظيمات النقابية المغاربية ويخدم الأفق المغاربي المشترك لتحقيق مغرب الشعوب وبارتباط بالمحيط الأورومتوسطي الذي تزداد القناعة يوما بعد يوم بأهمية الاشتغال عليه كإطار وبنية متكاملة مع بعضها البعض خدمة لكل ساكنة المتوسط لتلبية حاجياتهم والتجاوب مع مطالبهم وتطلعاتهم. والواقع أن التطور الحثيث للعلاقات المغربية الأوروبية منذ انطلاقتها كشراكة حددت اتفاقيات برشلونة مسارها سنة 1995، وتبلورت ضمن إطار سياسة الجوار الأوروبية لتصل إلى مستوى منح المغرب صيغة «الوضع المتقدم» بما يعني دخول المغرب في مدار آخر أكثر من الشراكة العادية وأقل من العضوية في الاتحاد الأوروبي. وتكمن أهمية اشتغال الفيدرالية إلى جانب باقي مكونات المجتمع المدني ضمن الشبكة المغربية الأورومتوسطية للمنظمات غير الحكومية، وعيا منها بما ينجز في متابعة العلاقة المغربية الأوروبية باحترام بنود الاتفاقيات سواء فيما يخص حقوق الإنسان، ودعم مختلف أشكال الدمقرطة والتحديث للدولة والمجتمع والنهوض بأوضاع النساء وحماية الأطفال من الاستغلال وغيرها من القضايا. ويجسد التقرير السنوي للشبكة الأهمية المتميزة من موقع الرصد والمتابعة لما ينجز على أرض الواقع . وهذا ما لمسناه في تقريري 2007 و2008. اللذان عبرا بمصداقية عن واقع العلاقات المغربية الأوروبية ومن تراكم في هذا الاتجاه سواء كمجالات تقدم أو كاختلالات ونواقص. إن تعدد جوانب العلاقات المغربية الأوروبية وانفتاحها على المستقبل، يجعل من الاشتغال الفيدرالي ضمن فعاليات المجتمع المدني مسؤولية أساسية في المصاحبة والنقد، وهي مهمة لا يمليها التزامنا بمواكبة كل ما يخص بلادنا فقط، بل إن بنود الاتفاقات المبرمة بين طرفي العلاقة المغربية الأوروبية تنص على ذلك. وبالتالي فمسؤولية كل الفاعلين داخل الشبكة من أجل : * تقوية آليات رصد ومتابعة المجتمع المدني لكل جوانب تنفيذ الاتفاقات، وتوضيح الخصاصات، والوقوف على الثغرات. * تطوير مختلف أشكال التعاون والتضامن بين الشبكات المتوسطية عبر كل مكوناتها، وتخصيصا على المستوى النقابي بين الإطارات النقابية من الضفتين، وفق استراتيجية هدفها نهوض شامل وتنمية متواصلة بالفضاء المتوسطي على كل المستويات. * تأمين تواصل أكثر فعالية وطنيا ومتوسطيا يسمح بتطوير الكفاءات والاستفادة من التجارب والخبرات. الهجرة المغربية وحماية حقوق مكتسبات مغاربة العالم في الوقت الذي تعرف فيه البضائع والمعلومات والرساميل في زمن العولمة حركة دائبة عبر الحدود تشهد فيه حركة البشر نحو البلدان الغنية تشددا كبيرا في وقت أصبحت فيه اكثر حيوية بالنسبة لملايين الفقراء الذين يحاولون الهروب من واقع الفقر والتهميش عبر الهجرة. وتعتبر المأساة التي حصلت بالمغرب على حدود سبتة ومليلية السليبتين سنة 2005 والمتمثلة في مقتل 14 مهاجرا إفريقيا وجرح مئات آخرين من بين مجموعة من الأفارقة الذين حاولوا عبور الحدود الشائكة ، على يد السلطات المغربية ، اكبر شاهد على حجم المأساة. وحسب بعض الإحصائيات فقد مات حوالي 4000 مهاجر حاولوا العبور إلى أوربا ما بين 1992 و2003 . ورغم هذه المآسي تستمر أوربا والعديد من البلدان الغنية مثل أمريكا في ابتكار الأساليب لإحكام إغلاق أبوابها في وجه المهاجرين البؤساء . إن أوربا اليوم