بقلم: الزجال المغربي الكبير الأستاذ أحمد لمسيح يتجمع المتناثر في نص “صاحب الظل الطويل” لمصطفى البقالي ليكوّن حوافز للتكوين المتدثر بكلمات منسابة و” مظللة”، فبقدر ما تسعى الذات المتلفظة (الشاعر – السارد ) حكي علامات التأسيس لمشتل الذاكرة الوجدانية من خلال قاموس مختار بعناية: ( نجلس فوق جسر ، منديل ، نظرة ، أمسح مطرك، الشمعة ، مسحت الدمعة ، نغني معا ، تطل سحب الوداع من عينيك ....الخ ) بقدر ما تسعى لتوفر كل ما يمكن أن ” يغامر ” بمحو هذه العلامات أو الانفلات من حاضنتها وهي الذاكرة. وليخون شيطنته العالقة في النظرة أربك شريكته المتواطئة معه في نسيج تفاصيل الذاكرة الوجدانية بالنكت الوقحة ، وليمهد للاشتراك معا في الخجل وتبادل امتلاك إثارته ، وليشركا معا في ابتداع شخصيتين – قناعين ، هي : جودي أبوت وهو : جون سميت ، وربما ليخففا من جسامة اللحظات العنيفة ( بالمعنى النبيل ) فكأنهما ليسا هما ، ألا نتذكر تواطؤ ” لعبة العريس والعروس ” في الطفولة ؟ . ولكن لماذا يجعل الشاعر ” هي” تستعير الضفائر ويجعل هو يستعير الظل؟ هل ليكمل بناء مكونات ” صاحب الظل الطويل ” ؟ أم حتى في لعبة القناع والاستعارة لا يريد إلا أن يكون ظلا ( من فرط الخجل أو من فرط التمجيد ل “هي ” ) ؟ إن أهم ما أثارني في النص هو السرد مع أن القصيدة المتمردة على جميع أنماط الإيقاع هي عدوة لهذا النفَس، إن كان النص حافلا بالصور المربكة للمتلقي العاطل عن التفكير أو المتسرع في التأويل بما ” جاب الله ” وابتكار صور بقدر ما شخصية بقدر ما هي حوار لصور ومرجعيات من (الشعر والسرديات والسينما بالخصوص ). النص يدعونا إلى أن نصفه شعرا وهو يحكي بالزمان والمكان والأحداث والشخصيات وبطريقة يخفي بين سطوره سينوبسيس لسيناريو؟ المهم يا عزيزي مصطفى أقول لك والاعتراف سيد الإثبات والأدلة: العشق فيكم والذاكرة حولكم فأين المفر ؟؟؟؟ صاحب الظل الطويل من ديوان “سأسرق الهيكل العظمي لظلي” للشاعر مصطفى البقالي: طفلين.. نجلس فوق جسر عتيق معلق بين انتظارين.. نقرأ ما تيسَر من سِفْر الكذب الأبيض.. نراقب أزواج اللقالق تختفي وراء جبل “بوعقيقة”****.. وأحكي لكِ نكاتا وقحة.. تزرع الكرز في وجنتيكِ قبل عشرين سنة.. وحزنين وذاكرة مشروخةٍ.. زرعنا في مجرتنا بنفسجتين.. واحدة للحلم وأخرى ألبس في مخدعها ظلا أطول مني .. وتلبسين ضفائر “جودي أبوت”.. أمسح مطرك بمنديل نظرة بريئة تطل من نافدة شوق يشاكس شعرك الأحمر .. نغني معا : “أشعلت بدربي الشمعة .. عن خدي مسحت الدمعة فمن تكون؟ من تكون؟ أجبني من تكون من أنت؟ من تكون؟ في الحلقة الأخيرة من المسلسل تطل سحب الوداع من عينيك.. تنقلها رياح الشمال إلى بؤبؤ ظلي أغطي نظرتي بورقة توت.. وألبس ظل “جون سميث” مرة أخرى عندها أهرب.. للمرة الأولى! بعد عشرين سنة.. يمضغنا السفر ترمي بنا المسافات في أمزون المتاهة.. يمسح بنا الوقت جدران قبو ضريح الذاكرة نحاول الهرب.. ندخن حشيشة النسيان نلوك جلد فكرة أقيم عليها حد الخروج في مظاهرات دون ترخيص تعتقلنا الذاكرة.. متلبسين .. بمحاولة الهرب مرة أخرى!