"اننا محاصرون ليل نهار"، هكذا يلخص متضررون من تلوث الهواء في محيط سكناهم في حي "ترقاع" بمدينة الناظور معاناتهم جراء حجم الانبعاثات الدخانية التي يصرفها حمام شعبي. الحصار المقصود يضيف هؤلاء هو "ان تضطر ليل نهار وخاصة بالليل الى احكام اغلاق النوافذ والابواب دون ان يكون لك الحق في الاستنشاق الطبيعي للهواء، كما أنك محروم من استعمال الاسطح في نشر الغسيل او غيرها من الاستعمالات الاخرى لمرافق المنازل لأنك غالبا ما ستكون معرضا لضرر الدخان القادم من الحمام". هذه الوضعية خلقت حالة من الغضب والاستياء في صفوف السكان المجاورين، ودفعت بعضهم الى طرق ابواب المسؤولين طلبا للتدخل العاجل والحازم، سيما وان هذا الحمام بالطريقة العشوائية التي يشتغل بها وكثافة الدخان الذي يصرفه ليلا في فترة يحتاج فيها اي انسان للراحة والسكون جعلت منه حالة شاذة بين الحمامات المتواجدة بمدينة الناظور والأسوء من نوعه في احترام البيئة وعدم الاضرار بالجوار، حسب تعبيرهم. ويزيد المتضررون في تصريحات متطابقة، ان "الاضرار الصحية لا تحتاج الى اقامة البرهان حولها وانما هي تحصيل حاصل لما للعلاقة الوثيقة بين استنشاق الهواء الملوث والامراض الناجمة عنه من قبيل الامراض التنفسية وغيرها"، كما ان "هذه الاضرار الصحية محتمة الوقوع خاصة لدى الصغار وكبار السن، امر بات يشكل مصدر قلق كبير وتزداد المخاوف معه لدى المتضررين يوما عن يوم بسبب هذه الوضعية". المشكل البيئي والصحي الذي خلقه هذا الحمام الشعبي لا يخلو من تفاصيل تدعو للاستغراب، فقد تضمنت شكايات موجهة للجهات المختصة ان صاحب الحمام صار يركز على تصريف الدخان الكثيف ليلا ويستمر على هذا المنوال الى الصباح الباكر. وهو ما يفهم منه حسب المصادر ذاتها "محاولته اخفاء الاضرار التي يتسبب فيها وتفادي اي احتجاج أو مراقبة حتى يبدو في النهار وكأنه يعمل بكيفية عادية وسليمة، كما انه يمكنه تحت جنح الليل احراق ما يشاء من مواد بما فيها الاكثر تلويثا"، وهو ما تدل عليه الروائح الكريهة المنبعثة من مدخنة الحمام المذكور. هذا السلوك، يضيف أحد المشتكين "ينطوي على استهتار بالقوانين الجاري بها العمل ويحمل على الاقتناع بأن صاحب هذا الحمام نفسه يعلم بأنه يخالف القانون ومبادئ حسن الجوار لذلك يحتمي بالليل لإخفاء معالم اعتدائه على البيئة والصحة العامة". وزاد المتحدث ذاته ان "السلطات مطالبة بالتدخل لوقف هذه المعاناة اليومية، لأنه لا يعقل ان تكون صحة المواطن وسكينته رهينة لمثل هذه السلوكات التي ينبذها الشرع الاسلامي الحنيف وتجرمها كل القوانين الانسانية لما فيها من تعدٍّ فاحش على حقوق الاخرين"، داعيا في الختام كل المهتمين بمجال حماية البيئة الى التصدي لهذه السلوكات وفضح هذا النوع من الاستخدامات العشوائية حتى ينعم المواطن عموما باطار عيش ملائم وبيئة سليمة. الى ذلك، لا تخلو القوانين المغربية من مقتضيات تحث الادارة على التدخل التلقائي في مثل هذه الحالات المرشحة للتفاقم في حال تجاهلها، سواء في اطار حماية الصحة والسكينة والامن العامين او بموجب المقتضيات المتعلقة بحماية البيئة ومكافحة تلوث الهواء، لذلك "فنحن نعول على هذا التدخل وان يكون حازما بما يكفي لردع مثل هذه الأفعال "، يضيف المتضررون. يذكر أن مواصفات صحية وبيئية مطلوبة في الحمامات العمومية حتى تتحول الى حمامات ايكولوجية تحترم البيئة ولا تسبب اضرارا للسكان المجاورين، وتشتمل تلك المواصفات ايضا مستوى النظافة ومدى التزام معايير السلامة داخل الحمام. والى جانب تلك المواصفات تشير دراسات متخصصة الى ضرورة الانتباه الى جودة المياه الجوفية المستعملة ( مياه الآبار) من قبل الحمامات والتي غالبا ما تكون غير خاضعة لأية تحليلات مخبرية للوقوف على ما تحتويه من نسب المكونات الفيزيوكميائية والميكروبية، وضعية تجعل المستحمين عرضة لأمراض مختلفة؛ في مقدمتها الأمراض الجلدية.