لا تبخل عن تمويل كل الوسائل لضبط ومراقبة الهجرة وطرد المهاجرين السريين حيث إرست نظام كا ميرات للمراقبة الدائمة لمضيق جبل طارق، وتبذل المساعدات ا لمالية واللوجستية في إطار التعاون مع شرطة البلاد المجاورة للإتحاد الاوربي كي تعمل تلك الدول على الحد من الهجرة إلى أوربا. كما بنت مراكز لحجز المهاجرين الذين يتمكنون من العبور إلى أوربا حيث تقيم هؤلاء في ظروف غير مقبولة في انتظار ترحيلهم. ويصل عدد المهاجرين في العالم، حسب دراسة لمنظمة العمل الدولية ، إلى 191 مليونا، من بينهم حوالي 90 مليونا مهاجرا اقتصاديا أي من أجل العمل. وتشير الدراسة إلى أن عدد المهاجرين ارتفع من 75 مليونا سنة 1960 إلى 191 مليونا سنة 2005. وتتوقع أن يتزايد عددهم. وفي جانب آخر أشارت الدراسة إلى أن تحويلات المهاجرين بلغت سنة 2005 حوالي 160 مليار دولار. وعلى المستوى القانوني لا يوجد حاليا نظام عالمي للهجرة . وعلى الرغم من كون القانون الدولي لحقوق الانسان، وأحكام قانون العمل الدولي تقرحماية المهاجرين من تعرضهم للميز والاستغلال والاعتداء خاصة في القطاعات المهمشة، ويقر مبدأ المساواة بين العمال المهاجرين والعمال المواطنين في مجال العمل والوظيفة، لازالت هجرة اليد العاملة تنظم وفق القوانين والسياسات الوطنية. ووصل عدد المغاربة المهاجرين سنة 2003، حسب أرقام رسمية، إلى: 2.582.097 موزعين على الشكل الآتي: أمريكا : 155.423 البلدان العربية: 231.961 - أوربا: 2.185.821 آسيا : 3.527 إفريقيا : 5.355 وتتمركز الهجرة المغربية بشكل كبير في المنطقة الأوربية ،حيث تتوزع على عدة بلدان أوربية ( ألمانيا، هولندا، اسبانيا ،بلجيكا إيطاليا، وفرنسا). وتشكل فرنسا الوجهة الاولى لاعتبارات تاريخية وسياسية واقتصادية وثقافية. هولاندا : 300332 اسبانيا: 423933 فرنسا: 1.113176 ألمانيا: 102000 بلجيكا293097 إيطاليا : 298.949 ويعتبر المهاجرون المغاربة أطرا تنموية هامة من خلال مساهمتهم الفعالة في الاقتصاد الوطني المغربي، حيث وصلت تحويلاتهم سنة 2003 إلى 35 مليار درهم. وتحتل بذلك المرتبة الثانية بعد الفوسفاط متقدمة على مداخيل السياحة. ولم تتراجع عن هذه المكانة لحد الآن. ويرجع تنامي الهجرة المغربية نحو الدول الغنية إلى تدهورالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في المغرب من خلال ارتفاع أعداد العاطلين، وتزايد الفقر وسط شباب تتراوح أعمارهم ما بين 15 سنة و 35، وضعف النسيج الاقتصادي وعجزه عن خلق مناصب شغل كافية لاستيعاب أعداد الوافدين على سوق الشغل . إلى جانب التهميش الذي عرفته بعض الجهات المغربية في فترات سابقة من تاريخ المغرب المستقل. و في هذا السياق سجل بحث عن الفقر في المغرب تم أنجازه سنة 1999 وجود 3،5 مليون مغربي تحت عتبة الفقر. كما بلغت، حسب البنك الدولي، نسبة المغاربة الذين يعيشون بأقل من 10 دراهم في اليوم ألى 30 في المائة في نفس السنة. وازدادت الفوارق الاجتماعية اتساعا حيث يحصل 20 في المائة من المغاربة على 6،5 في المائة من الثروة المغربية ، في حين أن 20 في المائة من المغاربة الاغنياء يتقاسمون 46 في المائة من الثروة المغربية. وتتميز الهجرة المغربية حاليا بكونها تضم أفواجا متعددة من المهاجرين ،حيث تجاوز حاليا حوالي 40 