على سبيل البدء : يبدو من الضروري , قبل البدء في تحليل و نقاش النخبة الامازيغية أن نقوم بتعريف مفهوم له علاقة مباشرة بهذه الاولى انه مفهوم النخبة . أولا في معنى النخبة : مفهوم النخبة يطرح على نطاقات واسعة في الثقافة العالمية و استعملها أكثر من مفكر و منظر....,و ضمن سياقات متنوعة لكن الطرح الجاد و المهيكل نظريا يقول بأن النخبة هي تلك الفئة الصغيرة من أفراد المجتمع التي تتولى عملية صناعة القرار سواء أكانت سياسية أم ادارية أم اقتصادية أم تنموية . و قد ساعدت هذه النخبة ظروف معينة بالانفراد بالمواقع القيادية داخل المجتمع فهي توجد على قمة هرم المجتمع و موجودة في كل مجتمع . و يلخص المفكر الايطالي والفريد باريطو: مفهوم النخبة في كتابه "العقل و المجتمع" و حسبه النخبة تتكون من الاشخاص المتفوقين في كل الميادين فالنخبة موجودة في مختلف الانشطة الانسانية فحتى اللصوص الممتازين يعتبرون نخبة في مجالهم و من ثم فالنخبة ليست نتاجا لمهارات تنظيمية و لا أوضاع اقتصادية بل هي نتاج ما أسماه بالثوابت التي فسرها بالصفات الانسانية الاساسية الدائمة و الثايتة على مدار التاريخ . و في كل مجتمع توجد نخبة أي الاشخاص الذين يشتغلون المراكز القيادية في مختلف الميادين ثم اللانخبة أي الجماهير و قسم باريطو النخبة الى قسمين : نخبة حاكمة تلعب دورا مهما في عملية الحكم بطريقة مباشرة أو بطريقة غير مباشرة و نخبة حاكمة تضم الاشخاص المتفوقين في ميادين لا صلة لها بالعمل السياسي . ثانيا: النخبة المثقفة الامازيغية و تعرية الاساطير: النخبة المثقفة في مفهومها الواسع متكونة من المبدعين في مختلف مجالات الابداع الفني و الادبي و العلمي و الاكادميين و الجامعيين و الباحثين... أما النخبة المثقفة الامازيغية فقد نشأت في معظمها في الوسط القروي و نتيجة لاستفادتها من ظروف التعليم العصري استطاعت أن تكسب وضعا جديدا و تستقر في المدن . فغدت تبحث لنفسها عن موقع داخل الخريطة الثقافية و السياسية للبلاد لكنها اصطدمت بحقل سياسي و ثقافي بمغرب الاستقلال لا يستوعبها و لا يعبر عن أمالها و تطلعاتها حقل يؤمن بالوحدوية و التمركز و يرفض التنوع و التعدد (1 ) اذا فالنخبة المثقفة الامازيغية المنحدرة من البادية الحاملة لهم القضية الامازيغية وجدت نفسها معرضة للتنحية من طرف النخبة الحضرية (النخبة العربوفاسية) .ذات التوجه المركزي و التي اتخذت من المغرب "لنا لا لغيرنا" شعارا لها . و قد قدم الباحث و الناشط الامازيغي ماس رشيد الحاحي للمثقف الامازيغي تعريفا ذا دلالة يقول فيه : "عادة نقصد بالمثقف الامازيغي الباحث او المبدع المنشغل بقضايا الثقافة و اللغة و التاريخ و القانون...