تعتبر الخصوبة لدى الرجال، لدواع واقعية ومنطقية عدة، أحد الموضوعات «الحيوية» و«الحساسة». وتشير الإحصاءات الطبية ل«الرابطة الأميركية للمسالك البولية» إلى أن نحو 15 في المائة من المتزوجين لديهم مشكلة العقم، على الرغم من المحاولات لتحقيق الحمل وعدم استخدام أي منهم لأي وسيلة لمنع الحمل. ولئن كان السلوك الشائع أمام هذه المشكلة في مجتمعات العالم المختلفة هو إلقاء اللوم تلقائيا على المرأة بأن لديها «مشكلة ما» تعوق القدرة على الإنجاب، فإن ما تؤكده الرابطة الأميركية للمسالك البولية، بشكل واضح وصريح، هو أن 50 في المائة من أسباب ذلك العقم موجودة لدى الرجل. أي إن المرأة لا تتحمل سوى مسؤولية 50 في المائة من أسباب هذه المشكلة. ولذا، عند البدء في محاولات كشف سبب العقم لدى الزوجين، تنصح الرابطة بأن يتم بالتزامن إجراء التحاليل والفحوصات للمرأة والرجل على السواء. وتضيف الرابطة أنه ولحسن الحظ، وبفضل توفر التقنيات العالية لإجراءات الفحص والعلاج، فإن تشخيص أسباب مشكلة العقم ببساطة يعني أن الطريق إلى بلوغ الأبوة والأمومة يشكل تحديا من العقبات التي تحتاج إلى تذليل، وليس شيئا مستحيلا. والحقيقة أن فهم تتابع فصول قصة الخصوبة لدى الرجل، أحد الموضوعات التي يحتاج معرفتها الأزواج والرجال في العموم. * قصة مراحل الخصوبة * خصوبة الزوج تعني القدرة على إنتاج حيوانات منوية طبيعية، وإيصالها بنجاح إلى داخل مهبل الزوجة. ولذا تبدأ الخصوبة من عملية إنتاج الخصية للحيوانات المنوية spermatogenesis. ويتم إنتاج الحيوانات المنوية البالغة والجاهزة للقيام بعملية التلقيح، من خلال الخطوات الست التالية: 1- في الخصية توجد خلايا بدائية للحيوانات المنوية spermatozoa. وهذه الخلايا تبدأ عمليات معقدة ومتتابعة من الانقسام والتكاثر، تستغرق بضعة أشهر، لتعطي في النهاية حيوانات منوية صغيرة. وثمة هرمونان يتحكمان في عملية الإنتاج هذه، هما هرمون التستوستيرون الذكري testosterone، الذي تنتجه خلايا «ليدج» leydig cells الموجودة أيضا في الخصية. والهرمون الآخر وهو «الهرمون المحفز للحويصلات» FSH، وهو هرمون تنتجه الغدة النخامية الموجودة في قاع الدماغ. 2- ونتيجة لعمليات الإنتاج المعقدة والمتتابعة هذه، يتم لدى الشاب العادي اكتمال إنتاج 1000 من هذه الحيوانات المنوية في كل ثانية! وتغادر هذه الحيوانات المنوية الخصية، لتصل إلى قناة البربخ epididymis. وقناة البربخ هي عبارة عن أنبوب طوله 20 قدما، ملتف على نفسه، ويقع ملتصقا في خلفية كل خصية من الخصيتين الموجودتين في كيس الصفن لدى الرجل. وفي أروقة هذه القناة الطويلة الملتفة على نفسها ككتلة صغيرة جدا، يتم اختزان الحيوانات المنوية، التي تستغل وجودها في هذه القناة كي تكمل عملية نضجها واكتمال قدراتها. 3- كيس الصفن، الذي يحتوي على الخصيتين وقناتي البربخ، يقع خارج الجسم. ودرجة الحرارة في كيس الصفن نحو 32 درجة مئوية. أي أقل بنحو 4 إلى 5 درجات عن باقي الجسم. وهذه البيئة الباردة نسبيا أساسية في إنتاج الحيوانات المنوية وحفظها. 4- عند حصول العملية الجنسية، تبدأ عملية دفع الحيوانات المنوية من قناة البربخ إلى قناة «الوعاء الناقل» vas deferens. ويدخل هذا الوعاء الأنبوبي الناقل إلى الجسم، أي إلى المنطقة التي تقع خلف المثانة. وهناك تلتقي الحيوانات المنوية القادمة من خلال «الوعاء الناقل»، مع سوائل تلزم لها كي تسبح فيها وتتغذى على ما فيها من مواد غذائية، خلال فترة استقرار السائل المنوي في مهبل المرأة ورحلة الحيوانات المنوية في الرحم لملاقاة البويضة وتلقيحها. 5- يتكون السائل المنوي من الحيوانات المنوية وكمية من السوائل التي تفرزها ثلاث غدد، وهي البروستاتا، والحويصلتان المنويتان، والغدد البصيلية الإحليلية. وعند الوصول إلى مرحلة القذف، خلال عملية الجماع، يخرج هذا السائل المنوي عبر قناة الإحليل، التي تمر بالداخل وعلى طول القضيب، إلى خارج الجسم ليستقر داخل مهبل المرأة. 6- تتراوح كمية السائل بين 2 إلى 6 مليلترات. وتعتمد الكمية على عدة عوامل، منها طول المدة الزمنية بين قذف وآخر، وطول مدة استمرار الإثارة في العملية الجنسية، وغيرها. ويحتوي كل مليلتر واحد من السائل المنوي على ما بين 20 إلى 200 مليون حيوان منوي. وإذا ما كان عدد الحيوانات المنوية أقل من 40 مليون لكل مليلتر واحد، فإن احتمالات الخصوبة لدى الرجل هي 50 في المائة. وإذا ما كان العدد أقل من 20 مليون، فإن نسبة احتمالات قدرة التخصيب تتدنى بشكل كبير جدا. هذا هو التسلسل المثالي لقصة النجاح في امتلاك الرجل قدرة على أداء دوره كاملا في إتمام الخصوبة. أي جانب سيناريو دور البطل الرجل في مسرحية إتمام تلقيح البويضة الأنثوية بالحيوانات المنوية للذكر.