يلوم الناس بعض قاطنات الأحياء الجامعية اللواتي يلجأن إلى الدعارة من أجل تمويل دراستهن، كما يلوم بعض الآباء الغاضبين هؤلاء الطالبات على عدم حصولهن على أعلى النقاط والاستمرار في التفوق في الدراسة الجامعية، وهذا اللوم مبعثه جهل معظمهم بالمعاناة اليومية لهؤلاء الطالبات، والنموذج هنا لحي من الأحياء الجامعية الذي يصنف ضمن أحسن الأحياء الجامعية على جميع الأصعدة، «المساء» اخترقت هذا الفضاء الجامعي لنرسم وضعية قاطنات الحي الجامعي السويسي 2. الساعة تشير إلى ال9 مساء داخل الحي الجامعي السويسي الثاني، رائحة كريهة تنبعث من أحد مراحيض العمارة رقم 2، وهي رائحة تكثر خصوصا بالليل ومع نهاية الأسبوع بسبب خلل في أحد أنابيب الصرف الصحي بالطابق الأول، رغم إصلاحه العام الماضي، كما أكدت لنا إحدى قاطنات العمارة. وفاء، طالبة بكلية الطب أكدت أنها كانت تقطن بنفس العمارة منذ السنة المنصرمة، وأن هذا المشكل لم يكن مطروحا، رغم أن الإدارة تؤكد أنها قامت بتغيير قنوات الصرف لجميع العمارات، بما في ذلك آخر عمارة وهي العمارة رقم 2. الغالية إحدى العاملات بالشركة الخاصة بالنظافة تختلف مع وفاء، وتؤكد أن السبب يرجع بالأساس إلى بعض الطالبات اللواتي يقمن برمي فوطهن الصحية بالمراحيض، وهو ما يؤدي إلى انسداد قنوات الصرف. أما إيمان، وهي قاطنة سابقة بالحي، فترى أن بعض الفتيات غير نظيفات، إذ عوض استعمال الورق الصحي المخصص للمراحيض يستخدمن ورق الدفاتر. أما بالنسبة إلى إدارة الحي فالأمر مختلف، حيث انتظرنا مدير الحي ما يربو عن ساعتين من أجل الاستفسار عن السبب الحقيقي، لكنه لم يأت في الموعد المحدد. معاناة مع المراحيض معاناة الطالبات مع مشكل نظافة مراحيض الحي ليس الوحيد الذي تقاسيه هؤلاء المغتربات عن مدنهن، فالقاطنات يعانين أيضا من تدهور حالة الغرف التي تعاني من الرطوبة، فإدارة الحي قامت بإعادة طلاء جدران الحي من الخارج، لكنها تغاضت عن إعادة طلاء داخل الغرف. وعندما لم تقم إدارة الحي بطلاء الغرف وجدت طريقة جديدة على نهج الحي الخاص المحاذي للحي التابع للدولة، فأصبحت الطالبات ملزمات بدفع ثمن الطلاء إن رغبت إحداهن في طلاء غرفتها، والطالبة التي رأت أن حالة غرفتها تستدعي الطلاء تصبح مجبرة على دفع مبلغ 200 درهم لقاء الاستفادة من هذه الخدمة، رغم أن جل قاطنات الحي من عائلات متوسطة، حتى إن بعض الطالبات لا يحصلن على مبالغ شهرية من عائلاتهن، ويكتفين بالمنحة الدراسية، وبذلك فهن يحصلن على مبلغ 1300 درهم كل ثلاثة أشهر، وهو مبلغ من المفروض أن يكون كافيا لهن في انتظار موعد المنحة القادمة، كما لا تحصل جميع الطالبات على المنحة الدراسية التي كانت في السابق من حق جميع الطلبة الجامعين. وفي هذا الصدد أكدت الطالبة سلمى أن مبلغ المنحة غير كاف، ولذلك تضطر بعض الطالبات إلى العمل من أجل تلبية جميع احتياجاتهن، مثل الطالبة كنزة التي تضطر إلى العمل من أجل تمويل دراستها عوض سؤال أهلها. وبخصوص هذا الإجراء الجديد الذي اتخذته إدارة الحي، أكد لنا أحد العاملين في الحي، في غياب المدير، أن هذا الإجراء