انطلاقا من وعي هوياتي يضع الامازيغية في صلب اهتمامه و انتاجه الفكري و الثقافي" (2). بهذا الاسترخال الجزئي للنخبة الامازيغية سنقف عند الاساطير و الاكاذيب التي حطمها العقل و النقد و التي كان للنخبة الامازيغية فضل كبير على تفنيدها و دحضها و تعريتها. لقد روج أعداء و خصوم الامازيغية مجموعة من المغالطات و الخرافات في محاولة منهم لاغتيال و ابادة الهوية الامازيغية . و قد عمرت هذه التراهات و المزاعم لعقود كثيرة من الزمن و شوهت صورة الامازيغ الى ابعد الحدود و تركت جروحا غائرة في الجسد الامازيغي . و من بين الاوهام التي روجها المعادون القومجيون نذكر على سبيل المثال لا الحصر: مغالطة الاصل المشرقي للامازيغ, الامازيغ شعب غير متحضر ,أكذوبة الظهير البربري ,الدفاع و التشبث بالامازيغية عنصرية , الامازيغية لهجة و ليست لغة ,المطالب الامازيغية وراءها اسرائيل و المراكز التبشيرية ,معاداة الامازيغ للاسلام و اللغة العربية, اللغة العربية لغة مقدسة و دينية ,و الامازيغية مدنسة و دونية , اختراق اسرائيل للحركة الامازيغية (اخر أكذوبة ) ... أما اليوم في ظل تقدم العلم و المعرفة و انبثاق الوعي الهوياتي الامازيغي للنخبة الامازيغية لقد تحطمت هذه الاصنام التي عبدت لفترة طويلة و التي كانت من صنع الاديولوجية العروبية المشرقية. اذا كل هذه المزاعم حكايات و أوهام و أراجيف و هذيان لا اساس لها من الصحة و لا تستند الى اية حجج دامغة أو وقائع ملموسة و أصبح لاي كان أن يسخر بها. فهدف و مقصد هؤلاء القومجيون و مواليهم هو تشويه الانسان الامازيغي و ربطه بالجزيرة العربية رغما عن نفسه و رغما عن ارادة الله عز وجل الذي أراد أن يخلق سكان ثامزغا امازيغيين. و هذا ما يسميه الاستاذ محمد بودهان "بالشذوذ الجنسي" بمفهومه القومي و الهوياتي و ليس الاخلاقي و الذي يعني تحويل الجنس الامازيغي الى جنس عربي . الخلاصة ان النخبة الامازيغية استطاعت بفكرها العقلاني التصدي للكذب و القضاء على المشوهات الخبيثة و الفاسدة و التخربية التي تم الترويج لها من طرف القوميون العروبيون. على سبيل الختم : لا أجد –في نهاية هذه المقالة المتواضعة- الا أن أقول لأعداء و خصوم الامازيغ أنه اذا كانت الحفنة القومية العروبية قد استطاعت نشر و اشاعة و ترويج و تمرير الاكاذيب و المغالطات و تشويه و مسخ و تحقير العنصر الامازيغي الى ابعد الحدود فان ذلك كان ممكنا لأن الانتليجينسيا الامازيغية كانت ضعيفة و غير واعية .أما اليوم فان الانتليجينسيا الامازيغية قوية انبثق لديها بالقضية الامازيغية و استطاعت بفكرها التنويري النسبي الحداثي العلماني العقلاني دحض و تعرية التراهات و الخرافات التي يروجها الاديولوجيون العروبيون المعادون و الحاقدون على كل ما هو أمازيغي . فكفى كذبا و زورا و بهتانا على الامازيغ ...فحيل و ألاعيب و دسائس قومجيتكم لن تنطلي على الشعب الامازيغي بعد الان . و في الاخير تحية أمازيغية لكل من ساهم في تعرية هذه المزاعم خاصة جريدة –مدرسة ثاويزا- هامشان: (1 ) بحاج عسو: "قراءة في مفاتيح " العمل السياسي عند الفاعل الامازيغي " , جريدة ثاويزا العدد 107 مارس 2006/2956 . (2). رشيد الحاحي : الامازيغية و السلطة : نقد استراتيجية الهيمنة دفاتر وجهة نظر مطبعة النجاح الجديدة الطبعة الاولى 2008 ص 143. [email protected]