الابتزاز السياسي الابتزاز هو نوع من الضغط المادي أو المعنوي المباشر الذي يقوم به شخص متنفذ أوصاحب سطوة في أي موقع من مواقع الدولة ضد مسؤولين آخرين، بهدف الحصول على مواقع أو امتيازات أو غيرها.. و هو كذلك قيام المسؤول السياسي، مهما كان موقعه أومنصبه (نفوذ اقتصادي، أو أمني، أو حزبي، أو ..الخ) بالاستفادة من الأموال أو الممتلكات العمومية أو غيرها بطرق غير قانونية. ويمكن مقارنة الابتزاز بالاتجار بالمنصب. ففي كثير من الدول تقوم فئات ذات قوة مادية أو معنوية في المجتمع من أصحاب النفوذ من نخبة الحكم السياسي أو الأمني ... بالتعاون والتعاضد مع بعضها البعض لإيصال هذا المرشح أو ذاك، أو إسقاط هذا الحزب أو ذاك، باستخدام المال والنفوذ والحظوة والمكانة، و... الخ من هذا المنطلق يمكن القول إن الموقف الأخير الذي اتخذه حزب الأصالة والمعاصرة والقاضي بالتهديد بالانسحاب من البرلمان بغرفتيه لا يدخل سوى في إطار الابتزاز السياسي و الذي طبع مواقف الحزب الجديد منذ ميلاده بلائحة مستقلة بدأت برجلين وامرأة وانتهت بأكبر فريق برلماني. و يمكن للمتتبع للشأن السياسي المغربي أن يلاحظ كيف يشن السيد فؤاد عالي الهمة منذ عدة أسابيع حملة قاسية ضد وزارة الداخلية ويتهمها بالتضييق على حزبه وارتكاب خروقات بالتدخل بالشأن الحزبي والانتخابات خاصة بعد إعلان هذه الأخيرة حربا على “الرحل” . فعلى بعد أقل من شهر على موعد الانتخابات الجماعية، يواصل الأصالة والمعاصرة سرعته القصوى، لاكتساح الانتخابات المقبلة، من خلال استقطاب منتخبين وعمد وبرلمانيين ينتمون لأحزاب أخرى، لكن مذكرة وزير الداخلية، و التي تمنع بمقتضى الفصل 5 من قانون الأحزاب السياسية، على المنتخبين الذين ترشحوا وفازوا في الانتخابات التشريعية، التي جرت في 7 شتنبر 2007، تحت لون حزب معين، أن يترشحوا في انتخابات 12 يونيو المقبل تحت لافتة حزب آخر، أربكت حسابات «الوافد الحزبي الجديد». ولم يكتف حزب الأصالة والمعاصرة بالمطالبة بالتراجع عن تطبيق المذكرة، بل ذهب إلي حد التهديد بتقديم أعضاء في مجلس النواب استقالتهم في حالة تطبيق هذه المذكرة، وذلك دفاعا عن آلياته الانتخابية، التي يشكل البرلمانيون والعمد الرحل نواتها الصلبة. بداية القصة الأصالة والمعاصرة يرفض ‘القراءات الخاصة' للمادة 5 من قانون الأحزاب المادة 5 من قانون الأحزاب السياسية تنص على أن كل من ينتخب لإحدى غرفتي البرلمان، كان قد تلقى تزكية أحد الأحزاب السياسية القائمة، لا يمكنه الانضمام لحزب آخر حتى نهاية فترة نيابته أو إلى تاريخ إصدار مرسوم يحدد موعدا للانتخابات التشريعية لغرفة المستشارين أو غرفة النواب. ويسري هذا على كافة المرشحين المتقدمين للانتخابات المقبلة”. وكان حزبا الحركة الشعبية المعارض، والتقدم والاشتراكية المشارك في الحكومة، قد تقدما بشكوى بعد التحاق عدد من نوابهما ومستشاريهما بحزب الأصالة والمعاصرة. وبينما بدت الحركة الشعبية الرابح الأكبر من المذكرة الوزارية، بدا واضحا أن «الأصالة والمعاصرة» هو الخاسر الأكبر منها، باعتباره الحزب الوحيد الذي سارعت قيادته إلى توجيه رسالة إلى الوزير الأول ، و وزير الداخلية، و وزير العدل، تطالبهم بالتراجع عن تطبيق المذكرة، التي تمنع البرلمانيين الرحل من الترشح في الانتخابات البلدية. وأوضح حزب الأصالة والمعاصرة أنه «في حالة ثبوت ما راج حول تأويل مقتضيات المادة 5 من قانون الأحزاب السياسية، فإن الحزب يذكر بأنه لا يحق لأي كان أن يسقط عليها قراءته الخاصة».. ومن جهته، قال الحبيب بلكوش، عضو المكتب الوطني للحزب، أن حزبه يأمل في أن تقوم الحكومة بتحمل مسؤوليتها، وإصدار بيان رسمي للرأي العام، لتوضيح