في المائة من أعضائها 25 سنة من الهجرة، وما يقارب من ربعها قضى ما بين 15 و 25 سنة. وهي تركيبة تفرز سلوكات مختلفة تجاه البلدان المضيفة أو البلدان الأصلية. كما تتميز أيضا بظاهرة أنوتثها التي تقدر بحوالي 50 في المائة حاليا، وذلك بفعل عوامل شتى على رأسها عامل التجمع العائلي. المشاكل والتحديات يلعب العمال المهاجرون دورا تنمويا سواء بالنسبة لبلدانهم الأصلية أو البلدان المضيفة حيث يشتغلون في بلدان المهجر في وظائف حيوية لا يريدها أبناء البلد كقطاع البناء والفلاحة والخدمات في المنازل خاصة بالنسبة للنساء، رغم أن هذه المهن يغلب عليها الطابع الموسمي وعدم الاستقرار. إلى جانب، ذلك تساهم اشتراكاتهم في أنظمة الضمان الاجتماعي في توازنات الصناديق الاجتماعية بالبلدان المضيفة رغم أن العديد منهم لن يستفيد منها خاصة الموسميين منهم. وتساهم تحويلات المهاجرين في دعم الاقتصاد المغربي، وانعاش قطاع العقار والقطاع التجاري والخدماتي. كما تعمل على تحسين المستوى المعاشي لعدد من العائلات. غير أن الملاحظ هو محدودية تأثير هذه التحويلات في الجهات التي ينتمي إليها المهاجرون نظرا لغياب أية سياسة لاستثمارها هناك، مما يجعل المدن المغربية الكبرى مثل البيضاء هي أكثر استفادة منها. وتعتبر الهجرة المغربية إلى اسبانيا حديثة مقارنة مع باقي أوربا ، إذ بدأت أواسط الثمانينيات. وتتميز بكونها خضعت لمحاولات التحكم فيها عبر اتفاقيات ثنائية أو مع الاتحاد الاوربي. حيث تم التوقيع سنة 1999 على اتفاقية لتشغيل العمال الموسميين. غير أن هذه الاتفاقية لم تشمل سوى 7 في المائة من المهاجرين، إذ بقيت الغالبية الساحقة للهجرة نحو اسبانيا سرية. ويعاني العمال المغاربة المهاجرون في إسبانيا من أوضاع جد صعبة ، فهناك تمييز ضدهم في الأجورحيث يقل أجر المهاجر المغربي كثيرا عن العامل الاسباني، فالمهاجر يتقاضى أجرا يوميا نادرا ما يصل إلى 24 يورو( 4000 بسيطة) في حين يتراوح أجر العمال الاسباني ما بين 4000 و6000 بسيطة. وتصل ساعات عمل العامل المهاجرالمغربي إلى 14 ساعة في حين ان التوقيت القانوني هو 09 ساعات في اليوم. كما أن أغلب الأعمال التي يقوم بها المغاربة المهاجرون هي موسمية في قطاعي البناء والفلاحة. وهناك فئتان أكثر تضررا هما: النساء والمهاجرون السريون الذين يتم حرمانهم احيانا من حقهم في الاجر من طرف بعض المشغلين ويعيش المهاجرون بإسبانيا عموما أوضاعا صعبة تفاقنت مع الأزمة الاقتصادية الحالية حيث تعرض أكثرهم إلى البطالة. و في مناطق الجنوب من إسبانيا تزداد أوضاعهم الاجتماعية سوءا حيث يسكنون في خيام متهالكة وفي أماكن مهجورة من طرف الاسبان أو منازل قديمة هجرها المواطنون الاسبان. في هذه الظروف يستحيل الحديث عن إمكانية إنذماج المهاجرين المغاربة ويتعرض المهاجرون في اسبانيا أيضا لمعاملات تمييزية عنصرية في محيطهم الاجتماعي بفعل تعرضهم لحملات سياسية عنصرية يغديها إعلام متحيز ينجم عنها نظرة عدائية من طرف الإسبان لهم. فهم في نظرالاسبان بالمناطق الجنوبية مجرمون ومنحرفون يجب طردهم أو إبقاؤهم بعيدين في المزارع وفي ورشات البناء. ويزداد وضع العمال المهاجرين السريين معاناة في قطاعات الاقتصاد غير النظامي على جميع المستويات ، سواء في الاجور أو توقيت