العيش في بلد كالمغرب يعلمك الكثير, يعلمك معنى”الحكرة”، معنى”العنصرية”, معنى”الإقصاء والتهميش” وأيضا معنى أنك لا شيء داخل مملكة أمسكوها بقبضة من حديد, وجعلوا شعبها عبيد, شعب يعي بعضه ماله وما عليه, بينما بعضه غارق في توفير “خبز وتاي”، حتى يتسنى له أن يعيش يوم غد, وتدور عجلة حياته غير عابئ بما يحدث أو يقال. يقدمون لنا بلدنا التي نعي تمام الوعي وضعها, في أبهى صورها, بلاد من أجمل بلدان العالم, بلاد الإزدهار والتقدم … .وضعية قاتمة يتخبط فيها السواد الأعظم من شعبنا, ولا أحد يستطيع إنكارها. الكل ينتقد, الكل غاضب ومزمجر بسبب مغرب ” الظلم” و “الديكتاتورية”, بسبب مغرب “القهر”و”والفقر”, من حقهم أن يغضبوا وأن ينتقدوا, ويبقى الإنتقاد غير كاف لتغيير وضع تراجيدي, لكن كما يقول المثل الدارج ” اللهم العمش ولى العمى”. قد ينتقد البعض من أجل النقد, لكن ينتقد آخر من أجل “بلد أفضل”, حاولنا أن ننقل لكم ارتسامات مغاربة من مشارب فكرية متنوعة,عن مغرب أحلامهم, والذي يتمنون أن يروه مجسدا ذات يوم, انتقدوه, كل بطريقته الخاصة, حملنا لهم سؤالا بسيطا: كيف تريد أن ترى بلدك المغرب؟ فجاءت ردودهم مفعومة بالأمل والألم في الوقت ذاته, نترككم معها إذن:
سلوى الجعفري: إعلامية مغربية, اشتغلت في تخصصات مختلفة في المجال السمعي البصري, هاجرت إلى أمريكا بحثا عن مستقبل زاهر, “ففي الحياة يجب القيام باختيارات مصيرية، فلا يمكنك الحصول على الزبدة وثمنها في الآن نفسه” تقول الجعفري. تجيب سلوى عن السؤال: سؤال جيد، سأحاول أن أجيب عنه باقتضاب, ليس هناك أدنى مشكل مع البلد, المشكل في الشعب المغربي, أريد أن أراهم متفاهمين أكثر, يحترم بعضهم البعض, ومتسامحين أيضا, أقل غشا, وأكثر تفانيا في العمل. فالشعب هو من يملك القدرة على صنع الوطن. محمد ميلوس: ناشط حقوقي وفاعل جمعوي, الرئيس المنتدب للمكتب الجهوي للمنظمة المغربية للكشافة جهة الرباط, يتفاعل بجدية مع أحداث الساحة السياسية بالمغرب, ينتقدها ويقومها بطريقته الخاصة. فكيف يريد ميلوس أن يرى بلده؟ أريد أن أرى بلدي كما كان يصفها لنا الأجداد بلد البطولات التي سجلت في التاريخ بمداد الفخر وليس بلد الانتكاسات والأزمات, بلد الأبطال البواسل الذين خلدوا أسماءهم وأصبحوا مضرب الأمثال في كل ربوع العالم, وليس بلد أشباه الرجال الذين صاروا أسوة سيئه لكل الأجيال, هكذا أريد أن أرى المغرب وأتمنى أن أراه على هذه الحال قبل أن تتوفاني المنية, حتى أمني روحي ببطولات الشهامة المغربية الغراء وأموت مرتاح البال… إسماعيل عزام: طالب في المعهد العالي للإعلام والاتصال, يشتغل مع موقع”هسبريس”، مقالاته كلها بين الإنتقاد اللاذع للسياسة والساسة المغاربة تارة, والتهكم الساخر الذي يتناول به أحداثا سياسية, اجتماعية, دينية, وحتى رياضية…تارة أخرى باختصار هكذا يريد عزام “المغرب” أن يكون: للمغرب كافة المقومات التي تمكنه من دخول قائمة البلدان المتقدمة في العالم كثرواته الطبيعية والبحرية وانسجام ساكنته وموقعه الاستراتيجي، غير أن عجلة التنمية به بطيئة جدا بسبب تجذر بنية الفساد داخل مؤسساته وفي العقلية المغربية بشكل عام إلا أن التقدم الاقتصادي المنشود لا يتحقق بدون مدخل سياسي، فالملكية