يتعلق الأمر بتقرير دولي وهو عبارة عن دراسة مشتركة حول الممارسات التي تمارسها عدد من الدول بشأن الاعتقال السري في سياق ” محاربة الإرهاب ” وفي علاقة بما ظلت المنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان تطرحه في تقاريرها حول عولمة الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان وفي ما صار يعرف بالنقط السوداء cites noires les التي تقودها وكالة الاستخبارات الأمريكية مع استخدام أدوات القمع والتعذيب التي تتقنها عدد من البلدان العربية وغير العربية تجاه المتابعين والمحتجزين تحت يافطة ما يعرف بالحرب على الإرهاب التي تقودها الولاياتالمتحدةالأمريكية منذ أحداث 11 شتنبرالإرهابية. وسيكون المغرب على جدول أعمال الدورة 13 لمجلس حقوق الإنسان المنعقدة بجنيف في الفترة الممتدة من 2 إلى 26 مارس المقبل. فالتقرير/الدراسة والذي أعده للمجلس كل من: المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق محاربة الإرهاب، المقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو أللإنسانية أو المهينة، فريق العمل المعني بمسألة الإحتجاز التعسفي، فريق العمل المعني بالاختفاء القسري. ويكتسي التقرير أهمية كبرى باعتبار صدوره عن أربع آليات تابعة لمجلس حقوق الإنسان ونظرا و لكونه يغطي عدد مهم من الدول التي تعاونت مع وكالة الاستخبارات الأمريكية في ما يسمى بالحرب على الإرهاب وفي إطار خرق سافر للقوانين الوطنية والدولية وانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان. وفيما يتعلق بالحالة المغربية أورد التقرير ذكر إسمين هما: أبوالقاسم ابريطل وهو مواطن إيطالي الجنسية مغربي الأصل اعتقل في لاهور بباكستان في 10 مارس 2002 وقد ذكر أنه تعرض للتعذيب أثناء عملية الحجز الباكستاني كما ورد من خلال عدد من القرائن أنه تعرض للتعذيب في المعتقل السري تمارة إثر نقله من باكستان حيث قضى أزيد من أربعة أشهرتم أدين ب 15 سنة سجنا والتي تم تقليصها إلى 9 سنوات.وقد جاء في التقرير أن حكومة المغرب ذكرت أن السيد بريطل لم يتعرض للاعتقال التعسفي والتعذيب في الفترات ما بين مايو 2002 وفبراير 2003 أو فيما بين مايو 2003 وسبتمبر من نفس السنة. بنيام محمد وهو إثيوبي مقيم في بريطانيا اختطف من كراتشيبباكستان في 10 نيسان/أبريل 2002 واحتجز لمدة ثلاثة أشهر تقريبا حيث كان يتعرض للتعذيب.بعدها قامت وكالة الاستخبارات الأمريكية بنقله إلى المغرب حيث احتجز لمدة 18 أشهر في 3 معتقلات غير معروفة خلال هذه الفترة تعرض خلالها لتعذيب شديد ومعاملات سيئة حيث الحرمان المتواصل من النوم وفرض الأفلام الإباحية وغيرها من المعاملات القاسية. في يناير 2004 نقلته عبر الجو وكالة الاستخبارات الأمريكية إلى السجن المظلم في كابول وفي مايو من نفس السنة نقل بنيام إلى قاعدة باغرام الجوية نحو غوانتنامو في 20 سبتمبر 2004 ولم يفرج عنه إلا في شباط/فبراير من السنة الماضية. ومعلوم أن الحالتين وغيرهما من الحالات سبق تداولهما في عدد من التقارير الوطنية والدولية والتي ظلت تطالب السلطات المغربية بفتح تحقيقات بخصوص حالات الإحتجاز في المعتقل السيئ الذكر معتقل تمارة. كما أن عددا من اللجن الأممية التعاقدية بموجب الاتفاقيات الدولية ظلت هي الأخرى تطالب السلطات المغربية بخصوص ما يحصل من انتهاكات لحقوق الإنسان في هذا المعتقل المشؤوم. غير أنه في غالب الأحيان بل تقريبا دائما ما كانت أجوبة المؤولين هي الإنكار ولم يسبق أن تحركت مساطر محلية للتحقيق فيما يحصل من خروقات. فهل سيلجأ الوفد الرسمي الذي يمثل المملكة المغربية في أشغال الدورة 13 للمجلس إلى نهج نفس السياسات التي ظلت تعتمد للتستر على واقع انتهاكات حقوق الإنسان سيما في الجانب المتعلق بالحق في محاكمة عادلة والاختفاء القسري والحماية من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة. يذكر أن المغرب العضو في مجلس حقوق الإنسان المنشأ بموجب قرار أممي صادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورها الستين المنعقدة في مارس 2006 لم تقبل عضويته للمجلس إلا بعد تقديمه لعدد من التعهدات والإلتزامات تعهد بموجبها باحترام حقوق الإنسان الكونية والحرص على تنفيذ كافة هذه التعهدات والتي من ضمنها خلاصات وتوصيات الآليات التعاقدية المحدثة بمقتضى الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان. وتعد الدورة 13 لمجلس حقوق الإنسان اختبار آخر لمدى صدقية هذه الالتزامات والتعهدات.