وظروف العمل في ضيعات مغطاة بالبلاستيك حيث تصل درجات الحرارة مستويات لاتحتمل. وبدل أن تركز السلطات الاسبانية ضغطها على أرباب العمل من أجل تحسين ظروف عملهم وعيشهم يتم الضغط على المهاجرين الذين يبقون دائما مهددين بالاعتقال والطرد. ووضعت فرنسا من جهتها قانون « الهجرة المنتقاة» لمحاربة « الهجرة المفروضة» كما تسميها. و تقوم السلطات الفرنسية بموجب هذا القانون الذي وضع سنة 2005 بانتقاء نوع المهاجرين التي هي في حاجة إليهم ، وهم في الغالب ما يكونون دكاترة وباحثين ومهندسين وأطباء...الخ. غير أن هذه السياسة التمييزية والانتقائية تنطوي على خطورة بالغة حيث تشجع على هجرة الأدمغة من دول الجنوب . إن الهدف أيضا من هذا القانون هو الحد من الهجرة القانونية، فقد ضيق الخناق أيضا على التجمع العائلي وعلى رخص الدخول لأجل العلاج، وعلى حق اللجوء الذي تميزت به فرنسا منذ القرن 19. إن هذا النوع من القوانين والاجراءات يغدي بقوة الخطاب العنصري ويشجع الممارسات المعادية للأجانب. كما أن هذه السياسة الأمنية ضد المهاجرين من شأنها أن نتمي روح الاحباط وتسبب في ممارسات إرهابية عنيفة لأنها لا تركز سوى على الجانب الأمني والعقابي عبر جهاز القضاء إذا تحول المهاجرين إلى منحرفين ورغم كل المحاولات التي قامت بها أوربا للحد من تدفق الهجرة إليها فقد أتبث الواقع فشل كل المقاربات الأمنية المتبعة لوقف زحف أمواج فقراء العالم المتخلف نحوها. بل أدت هذه المقاربة إلى تنمية عصابات المتاجرة في تهجير البشر التي تحاول استغلال كل نقط العبور الممكنة لممارسة تجارتها الخطيرة. وما لم تستطع الدول الأوربية والدول المصدرة للهجرة حل مشكل تزايد الفقراء فليس هناك أي أمل في وقف أو الحد من الهجرة السرية ومع تزايد العولمة ازداد اهتمام الدول المستقبلة للهجرة إلى تنظيم الهجرة المؤقتة عبر اتفاقيات ثنائية حيث تعتبرها هذه الاخيرة من جهة حلا لسد النقص في أسواق العمل لا سيما في القطاعات التي لا تتطلب مهارات عالية مثل الزراعة والبناء والخدمات والصناعات الغدائية والعمل في المنازل خاصة بالنسبة للنساء، ومن جهة أخرى وسيلة للحد من الهجرة السرية . لكن هذه الاتفاقيات لم تراع حقوق المهاجرين الموسميين الناجمة عن مساهمتهم في صناديق الضمان الاجتماعي للبلدان المضيفة، فهم يساهمون في دعم الصناديق الاجتماعية للبلدان المستقبلة دون أن يستفيدوا من خدمات هذه الأخيرة. وتواجه الهجرة المغربية اليوم، خاصة في البلدان التي استقر المهاجرون بها منذ وقت طويل، مشاكل جديدة ناجمة عن ارتفاع اعداد المهاجرين المتقدمين في السن وتزايد جيل جديد من المهاجرين الشباب الذين نشأوا في المهجر ويتمتعون بكل حقوق المواطنة في البلاد المضيفة مما يحول الهجرة المغربية إلى هجرة دائمة. كما يواجه المهاجرون منذ انهيار ناطحات السحاب الأمريكية سنة 2001 حملة سياسية عنصرية تسعى إلى تحميل المهاجرين من الدول الاسلامية مسؤولية ما حصل، وتحاول من تم التضييق عليهم وعزلهم عبر حملات سياسية . ويستغل اليمين الأوربي الازمة الاقتصادية لتحميل المهاجرين مسؤولية انتشار البطالة وسط المواطنين الأوربيين، كما يستخدمون بدهاء الاعتداءات الارهابية خلق جو من الخوف تجاه المهاجرين القادمين من دول إسلامية ولتبرير