إذا أكدت دراسات من قبل على أن من بين عواقب “الصودا” الإصابة بعدد من الأمراض مثل الأمراض القلبية والسكر والسمنة وزيادة نسبة الكولسترول وارتفاع ضغط الدم،فإن المسؤولين على الأحياء الجامعية اللذين يقدمون وجبات على السريع لطلاب المغرب، التي تطهى بهذه المادة القاتلة لا يهمها كل ذلك…غير إشباع أمعاء الطلبة وبطونهم الفارغة مع كل وجبة مقررة لهم، فأصبح طلابنا عاجزين حتى على الاختيار أو المطالبة بحقهم مادام المشكل وطني يسري على الجميع، موقع نبراس الشباب قام بجولة في الحي الجامعي السويسي و أعد التقرير التالي: الصودا تقتل ينظر عبد الحفيظ إلى ساعته اليدوية التي تشير إلى الثانية عشر والربع لينخرط في طابور بشري يمتد على أبواب المطعم الجامعي السويسي الأول ، بينما يقف على جانبه صديقه “المنصوري” حاملا كيسا من الأواني الذي اعتاد على جلبها كلما حل وقت الطعام “لماكلة ديال الريستو ما فيها ما يتكال” يقول المنصوري ، و يضيف ” خاصنا نعاودو نطيبوها عالله تحيد منها هاد الصودا “. يحتوي الطعام الذي يقدم في الحي الجامعي على مادة الصودا حقيقة أكدها لنا “زكرياء” طالب جامعي من كلية الطب في السنة الختامية، الذي قال بأنهم أجروا أبحاث في مختبر الكلية أثبتت توفر العينات المدروسة على هذه المادة التي لا تظهر أثارها الصحية إلا بعد سنوات ، هذا ما أكده لنا جواد وهو طالب دكتوراه سكن الحي الجامعي ما يقرب ست سنوات ” الصودا تركت لي عاهة مستديمة فلمصران”. أمر الصودا في الحي الجامعي “السويسي الأول” لا يختلف كثيرا عن جاره “السويسي الثاني”،إذ توضح كريمة طالبة قاطنة بالحي الجامعي الخاص بالطالبات، صرحت لنبراس الشباب وعلامة الخنق بادية على وجهها أن “الصودا حاضرة فين ما مشيتي، غير الفرق بينا وبين لولاد فكمية الصودا لي تانكلو “. و مشاكل أخرى… ليست الصودا هي الحاضر الأول و لا الأخير من مشاكل الحي الجامعي ، فالمطعم الذي يضم طلبة من مناطق مختلفة و بعقليات مختلفة قد تتوافق وقد تتضارب ما يحدث صراعات بين الطلبة تبدأ بمشادات كلامية لتنتهي بالعراك والرمي بالكراسي، وليس الطلبة دائما هم الأطراف الوحيدة في هذه الصراع، فعمال المطعم يدخلون حلقته إما بإرادة أو بعدمها ولأسباب تافهة، فتتحول قاعة المطعم إلى ساحة صراع البقاء فيها للأقوى والحضور للنزعة القبلية أو الفصائلية . إذا كان هذا هو المشكل الذي يقض مضجع بعض الطلبة في مطعمهم الخاص ، فلطالبات مشكل آخر،” أنا مابقيت تاندخل لرسطو حيت تانتعرض للمضايقات” تقول أسماء، وهي طالبة في السنة الأولى، المطعم الجامع السويسي الثاني الخاص بالطالبات والذي يعرف اكتضاضا يفوق قدرته الاستيعابية في كثير من الأحيان، حيث يضم الطالبات القاطنات في الحي بالإضافة إلى غير القاطنين طلبة وطالبات، ما يجعله محل التقاء وحتى نسج الخيوط الأولى لعلاقة بين الجنسين الذين قد تجمعهما طاولة غداء . كثرت الهم كا ضحك تتعالى ضحكات الطلبة داخل قاعة المطلعة التي تحولت ذات ليلة إلى منصة عرض، بينما ينبري أحد الطلبة المعروف بحسه الفكاهي إلى تقديم عرضه الساخر، “الصودا إخوتي الطلبة ولات عندنا بحل الكوكايين، و راه سمعت شي وحدين كانفحوها كاع ” ، هو تعبير عن واقع استعمال الصودا في المطاعم الجامعية، لكن بلسان حال ساخر، يقول عبد الحفيظ وبابتسامة مكتومة، “أظن أن سوء التغذية التي تنتهجها الدولة ضد الطلبة يدخل ضمن مخطط هدفه إضعاف هذه الفئة جسديا حتى لا تقوى على المطالبة بحقوقها أمامهم” . فلوس الطالب فين مشات الساعة تشير إلى الثامنة مساءا و شارع علال الفاسي الذي يتوسط مدينة العرفان مملوء عن آخره بالطلبة الذين يجوبونه جيئة وذهابا، بينما تتعالي أصوات على مقربة من باب الحي الجامعي السويسي الأول، رافعة شعارات مطالبة بمحاسبة من اعتبرتهم مسؤولون عن حادث إحراق إدارة الحي وموجهين أصابع الاتهام إلى المدير معتبرين أنه هو المستفيد الأول والأخير في طمس معالم الاختلاسات فيما اعتبر هذا الأخير أن إدعاءات هؤلاء الطلبة لا تعدو أن تكون محاولة للتستر على المجرمين الحقيقيين، ومن بين الشعارات التي رفعها الطلبة ” فلوس الطالب فين مشات ” معتبرين ان المنح المقدمة للأحياء الجامعية لا تجد طريقها إلى المصالح الموجهة لها وإنما إلى جيوب المسؤولين.