نشرت صحيفة «فايننشال تايمز» مقالا للكاتب ديفيد غاردنر، يعلق فيه على الإجراءات الأمريكية التي قد تؤثر في الانتخابات الإيرانية، وربما ستقود إلى إشعال حرب جديدة في لبنان. ويقول الكاتب: «شهد الأسبوع الماضي الكثير من الحديث عن تخفيف التصعيد في محاور الحرب السورية، التي قامت على خطة روسية لتجميد القتال في أربع مناطق لا تزال تشكل المعارضة فيها تهديدا قويا للنظام الذي يقوده بشار الأسد، وهو الذي عملت روسياوإيران على استمراره في السلطة». ويضيف غاردنر: «كان هناك حديث قليل عن الهجمات الإسرائيلية المتزايدة، التي تقول إنها على مخازن أسلحة أرسلتها إيران وفي طريقها لحزب الله». ويعلق الكاتب في مقاله، الذي ترجمته «عربي21»، قائلا إن «المليشيا الشيعية الإيرانية تحولت إلى رأس حربة إيران في المشرق منذ عام 2013، وأصبحت قوة حاسمة في الحرب الأهلية السورية». ويشير غاردنر إلى أن «إسرائيل قامت في الستة أشهر الماضية بزيادة وتيرة الغارات الإسرائيلية ضد ما تقول إنه أرصدة مهمة لحزب الله في سوريا، وفي الوقت ذاته هددت إسرائيل بحرب جديدة في لبنان، وستكون أكثر تدميرا من الحروب التي شنتها في أعوام 2006 و1996 و1982، وهذه الحرب الأخيرة هي التي أدت إلى ولادة حزب الله». ويعتقد الكاتب أن «السياق الإقليمي والجيوسياسي للتصعيد الحالي يحمل نذر شر، حيث أن الإدارة الأمريكية الحالية، رغم حنقها على الاتفاق النووي الذي وقعته إدارة باراك أوباما مع إيران في عام 2015، والعداء الذي تكنه له إسرائيل، في ظل قيادة الحكومة اليمينية المتطرفة بزعامة بنيامين نتنياهو، إلا أنهما استتنتجا أن الحفاظ على الاتفاق النووي المعترف به دوليا أفضل في الوقت الحالي». ويذهب غاردنر إلى أن «إلغاء الاتفاق لن يدفع فقط إيران للعودة إلى مشروعها النووي المتوقف حاليا، الذي أصبح عرضة للتفتيش الدولي، لكنه سينفر القوى الأوروبية والصين وروسيا، وهي الدول الموقعة عليه، وبدلا من ذلك يبحث البيت الأبيض عن طرق لضرب إيران، فحكومة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ترغب بالحد من طموحات إيران؛ لتعزيز ما تراه إسرائيل والدول السنية العربية، بقيادة السعودية، الهلال الشيعي في العراقوسورياولبنان واليمن، وحتى دول الخليج». ويلفت الكاتب إلى أن «إسرائيل أكدت أنها لن تتسامح مع إنشاء قاعدة للسلطة تقيمها إيران وحلفاؤها، مثل حزب الله، في سوريا، خاصة إن تحركت باتجاه مرتفعات الجولان، التي ظلت جبهة قتالية هادئة منذ حرب 1973، وفي كانون الثاني/ يناير قتلت غارات إسرائيلية قيادات من حزب الله قرب الجولان». ويجد غاردنر أن «مراجعة الولاياتالمتحدة لسياستها تجاه إيران ستؤدي إلى تشديد القيود عليها، ورغم رفع العقوبات الدولية عنها العام الماضي، إلا أن الخزانة الأمريكية احتفظت بعقوبات ثانوية ضد أفراد وكيانات تتهمها الولاياتالمتحدة بدعم الإرهاب، ومن بين هذه الكيانات الحرس الثوري الإيراني، وهو القوة التي تستخدمها الجمهورية الإيرانية لتعزيز النظام في الداخل، ويعد أداة للمغامرات الإقليمية، ويتوقع خبراء العقوبات في واشنطن قرارات جديدة ضد إيران وحزب الله وحلفائهما، بالإضافة إلى فرض عقوبات جديدة ضد الاختبارات الصاروخية». ويفيد الكاتب بأن «هذه الجهود تهدف كلها لإبقاء إيران معزولة عن النظام المصرفي الدولي، وسيكون لها أثر، مثل إلغاء الاتفاق النووي، وقد أصبح هذا موضوعا في الانتخابات الرئاسية الإيرانية، حيث يدعم الحرس الثوري التيار المتشدد ضد الإصلاحي حسن روحاني، ويقولون إن الغرب خدع البلد؛ لأن الوعود التي وعد بها روحاني لم تتحقق». وتنقل الصحيفة عن آدم سميث من شركة المحاماة الأمريكية المعروفة «غيبسون دان»، والمستشار السابق في العقوبات أثناء إدارة أوباما، قوله: «سيموت الاتفاق على أي حال لو كان تخفيف العقوبات محدودا»، وأضاف أن «الاتفاق لا ينفذ نفسه بنفسه، ويحتاج إلى مساعدة». ويستدرك غاردنر بأن «الإدارة الأمريكية ليست اللاعب الوحيد في العقوبات، فرئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الجمهوري إد رويس يقوم بتحضير عقوبات ضد حلفاء حزب الله في لبنان، وتضم القائمة ميشيل عون، الرئيس الذي نصب بعد أزمة طويلة تركت البلاد دون قيادة مدة ثلاث سنوات تقريبا، بالإضافة إلى رئيس البرلمان نبيه بري». وينوه الكاتب إلى أن «على رأس حملة العقوبات ضد حزب الله، شبكة الدعم الاجتماعي التي تساعد لبنان، حيث أن قرارا من هذا القبيل سيزعزع استقرار البلاد». ويعلق غاردنر قائلا إن «لبنان يتعلق بالاستقرار الذي بقي لديه، وتاريخه في الحرب الأهلية يشكل مضادا لسموم الحرب الأهلية المستعرة، التي تدور قريبا منه في سوريا». وبحسب الكاتب، فإن «الخوف الحقيقي هو أن كل ما تقوم بعمله الولاياتالمتحدة لكبح جماح إيران لن ينجح، حيث تؤكد إيران أنه لولا تدخلها لوصل تنظيم الدولة إلى بغداد ودمشق، ولانطلق نحو المتوسط، وفي هذه المرحلة، وعندما تشعر الولاياتالمتحدة أو إسرائيل وبشكل أقل، أنها غير قادرة على وقف الطموحات الإيرانية، فقد يعطي ترامب الضوء الأخضر لإسرائيل لتدمر حزب الله». ويبين غاردنر أنه «على خلاف الحرب في عام 2006، التي أوقف فيها الحزب الإسرائيليين، الذين وجدوا من الصعوبة سياسيا واستراتيجيا القبول بفكرة حصول الحزب على ترسانة ضخمة من الصواريخ التي تستطيع ضرب إسرائيل». ويخلص الكاتب إلى القول: «في الوقت الحالي هناك توازن إرهاب على الحدود الإسرائيلية اللبنانية، ولو لم يستمر فإن الحرب الجديدة ستكون أكثر تدميرا، خاصة للبنان، وتشكل مأساة جديدة للمنطقة».