التضييق عليهم بدعوى عدم قدرتهم على الاندماج في الفضاء الأوربي. السلطات المغربية والهجرة اهتمت الحكومة المغربية لوقت طويل بتحويلات العمال المهاجرين فقط، وتجاهلت المشاكل والاوضاع المأساوية التي يعيشونها. وتعاملت القنصليات المغربية بشكل سيئ مع مشاكل العمال المهاجرين سواء العائلية أو الادارية أو الاقتصادية سواء المرتبطة بالمغرب أو بالبلدان المضيفة. ولم تستطع الوداديات التي تأسست بدافع من السلطات المغربية التخلص من الادوار الرسمية التي حددت لها عند تأسيسها لتفتح مجالات أرحب لمساعدة ودعم العمال المهاجرين. وقد عملت جمعيات المهاجرين المستقلة على ملء هذا الفراغ من خلال طرح مشاكل الهجرة المغربية على الرأي العام الأوربي ومحاولة فك طوق العزلة والصمت عنها. وعملت السلطات المغربية في السنوات الأخيرة على تصحيح علاقتها مع المهاجرين المغاربة بهدف تقوية ارتباطهم بالمغرب حيث عملت في المرحلة الأولى على فتح إمكانية مشاركتهم في البرلمان المغربي في مرحلة التسعينات. لكن هذه المحاولة توقفت بفعل عوامل مختلفة على رأسها ضغط أوربا. وتحاول السلطات المغربية حاليا إعادة تنظيم هذه العلاقة من جديد عبرتأسيس مجلس الجالية المغربية في CCME الخارج والذي أسندت له مهام استشارية تتمثل في توجيه السياسات العمومية لفائدة المهاجرين المغاربة بالخارج، واقتراح الوسائل الكفيلة بمساهمتهم في تنمية الحياة السياسية بالمغرب. كما اعتبر أيضا ضرورة حماية حقوق المهاجرين المغاربة وتقوية ارتباطهم بوطنهم، وتثمين مساهمتهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية ضمن مهامه.. إن المبادرة الاخيرة للسلطات المغربية تندرج في سياق تغيير نظرتها للهجرة، أصبحت تعتبر المهاجر المغربي فاعلا هاما في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في مجتمعه الأصلي وفي البلاد المضيفة. خصوصا وأن التركيبة الاجتماعية للهجرة المغربية قد تغيرت. لكن تبقى الأسئلة الكبيرة والحرجة تنتظر ليس فقط مجلس الجالية المغربية في الخارج بل تدخل الحكومة تجاه الدول المستقبلة للهجرة المغربية لحماية حقوق وأوضاع المهاجرين المغاربة. الدول الأوربية من جهتها مطالبة بتنفيذ التزاماتها المعبر عنها في اتفاق برشلونة بتخصيص نسبة 0،7 في المائة من ناتجها الداخلي لمساعدة الدول الفقيرة على تحسين أوضاعا الاقتصادية وتحسين أوضاع مواطنيها، إلى جانب تغيير النظرة إلى الهجرة وجعل الإنسان محور سياسة الهجرة بدل النظرة الضيقة الحالية التي تحصر النظرة في الجانب الاقتصادي الصرف. اهتمام الفيدرالية بالمهاجرين المغاربة بمختلف مواطن الهجرة هاجس ثابث في انشغالاتها، بالنظر لما يمثله المواطنون المغاربة بالمهجر (3 ملايين) 10/1 من ساكنة المغرب، حيث تضاعفت الأعداد خلال العقود الأخيرة بشكل لافت، وتعددت الحاجيات والمطالب، والمضايقات والتعسفات التي تطالهم وتعصف بمكتسباتهم، وتضرب حقوقهم، بل وتهدد وجودهم بفعل السياسات العنصرية للحكومات اليمينية، وضغوطات التكثلات العنصرية المتطرفة التي جعلت من المهاجرين هدفا لتوسيع هيمنتها وتحقيق أهدافها، ولا أدل على ذلك من وقائع مفضوحة في فرنساوإسبانياوبلجيكاوهولندا وليس آخرها ما تعرفه إيطاليا، وما يستهدف المهاجرات والمهاجرين ببعض الأقطار