بعد انقضاء سبع سنوات على بداية الثورة السورية التي تحولت إلى حرب طاحنة، أصبحت للرئيس بشار الأسد اليد العليا في ساحة القتال بفضل الدعم الروسي والإيراني، لكن لا يزال الصراع أبعد ما يكون عن النهاية بعدما انقسمت سوريا إلى مجموعة من الجيوب يحكمها أمراء حرب وقيادات معارضة. وبينما لا يعتقد سوى قلة قليلة من المراقبين المحايدين بإمكانية انتهاء الصراع قريبا، يستبعد آخرون أن يستطيع الأسد استعادة السيطرة على البلاد بأكملها، أو التوصل إلى اتفاق سلام. وحسب ما ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" فإن إشارات في المنطقة توحي باندلاع حرب جديدة في الشرق الأوسط. فبعد المواجهة التي حصلت الشهر الماضي بين إسرائيل وإيران في المجال الجوي السوري، هناك توجهات في سوريا سمتها الصحيفة ب"المشؤومة". وأضافت الصحيفة ذاتها، أن ساحة المعركة بسوريا قادرة على امتصاص القوى الأجنبية. تتبارى فيها الولاياتالمتحدة وتركيا الحلفاء في حلف شمال الأطلسي ضد بعضهما البعض وكذلك الولاياتالمتحدة ضد روسيا. إلا أن هذا التصعيد مجرد شرارة، غالباً ما يذهب ضحيته الوكلاء. وفي حال أسيء إدارته أو أخطأ أحد في تقديره، فسيتحول إلى حرب جديدة تمتد على نطاق المنطقة. ومن جهته،أقال ترامب، وزير الخارجية"ريكس تيلرسون" والذي على الرغم من عيوبه إلا أنه يقود الخارجية بحذر واستبدله برئيس وكالة الاستخبارات المركزية "مايك بومبيو"، وهو صقر متشدد تجاه إيران. كما أن ترامب استبدل أيضاً مستشاره للأمن القومي، الجنرال "هربرت مكماستر" الذي لا ينسجم معه بخصوص إيران، ب"جون بولتون"، السفير سابق لدى الأممالمتحدة، والذي قال عشية غزو العراق في عام 2003، إن الولاياتالمتحدة ستخرج من العراق دون جهد خلال ستة أشهر، كما أنه يرى قصف إيران حل للحد من طموحاتها النووية. وتأتي التغيرات في البيت الأبيض، مع تهديد ترامب بتمزيق الاتفاق النووي الذي توصلت له إيران مع القوى الستة، بما فيها الولاياتالمتحدة، في عام 2015. حيث قال إنه لن يعيد التصديق على الاتفاق في أيار ما لم يتم إعادة كتابته. وبالطبع ترى الصحيفة أن هذا لن يحدث. حيث يحاول الموقعون الأوروبيون – فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة – التوصل لحل لهذا الأمر عن طريق استكشاف إجراءات منفصلة لتقييد برنامج إيران للصواريخ البالستية ومعاقبة طهران لتوسيع قوتها السياسية وشبه العسكرية في الدول العربية الهشة بما في ذلك العراقوسورياولبنان واليمن. إلا أن محاولات هذه الدول أيضا، تبدو بائسة. وبحسب الصحيفة، فعلى الغالب أن الاتفاق النووي الإيراني يحتضر. وترامب لا يقدم بديلاً عنه إلا الحرب عوضاُ عن الدبلوماسية التي نجحت في تطويع أي طموحات للقنبلة النووية ربما كانت طهران تمتلكها. في غضون ذلك، قال الأمير "محمد بن سلمان" في مقابلة له قبل توجهه في زيارة إلى الولاياتالمتحدة هذا الأسبوع إن المملكة العربية السعودية ستسعى للحصول على قنبلة نووية إذا حصلت إيران على قنبلة نووية. أما بالنسبة الإسرائيل فغالبا هي التي ستضغط على