موقفها بهذا الشأن. المشهد الثاني الداخلية تحيل الهمة على القضاء في قضية «الترحال السياسي» وزير الداخلية، شكيب بنموسى، يطلب من قيادة الأصالة والمعاصرة اللجوء إلى القضاء في قضية «الترحال السياسي» إذا ما اعتبر الحزب أن منع برلمانيين رحل من الترشح في الانتخابات إجراء غير دستوري. وكان بنموسى قد أكد، في لقاء جمعه بالأمين العام للأصالة والمعاصرة الشيخ بيد الله أن الوزارة ملتزمة بالحياد في قضية «الترحال السياسي» وستعمل على تطبيق القانون دون محاباة أي طرف سياسي، داعيا كل من تضرر إلى اللجوء إلى القضاء الإداري للحسم في مثل هذه القضايا. و رغم ذلك قيادة الأصالة والمعاصرة لم تستسغ هذا الرد، إذ اعتبر الشيخ بيد الله في لقاءه مع وزير الداخلية، أن تفعيل المادة 5 من قانون الأحزاب في اتجاه منع برلمانيين غيروا انتماءاتهم السياسية من الترشح باسم الحزب الذي التحقوا بصفوفه، هو موقف سياسي من السلطة يروم التضييق على حزبه. المشهد الثالث وزارة الداخلية تنفي وجود دورية البرلمانيين الرحل وكالة المغرب العربي للأنباء تعمم خبر نفي وزارة الداخلية للدورية الخاصة بترحال النواب البرلمانيين والتي كانت موضوع نقاش على هامش اجتماع المجلس الحكومي الأخير، فقد جاء في قصاصة لوكالة المغرب العربي للأنباء أنه “على إثر ما نشر في بعض الصحف حول بعض التأويلات المرتبطة بتطبيق المقتضيات القانونية المتعلقة بترشيح البرلمانيين الذين غيروا انتماأتهم السياسية للاستحقاقات الانتخابية المقبلة والقول بأن وزارة الداخلية قد وجهت مذكرة في هذا الشأن إلى السادة الولاة والعمال، اتصلت وكالة المغرب العربي للأنباء بالمصالح المختصة بوزارة الداخلية التي نفت نفيا قاطعا أن تكون قد وجهت أية مذكرة في هذا الموضوع. غير أن هذا لا يعني، حسب المراقبين، أن الوزارة لن تفعل المادة 5 من قانون الأحزاب، وهو ما لمح إليه بلاغ الوكالة عندما أشار إلى أن «الوزارة ستعمل، في إطار الحياد التام، على الالتزام بتطبيق القوانين الجاري بها العمل في هذا الباب، بعيدا عن كل استغلال سياسوي لهذا الموضوع» القرار “غير المباشر” لوزارة بنموسى جاء مباشرة بعد اجتماع استثنائي عقده حزب الأصالة والمعاصرة بالرباط للتداول في شأن ما بلغ لنوابه ومستشاريه حول مشروع الدورية. هل تم الضغط على وزارة الداخلية من طرف فاعل سياسي معين يملك قوة ضغط بحجم معين لجعلها تتراجع ؟ الابتزاز و الفساد السياسي يمكن القول إن التراجع عن الدورية في حال كانت ستخرج للوجود هو تراجع للمسلسل الديمقراطي ولدولة الحق والقانون، بل كبحا قويا لجماح نقاش عميق داخل المشهد السياسي المغربي ،استجابة لضغوط طرف سياسي معين اتضح أن طريقة عمله تعيد للأذهان سيناريو مرحلة سابقة عرفت سيادة مظاهر من مثل صناعة الأحزاب، وتزوير الانتخابات ... لقد هدد الهمة وأتباعه من الرحل بسحب الدعم من الحكومة والاستقالة من البرلمان بغرفتيه، رغم أن أغلبهم لا تتوفر فيهم شروط النزاهة الفكرية والمبدئية المطلوبة.. إنهم الرحل المتهافتون للظفر بتزكية الحزب “بحثا عن حماية ومظلة سياسية”، المتربصون بمصالحهم الخاصة على حساب مصالح من انتخبوهم. إنها سياسة الابتزاز التي تشكل مظهرا من مظاهر الفساد السياسي والتي تمثل تحدياً خطيراً وعائقاً كبيرا يحول دون إرساء أسس وأركان الديمقراطية، وينسف دعائم الحكم الصالح من خلال تغيير مسار العملية السياسية ،ليوصل إلى سدة المجالس المنتخبة أشخاصاً غير مناسبين لتحمل مسؤولية التمثيل الصحيح للشعب في عملية صنع القرار السياسي وغيره من القرارات المصيرية للبلد، مستعدين “لقلب المعطف”، و مجبولين على مغادرة أي حزب، مباشرة حين يصبح في المعارضة.