بعدما كانت مساعدتها للمغرب تقتصر على تقديم دعم مالي له لحدّ تدفق المهاجرين غير الشرعيين، صار الدّعم الإسباني لجاره الجنوبي يشمل الجوانب الأمنية والجيوسياسية بكيفية غير مباشرة، عبر مساعدة بلدان إفريقيا، المصدّر الرئيسي للمهاجرين الذين يتخذون المغرب محطة عبور نحو دول أوربا. وفي هذا السياق، كشفت معطيات وأرقام حكومية من إسبانيا وكافة دول أوربا، أن الحكومة الإسبانية ضاعفت، إثر أزمة تفاقم أزمة الهجرة السرية انطلاقا من سواحل المغرب قبل سنتين، دعما المالي ثلاث مرّات لبلدان إفريقيا. وإضافة إلى دعمه مادياً، تستعدّ دول الاتحاد الأوربي، بالتنسيق مع السلطات الإسبانية والبرتغالية، في الأسابيع القليلة المقبلة، ل"عسكرة" حدود أوربا مع المملكة المغربية، في إطار اتفاق الهجرة الجديد، الذي يُنتظر أن يصادق عليه قريبا. وانتقل دعم إسبانيا للمغرب وكذا لدول مالي وغينيا كوناكري وساحل العاج وغامبيا، الدول الرئيسية المصدّرة للمهاجرين إلى إسبانيا انطلاقا من سواحل المغرب، من 13.3 مليون أورو في 2017 إلى 46 مليون أورو في 2019، بزيادة بلغت 243%. ورغم ضعف المبلغ، بالنظر إلى المتطلبات الواجب على المغرب تأديتها فإنه يؤكد التوجّه العام للسياسة الخارجية الإسبانية، التي ترى في استقرار المغرب جزءا من أمنها القوميّ، وأن دعمه في مساعيه لمواجهة الهجرة يأتي من خلال دعم الدول المصدرة للمهاجرين غير الشرعيين إلى "محطة" المغرب، التي يواصلون انطلاقا من سواحلها رحلتهم نحو الفردوس الأوربي. وأكدت الحكومة الإسبانية أن حصة الأسد من قيمة الدّعم المالي الإسباني المخصص لمحاربة الهجرة غير الشرعية نحو إسبانيا انطلاقا من إفريقيا كان من نصيب المغرب، الذي توصّل ب32.3 مليون أورو، بعدما استفاد في 2018، من مساعدة إسبانية ب2.5 مليون أورو، ثم على دعم آخر (مشترك مع موريتانيا والسنغال) ب3.5 ملايين أورو، ما يؤكد ارتفاع الدعم المخصص للمملكة بصورة ملحوظة في عام واحد. وتتطلع الحكومة الإسبانية من وراء توجيه هذا الدعم للمغرب إلى تقليص تدفقات المهاجرين غير الشرعيين ب50%، وقد تحقق الهدف فعلا، إذ شهدت رحلات الهجرة غير الشرعية انطلاقا من سواحل المملكة بالنصف في أقلّ من عام واحد. وفي سياق متصل، لم تخصّص حكومة إسبانيا دعما ماليا للحكومة الجزائرية في السنة الماضية. وبينما انخفضت توافد المهاجرين على إسبانيا انطلاقا من المغرب بما يفوق 50% في 2020، صارت الجزائر، وفق صحيفة "إلباييس" المعبر الرئيسيَ للهجرة نحو السواحل الإسبانية. بل إن الجزائريين يشكلون النسبة الكبرى من المهاجرين غير النظاميين الذين وصلوا إلى السواحل الإسبانية في 2020.