العربية بالإمارات والأردن وسوريا وليبيا والبحرين كما هو معكوس في التقارير والصحافة الوطنية والدولية. والفيدرالية من موقع انشغالها المتواصل بأوضاع المهاجرين سواء بأوروبا أو الشرق العربي، تواصل وتتتبع باهتمام أوضاع المهاجرين وتحث المسؤولين على التعاطي مع الهجرة وفق مقاربة تنموية تتأسس على قيم حقوق الإنسان، وهنا على أرض الوطن بالدعوة للتجاوب مع مطالب وحاجيات المهاجرين، وتوفير مختلف أشكال الدعم والحماية والتضامن معهم. إن وضع المغرب سواء باعتباره مُصدرًا للهجرة، أو كمنطقة عبور أو كمستقبل لموجات ودفعات من المهاجرين الأفارقة وغيرهم، في إطار ما يعرف بالهجرة الدائرية أو الموسمية واستحضارا للمعطى الجديد المتمثل في مهاجرين فوق أرض المغرب محاصرين بحواجز وكوابح تحول دون التحاقهم بالضفة الأخرى، فاستكانوا لاستقرار قسري أصبح يتطور بشكل سريع من قبل وافدين من جنسيات مختلفة. هذا الوضع أصبح يفرض مقاربة تلتزم بالمعطى الحقوقي وتتأسس عليه العلاقات سواء مع مهاجرينا أو مع العابرين وكذا من فضلوا الاستقرار فوق التراب الوطني. وتوقيع المغرب على الاتفاقيات الدولية الصادرة عن منظمة العمل الدولية (97) و(143) لضمان حقوق المهاجرين، والتجاوب مع مطالبهم، وتفادي كل ما يعوق ممارسة حقوقهم في إطار القوانين الوطنية والدولية، بل ندعو لتسطير برامج تسمح برصد الظاهرة، واقتراح البدائل فيما يخص سياسة الهجرة. وتقديم الدعم والمساندة للمهاجرين والمرشحين للهجرة خاصة فيما يخص حقوقهم الاجتماعية. ويشكل البرنامج الجاري في إطار التعاون بين الفيدرالية الديمقراطية للشغل والكونفدرالية العامة للشغل بإسبانيا UGT نموذجا في هذا الاتجاه يتطلب تقويته وتدعيمه وتوسيعه، والعمل على إنجاح كل الأنشطة المسطرة في البرنامج من أجل : * توعية العمال والعاملات المغاربة بحقوقهم و شروط الشغل في دول المهجر. * استقبال وتتبع تظلمات وشكاوي العمال المهاجرين ومعالجتها في إطار التعاون النقابي الدولي. * اقتراح بدائل لأجل حكامة جيدة وإنسانية للسياسات العمومية للهجرة. * التعاون مع مختلف الفاعلين والمتدخلين بالمغرب في مسالة الهجرة وكذا بتعاون مع مراكز مماثلة بكل من السنغال وموريطانبا . * دعم مبادرات منظمة العمل الدولية المتعلقة بالعمال المهاجرين. * المساهمة في تنظيم ندوات وأيام دراسية وورشات حول موضوع الهجرة عموما والهجرة العمالية خصوصا مع مختلف الإطارات ذات الصلة (جامعات جمعيات المهاجرين مراكز للبحث والمنظمات الدولية المختصة). كما أن الهجرة الانتقائية التي لجأت إليها العديد من دول استقبال المهاجرين تطرح علينا السؤال من زاوية الخسائر التي تتكبدها البلدان المصدرة للهجرة باعتبار العملية استنزافا للموارد البشرية والأطر، حيث تهرب العقول والأدمغة والكفاءات في إطار تنافسية لا متكافئة بين الإغراءات المحرضة على الهجرة، أو الاستسلام لواقع لا يستجيب للحاجيات والطموحات. ويبقى موضوع الهجرة بكل حيثياته ومستجداته اهتماما رئيسيا يتطلب المتابعة الدقيقة دعما لحقوق المهاجرين في مواجهة شروط الاغتراب وعدم الاستقرار. البيئة و العمل النقابي 1- ضرورة الاهتمام بالبيئة - يعرف كوكب الأرض اختلالات عميقة ( تغير المناخ ،ثقب الأوزون ،ارتفاع ارتفاع درجة حرارة الأرض ، ذوبان المحيط المتجمد الشمالي................) تتحمل فيه الدول المصنعة المسؤولية الأولى ،الشيء الذي ينتج عنه مضاعفات خطيرة تهدد حياة الإنسان و يصير بالتالي الوضع غير مطمئن و يتطلب من الجميع العمل من أجل الحفاظ على الوسط البيئي. - و يعرف المغرب تدميرا مستمرا للبيئة من خلال التعاطي السيئ مع الغابات و الشواطئ و استغلال المياه بحيث تعطى الأولوية للربح الاقتصادي و المالي في ظل قوانين متجاوزة و في غياب مراسيم تطبيقية يضاف إلى ذلك عدم إعطاء الجماعات المحلية الأهمية المطلوبة للمحافظة على البيئة. - و نظرا لكون البيئة ملكية جماعية و مسؤولية الحفاظ على التوازن الطبيعي جماعية و مشتركة, - و نظرا لكون الفكر البيئي يكمل القيم الاجتماعية و الثقافية التي تؤكد على نصرة حقوق الإنسان التي منها حق العيش في وسط بيئي سليم. - ونظرا للارتباط الوثيق بين البيئة و التنمية المستديمة , - و في أجواء الحوار الوطني من أجل ميثاق وطني حول البيئة و التنمية المستديمة. - و في إطار الحوار حول الجهوية و باستحضار كون البيئة جهوية أيضا و لكل جهة إمكانية تدبير مجالها البيئي. 2- تعتبر البيئة شأنا نقابيا - نظرا لارتباط البيئة بظروف العمل و كل تحسن في ظروف في الوضع البيئي ينعكس إيجابا على ظروف العمل, - لأن الاهتمام بالبيئة من شأنه أن يضمن حق الشغل كما يمكن من التنافسية النوعية. - لأنه في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية ، فإن الطاقات المتجددة و البيئة بشكل عام هي من سيتولى دور المحرك للرأسمالية قصد تجديد نفسها و تجاوز أزمتها. - لتزايد الحراك العالمي ضد المقولات الملوثة و تمامي إيكولوجيا اجتماعية كقوة اجتماعية و سياسية ضاغطة في الدول الصناعية و ظهور بعض ارهاصاتها في الدول النامية - لأن حداثة النقابة و قوتها الاقتراحية للنقابة تتطلبان منها استحضار البعد البيئي 3- المطلوب - إيلاء الأهمية القصوى لموضوع البيئة بالرغم من بالرغم من حداثة الاهتمام النقابي به و بالرغم من تعقيداته. - إثبات أن العمل في مجال البيئة شأن نقابي و ليس حكرا على المقاولات, - المعرفة الدقيقة بالمشاكل البيئية . - اعتبار التزود بالمعلومات في مجال البيئة مهمة نقابية تمكن من صياغة مطالب بيئية للشغيلة تساهم تلبيتها في تحسين ظروف العمل و ظروف العيش . - تشجيع البحث العلمي في مجال البيئة. - العمل على تأطير النقابيين و تكوينهم في مجال البيئة في دورات تكوينية. - ا لعمل على إلزام المؤسسات و الهيئات بضرورة دراسة الوقع البيئي للمشاريع في مختلف المجالات قبل إجرائها و تنفيذها . - تخصيص جانب من الإعلام النقابي لموضوع البيئة. - العمل على استحضار البعد البيئي في تشكيل المجلس الاقتصادي الاجتماعي ليقوم بدوره الدستوري في بلورة مخططات في المجالات الاقتصادية و الاجتماعية بما يراعي الحفاظ على البيئة و الإنصاف الاجتماعي. - وضع آليات تنظيمية وطنيا و جهويا و محليا تهتم بالبيئة و التنمية المستديمة. - توفير وسائل و أدوات خاصة بمجال البيئة. - الدخول في مشاريع و شراكات مع جعيات تهتم بالبيئة . - الاهتمام بالتشريع في المجال البيئي من أجل سن قوانين و إصدار مراسيم تمكن من تحسين ظروف العمل وشروط العيش. المؤتمر الوطني الثالث التقرير التركيبي