الزناد لمواجه إيران. وتضيف الصحيفة أنه من المحتمل، في الأيام القادمة، أن يضرب الإسرائيليون بقوة قاعدة إيرانية في سورياجنوب غرب دمشق. والتي تم بث صور لها التقطتها الأقمار الصناعية على شبكة "فوكس نيوز" في نهاية الشهر الماضي. فعندما علمت "بي بي سي" عن مصدر استخبارات غربي بوجود قاعدة لميليشيا شيعية مدعومة من إيران بالقرب من دمشق في تشرين الثاني، قامت القوات الجوية الإسرائيلية بتدميرها في غضون أسابيع. لذا يعتقد بعض المسؤولين الغربيين أن الضربة القادمة وشيكة. وبحسب الصحيفة فقد نفذت إسرائيل أكثر من 100 طلعة جوية فوق سوريا منذ العام 2013، بهدف تدمير المخازن الإيرانية أو قوافل الأسلحة الإيرانية المتجهة إلى حزب الله. إلا أن أي غارة قادمة قد تعتبر تصعيداً، بعد أن أسقط النظام في سوريا طائرة إسرائيلية الشهر الماضي نتيجة لدخول طائرة إيرانية بدون طيار إلى المجال الجوي الإسرائيلي. كما أن إسرائيل قد أصرت بوضوح أنها لن تسمح لإيران ولا لحزب الله بإنشاء قواعد دائمة في سوريا. كما أنها لن تتسامح مع ترسانة حزب الله الصاروخية المتزايدة في لبنان. وقال نتنياهو لمجموعة ضغط مؤيدة لإسرائيل في واشنطن هذا الشهر إن "الظلام ينزل إلى منطقتنا" مضيفاً "سنوقف إيران". كما أوضح نتنياهو في ذلك الخطاب ادعاء إسرائيل بأن إيران قد بنت مصانع صواريخ دقيقة داخل لبنان لحزب الله. ومن الواضح أنها لم تقدم أدلة على هذه التسهيلات، لكن أحد المسؤولين الغربيين يقول إنه كيف ومتى يتم ضرب حزب الله "تجري مناقشته على أعلى مستوى" في إسرائيل. وتضيف الصحيفة أنه وعلى عكس أي هجوم جوي في سوريا، فإن مثل هذا الهجوم، مع قدرة حزب الله على الرد بإطلاق الصواريخ في عمق إسرائيل، يمكن أن يؤدي إلى رد فعل تسلسلي لا يمكن السيطرة عليه. وبحسب الصحيفة فعلى ما يبدو لا يوجد أي ضغط ممارس من قبل الولاياتالمتحدة، على أقرب حلفائها، إسرائيل. وروسيا. القوة الخارجية الرئيسية في سوريا، حذرة من حلفائها الإيرانيين. لكنها لم تذكر الكثير عن الهجمات الجوية الإسرائيلية المستمرة داخل المجال الجوي السوري والتي يفترض أن موسكو تسيطر عليه. وبالنسبة لحزب الله، فخطابه يميل بحسب الصحيفة إلى عدم التصعيد مع إسرائيل، على عكس ما جرت العادة، إلا أنه في طهران لا يميلون نحو التهدئة. كما أن خطاب نتنياهو شديد اللهجة لا يطابق أفعاله التي تميل إلى النفور من المخاطرة. لكنه يقاتل من أجل حياته السياسية المهددة بسبب ادعاءات الفساد الموجهة ضده. ومع عداء الولاياتالمتحدة والسعودية لإيران، يشعر نتنياهو أنه يستطيع أن يفلت من الضربات الجوية المأساوية كتلك التي نفذتها إسرائيل في مفاعل أوزيراك النووي في العراق في عام 1981، والمرفق النووي السوري المشتبه به في عام 2007. وبدلاً من ذلك، ترى الصحيفة أنه ربما عليه أن يتذكر مصير أسلافه الذين شنوا الحروب ضد لبنان – مناحيم بيغن في عام 1982، و شمعون بيرس عام 1996، و إيهود أولمرت في عام 2006. جميعهم سقطوا من مناصبهم بعد حروب أقل تدميرا بكثير من تلك الكارثة المقبلة عليها إسرائيل.