بعد أزيد من ساعتين وصلت الحافلة الرائعة جدا إلى خريبكة!،.توقفت حوالي نصف ساعة، تناولت خلالها وجبة غذاء سريعة وعدت إلى الحافلة لأكمل قراءة الرواية التي أنقدتني من براثن الوقت الممل على حافة الطريق المؤدي إلى وادزم، تزداد الحرارة وتزداد سرعة السائق، وتتوقف الحافلة من حين لآخر، الساعة الآن تشير إلى الثانية والنصف بعد الزوال، والمكان: مدينة واد زم، ما تبقى من الركاب نزل في هذه المدينة، ولم يبقى في الحافلة إلا أنا وفتاة من بني ملال تجيب على هاتفها أكثر من مرة لأنها تأخرت طبعا، وتعض أصابع الندم على ركوبها في هذه المركبة. الحافلة متوقفة ونحن ننتظر القدر و”الأخ الكورتي” يخبرنا بكل هدوء أنهم سيعودون إلى البيضاء لأن الحافلة لا يمكن أن تكمل إلى بني ملال براكبين اثنين، ولما سألته لماذا قطعت لنا التذكرة في البيضاء، أخبرني ويا للعجب أنه لم يكن يدري أنه لن يجد الركاب وكان يعول على خريبكة ليتزود منها بالبشر، فلما لم يتزود، قرر أن يعود، أيوة كمل لعلك تتزود من تادلة والفقيه بن صالح، طبعا هو ومن يشغله لا يخططون لرحلاتهم،”هو في الحقيقة كان معول يلقا البلايص في خريبكة ساعة قاليك مالقاهمش ماعندو مايدير لينا حنا مسيكين” يا سلام على التخطيط الاستراتيجي، هذا أ نمودج آخر يمكن إضافته إلى نماذج التخطيط المشهورة اسمه “كنت معول وميسحابليش” (وهذا ماخلا الفايفر ما يقول) هل سبق أن رأيتم مثل هذه العبقرية، انتظرنا أكثر من نصف ساعة، في واد زم وخلالها حول الأستاذ”الكورتي” الصياح من بني ملال إلى خريبكةوالدارالبيضاء،عكس المناداة، من الجنوب إلى الشمال في اتجاه خريبكة مرة أخرى لعله يظفر ببعض البشر، الضحايا ولا أدري إن وجدهم أصلا هل سيوصلهم إلى البيضاء أم سيخبرهم في برشيد أنه قرر العودة إلى خريبكة، من يدري خذلته في المرة الأولى قد لا تخذله في الثانية!! انتظرنا وانتظرنا حتى وصلت حافلة أخرى ليسلمنا لها كبضاعة مزجاة، وصعدنا حافلة أخرى من حافلات الخواص وما أدراك ما الخواص، بشر وحرارة ممتزجة برائحة العرق الصيفي، وضجيج، ونوافذ مقفلة وثالثة الأثافي عندما يتحفنا أحد الشباب بأنغام من هاتفه المحمول وكأنه الوحيد في العالم الذي يملك هذا الهراء!، تخيل لو أن كل الركاب أطلقوا العنان لهواتفهم ولأذواقهم الموسيقية، قطعا ستتحول الحافلة إلى سوق أسبوعي، وليس وسيلة نقل تسير على أربع، لهذا السبب صنع الناس شيئا اسمع “سماعة أذن”. تتوقف الحافلة في كل مدينة صغيرة أو متوسطة، لا يهم وقت المسافرين، المهم هو الربح، الساعة الرابعة، وما زلنا على الطريق تذكرون في الجزء الأول أن الحافلة انطلقت في العاشرة والنصف صباحا، بمعنى أننا لم نصل إلى حدود الخامسة تقريبا إلى بني ملال. ويا قلبي لا تحزن، إذا كنت تعاني من السكري أو أنت على مشارفه لا تركب مثل هذه الدواب، أما إن كنت ممن لا يصبرون على مثل هذه المهزلة، فخذ علبة منومة حتى لا تضطر إلى الإصابة بانهيار عصبي وعليك أن تعود على وجه السرعة إلى المستشفى في انتظار الطبيب ساعتين إضافيتين، وتلك قصة أخرى.