التنفيذية في المغرب لا تساعد على إقامة نظام ديمقراطي، ليبقى الحل الوحيد هو الملكية البرلمانية التي تمكن المواطن البسيط من محاسبة ومساءلة حكومته. براهيم بعبول: أستاذ للتعليم الإبتدائي, عمل بجد وكفاح, تحدى الصعاب وتخطى الحواجز بعزم وإرادة, أملا في وظيفة تترجم جهوده الجسيمة, تخرج في نهاية المطاف كأستاذ, ليجد نفسه في “الثلث الخالي”, بمنطقة معزولة عن العالم, “أحسست بحزن كبير, لكن سرعان ما تناسيت حزني وهمي الشخصيين, لأحمل هم أطفال مهمشين حتى النخاع, هم أمل ذويهم, ارسلو لي رسالة هزت كياني تقول: “حتا حنا بغينا نقراو”. يقول براهيم: سأحاول الإجابة عن هذا السؤال في 4 نقاط: 1-سياسيا: أريد مغربا ديموقراطيا مستقرا. 2-اقتصاديا: أريد مغربا مزدهر اقتصاديا, حيث يستفيد كل المغاربة من خيرات هذا الوطن. 3-اجتماعيا: مجتمع منسجم مع هوياته المتنوعة :إسلامية ,عربية,أمازيغية,ومنفتح على الثقافات الأجنبية دون أن يصبح أسيرها وينسلخ بذلك من خصوصياته. 4-ثقافيا: أتمنى أن أرى مجتمعا مثقفا, ناضجا فكريا, كما أريد أن أرى نظاما تعليميا جيدا وناجحا. نوفل الحمومي: “ناشط مجتمعي, ومستشار معتمد لدى العديد من المؤسسات الدولية, كإطار حراك شبابي ومدرب وخبير، دون أي دعم حكومي مغربي” يتحدث نوفل عن نفسه، يحمل كغيره من الشباب الطموح لرؤية بلده تتربع في عرش الدول المتقدمة والتي يحسب لها ألف حساب على الصعيد العالمي. يقول نوفل: كأي مغربي يفتخر بوطنه, أحلم أن أصحى في الصباح, وبالي غير مهموم بالقضايا الاجتماعية والظروف الصعبة التي يعيشها أبناء الشعب, أحلم عند الخروج من البيت أن أرى الناس مبتسمة, لا قمامة في الشارع, أن أركب حافلة ليست من خردة أوربا, أن يكون لكل مواطن ضمان اجتماعي, عمل ذو كرامة و راتب يليق بالإنسانية, أن يختار ممثله البرلماني بكل حرية دون ضغوطات المال السياسي, أو صاحب فلان أو ولد فلان”وخلتو” فلانة, أن يحق لكل مواطن الترشح في البرلمان دون حاجة لتزكيات الأحزاب أو زعماء السياسة, وأن يلف عنقه بحزب سياسي, أن يستشار الشعب في كل صغيرة وكبيرة، أحلم بوطني يكون قوة اقتصادية وديمقراطية و دبلوماسية يضرب لها حساب, أحلم أن أتنقل وأسافر دون الحاجة إلى تأشيرة, أو “نحاشيها لبوزبال” في صفوف و طوابير الانتظار , أحلم أن يكون المغرب يحترم كفاءات بلده أولا قبل الأجنبي, أحلم يكون المغرب ملكا للمغربي أولا, الذي تجري فيه دماء البلد, أحلم أن يعامل المغرب أعدائه بصرامة, يحاربهم بنفس السلاح الذي يحاربونه به . أسماء بنكيران: تعمل في ميدان التجارة, تتخذ الزجل كهواية, قد نكون أخطأنا في حشرها في استطلاعنا, لكن يمكن أن نستقي من جوابها المختصر, وربما المتهكم أيضا الشيء الكثير. تقول أسماء مجيبة عن سؤالي: ليس لدي أدنى فكرة عن مغرب اليوم لكي أتحدث في الغد, عشت في باريس 12 سنة, ربما في وقت قريب أرد على سؤالك. “رغم اختلاف نظرتهم حول مغرب أحلامهم,إلا أنهم يلتقون في نقطة واحدة ,ألا وهي طموحهم ورغبتهم في بلاد مزدهرة اقتصاديا, تمنح للشعب السعادة والرفاه, لكن هل سيتأتى مغرب أحلامنا بالكلام والنقد المستمر؟ وهل سيجدي انتقاد الأوضاع القاتمة نفعا في ظل سيطرة لوبيات, لا تؤمن أصلا بالتغيير وحق الشعوب في العيش الكريم؟ “