يشمل فقط الطالبات اللواتي يسكنّ بنفس غرف السنة الماضية: «ايوا هما لي غادي يكونو تكرفسو على لبيوت». «الريسطو» أولا وأخيرا اصطف الطلبة غير القاطنين بالحي الجامعي السويسي 2 في طابور طويل أمام مدخل الحي من أجل تقديم وثائق طلبات الحصول على بطاقة مطعم الحي الجامعي، لكون مطعم حي السويسي 2 معروف لدى جميع طلبة العرفان بأكله الجيد الذي تظل كلفته مناسبة للقدرة الشرائية للطالب، حيث لا تكلف وجبة الغذاء به أكثر من درهمين، مما يشجع الطلبة على التهافت على بطاقة المطعم التي أصبحت تعرف بسبب ذلك طلبا كبيرا تصاحبه في بعض الحالات الزبونية، رغم أن هذه الوجبات التي تقدم بالحي سبق لها أن تسببت في تسمم جماعي، وهي نفس الوجبات المتفق عليها في جميع الأحياء الجامعية، التي لا تعتمد في برمجتها على خبير غذائي، كما أنها تؤدي إلى إصابة العديد من الطلبة بأمراض الأمعاء، وقد اضطرت الطالبة حنان إلى الاستغناء عن هذه الوجبات بعد أقل من عام على سكنها بالحي الجامعي بسبب مرض أصابها في الأمعاء: «لم أعد آكل بمطعم الحي لأن وجباته تطبخ بالصودا، وهو الشيء الذي يضر بأمعائي». لكن حنان ليست الوحيدة التي ترى أن مطعم الحي يقدم أكلا رديئا، فغزلان هي الأخرى ترى ذلك، وتضيف أن الطلبة ليس لديهم بديل، لأنه يظل الأكثر تناسبا مع ميزانية الطلبة، خصوصا مع ارتفاع أثمان الأكل بالكومبيس (مجموعة المطاعم المتوفرة بمدينة العرفان). وعلى عكس حنان، يؤكد سامي، وهو طالب يقطن بالحي الجامعي السويسي الأول المجاور للسويسي2، أنه يفضل الحصول على بطاقة مطعم الحي الجامعي الثاني لأنه يرى أن جودة الأكل من حيث النظافة، رغم قلة كميته، أحسن مقارنة مع ما يقدم من وجبات بالحي الجامعي السويسي1. ورغم أن الشباب يجمعون على جودة أكل «الريسطو»، فإن جل الطالبات يجمعن على رداءته، ومن بين هؤلاء مريم، وهي طالبة بالمعهد الوطني للتجارة، التي ترى أن مطعم الحي بعيد كل البعد عن الجودة ومقاييسها. نقطة ضوء ورغم النظرة السوداوية التي تكونها مريم عن الحي الجامعي الذي تقطن فيه منذ أربع سنوات، إلا أنها ترى فيه بعض بوادر الأمل. مريم، طالبة أخرى تقتسم مع زميلتها السكن، ترى أن أجمل شيء في الحي هو قاعة الوسائط المتعددة، السيبير، إلى جانب الحديقة التي تعتبر المتنفس الأخضر بالحي. وبخصوص إنشاء هذه القاعة صرح لنا يوسف، وهو أحد مالكي الشركة المكفلة بالقاعة، أن فكرة المشروع راودتهم عندما كانوا يقطنون بالحي، فاقترحوا الفكرة على المدير آنذاك، وعندما أتيحت لهم الفرصة بادروا بإنشاء المشروع بعدما وافقت الإدارة على أن توقع معهم على عقدة كراء سنوية بمبلغ 7 ملايين سنيتم. قاطنون.. ولكن الطالبات الجامعيات ورغم امتعاضهن من أحوال السكن فإن جلهن يلجأ إلى السكن غير القانوني أو التلاعب على القانون من أجل الحصول على غرفة بعد أن انتهت سنوات سكنها القانونية. هذه السنة، وفي تقليعة جديدة من تقليعات الإدارة، ارتأت إدارة الحي إرسال الطالبات اللواتي يكملن دراستهن الجامعية في التعليم العالي إلى غرف تضم ثلاث أو أربع طالبات عوض الغرف المزدوجة التي كن يقطنها.