"المسلمون في إسبانيا".. عنوان أول دليل تصدره دولة أوروبية للتعريف بالواقع الاجتماعي واليومي للإسلام والمسلمين، الأمر الذي لقي ترحيبا كبيرا من العديد من المسئولين والمثقفين، والمنظمات والهيئات في إسبانيا والبلاد؛ لكونه "سابقة" في مجال الاهتمام بشئون الأقليات في القارة الأوروبية. واعتبرت كونسويلو رومي وزيرة الهجرة بالحكومة الإسبانية أن صدور هذا الدليل حدث هام؛ لأنه يلقي بالضوء على الأقلية المسلمة التي لا تزال تعتبر مجهولة وسط شريحة كبيرة من المجتمع الإسباني، وذلك في تصريحات لها خلال الاحتفال بتوقيع الدليل الذي صدر عن مؤسسة البيت العربي التابعة لوزارة الهجرة في العاصمة مدريد الأسبوع الماضي. وأضافت: "المسلمون في إسبانيا يشكلون قرابة 3% من الشعب الإسباني، يعني أزيد من مليون شخص، و30% منهم إسبان، ومع ذلك فلا تزال هناك الكثير من الأفكار المسبقة التي تحوم حولهم، بالإضافة إلى انعدام الثقة بينهم وبين المجتمع الإسباني". وحول صعوبة اندماج المسلمين في المجتمع الإسباني، قالت رومي: إن "المساواة في الحقوق والفرص هي السبيل الوحيد لكي نخرج من هذه الأزمة التي لا يمكن للسياسيين أن يحولوها إلى رهينة من أجل دفع فئات المجتمع إلى التطاحن والتنافر". وشارك في حفل توقيع الدليل مسئولون حكوميون بينهم أنخيل لوسادا وزير الدولة للشئون الخارجية، وخاينيز لينارسيتش مدير مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان، وصدر الدليل بثلاث صور للغلاف، الأولى لامرأة مهاجرة عاملة، والثانية لمعمار إسلامي أندلسي، والثالثة لباحث ينظر في مجهر خلال إجراء بحث علمي. معلومات هامة ويكشف الدليل عن أمور تعرف لأول مرة عن مسلمي إسبانيا، وعددهم في كل منطقة بالبلاد وأماكن تواجدهم؛ حيث حدد الدليل ثلاث مناطق أساسية لتواجد المسلمين في إسبانيا، وهي إقليم كتالونيا (شمال شرق)، ويوجد بها حوالي 300 ألف مسلم، ومنطقة الأندلس (جنوب) ويوجد بها قرابة 120 ألف مسلم، والعاصمة الإسبانية مدريد، ويوجد بها حوالي 80 ألفا. كذلك يكشف الدليل عن أكبر أقلية إسلامية في إسبانيا تمثلها الجالية المغربية، ويبلغ عددها نحو 700 ألف نسمة، وبعدهم الجزائريون حوالي 50 ألفا، ثم الباكستانيون 40 ألفا، والسنغاليون أكثر من 30 ألف نسمة، وتختلف هذه الأرقام إلى حد ما مع الأرقام التي كانت متداولة في السابق، وتشير إلى وجود حوالي مليوني مسلم، في حين أن الكتاب يظهر أن عدد المسلمين في إسبانيا يبلغ نحو 1.3 مليون نسمة من إجمالي عدد السكان البالغ نحو 45 مليون نسمة. وبحسب الدليل، يوجد في إسبانيا حوالي 400 مسجد ومصلى، وهو رقم يختلف أيضا عن الأرقام السابقة التي كانت تشير إلى وجود نحو 600 مسجد، أغلبها أماكن صغيرة، موزعة على إقليم كاتالونيا 170 مصلى، والعاصمة مدريد 84، وإقليم الأندلس 36. وبينما كشف الدليل عن وجود 13 مسجدا ومركزا ثقافيا كبيرا في إسبانيا، أشهرها مسجد مدريد المعروف باسم "إيمي 30"، ومسجد ماربيا في إقليم مالقة، يبذل مسلمو إقليم كتالونيا جهودا مضنية منذ سنوات من أجل بناء مسجد كبير يمكن أن يستوعب الأعداد الكبيرة للمسلمين في الإقليم، خصوصا خلال شهر رمضان وعيدي الفطر والأضحى. كما يطمح مسلمو إشبيلية -التي كانت عاصمة للخلافة الإسلامية للأندلس لقرون- لبناء مسجد كبير في المدينة، غير أن جهودهم قوبلت باعتراضات بعض السكان، وبمماطلة سلطات المدينة. إصلاحات جذرية وتعليقا على صدور الدليل، دعا محمد الشايب، النائب المسلم الوحيد في البرلمان الكاتلاني ورئيس جمعية ابن بطوطة، في تصريحات ل"إسلام أون لاين.نت" إلى العمل من أجل بناء مساجد كبيرة تجمع شمل المسلمين في البلاد. كما طالب أيضا بإصلاحات جذرية وعميقة في بنية الهيئة الإسلامية في إسبانيا، وهي الهيئة التي تعتبر المخاطب الرسمي للمسلمين أمام السلطات الإسبانية، قائلا: "من المهم جدا أن يحس المسلمون في إسبانيا بأنهم جزء من المجتمع الإسباني".