مع زيارة الرئيس الموريتاني للمغرب واستقباله من طرف ملك البلاد محمد السادس، يكُون القائدان قد قطعا فصلاً /شوطاً في العلاقة بينهما، دبلوماسيا وسياسياً ثم اقتصادياً، في سبيل إقرار تكامل اقتصادي متعدد الأبعاد: ثنائي: تقوى بشكل كبير مع العملية العسكرية التي قام بها المغرب على مستوى المعبر الحدودي الكركرات، واستكمال تعبيد طريقه نحو موريتانيا، وطرد المليشيات التي كانت تعرقل حركة المرور في اتجاه موريتانيا، مع انطلاق وعودة اللجنة المشتركة المغربية-الموريتانية للعمل، وإحياء جل المشاريع الاقتصادية التي ستجعل منطقة الصحراء، من خلال المغرب وموريتانيا، مركزا اقتصاديا كبيرا، خاصة مع تحول ميناء الداخلة لنقطة ارتكاز بالمنطقة ككل، وهو ما دفع البلدين معاً إلى تجاوز كل المطبات التي كان يضعها النظام الجزائري في سبيل عرقلة التقارب الاستراتيجي الذي حدث ويحدث، والذي عزز العلاقة المغربية-الموريتانية. قاري: من خلال إعلان الرئيس الموريتاني، في الزيارة التي استُقبل فيها من طرف الملك محمد السادس، عن انضمام بلاده إلى المبادرة الأطلسية لتنضاف للدول الخمس المعنية بها والمتواجدة بمنطقة الساحل « بوركينافاسو، مالي، تشاد،النيجر ثم المغرب»، والتي كانت قد عقدت اللجنة الوزارية المشتركة، قبل أشهر قليلة ماضية، للتنسيق والتشاور بينها، في سبيل المضي قدماً نحو إنجاحها وضمان تنفيذها باعتبارها تكتلاً اقتصادياً سيدفع بمنطقة الساحل جنوب الصحراء نحو التطور الاقتصادي والانتقال بها من منطقة كانت مصدراً للإرهاب والفقر والتهديد وعامل لا استقرار أمني، إلى منطقة تكامل اقتصادية تطل على القارة الأمريكية وأوروبا من خلال المنفذ نحو المحيط الأطلسي، وما سيضعه المغرب أمامها من إمكانات اقتصادية خاصة ما يرتبط بالبنية التحتية لاستغلالها، قصد الوصول إلى المحيط الأطلسي. لقد جاءت زيارة الرئيس الموريتاني بعد سلسلة تحركات جزائرية في المنطقة، والتي انتهت بالفشل، فشل على مستوى خلق تكتل حاول ضم المليشيات إليه لكنه انتهى قبل انطلاقه بسبب الرفض الليبي له، وتحفظ موريتانيا على الانضمام إليه، أضف إلى ذلك فشل دبلوماسي جزائري في المنطقة بعد البيان الصارم للخارجية المالية التي نددت بالتدخل الجزائري في شؤونها الداخلية بسبب دعم النظام العسكري للعناصر الانفصالية بشمال مالي ودفعها نحو المس بوحدة واستقرار مالي، في سبيل ابتزاز هذه الدولة قصد دفعها نحو التخلي عن الانضمام إلى المبادرة الأطلسية، لكن بيان الخارجية المالية كان واضحاً في المواقف المُعبر عنها، مما شكل فشلاً ذريعا للدبلوماسية الجزائرية القائمة على الابتزاز ودفع الدول نحو حالة اللاستقرار، وما تحركها الأخير كذلك الذي كان يهدف إلى عرقلة الملف الليبي قصد إبقائه، من طرفهم، في حالته الحالية من الجمود والانقسام، إلا دلالة كبيرة وواضحة على فشل هذه الدبلوماسية الجزائرية في المنطقة، وعدم قدرتها على تقديم بدائل دبلوماسية تحقق الاستقرار والتنمية، على عكس ما هو ثابت الآن من كون كل تحركاتها تهدف إلى زعزعة استقرار الدول وتقسيمها وانهيارها، كل ذلك في سبيل،فقط، التحكم في قرارها السيادي والسياسي، وهو ما ترفضه ورفضته جل الدول. الزيارة الأخيرة للرئيس الموريتاني هي ليست فقط زيارة عادية لرئيس دولة، بل هي زيارة نحو المستقبل، مستقبل اقتصادي وسياسي مشترك يكون المغرب فيه داعماً لهذا البلد الشقيق، خاصة وأن المغرب وقيادته، قد أبان عن احترام كبير للشعب الموريتاني ولقيادته، ولم يتدخل قط في اختياراتهم، بل كان التعاطي المغربي مع الشأن الداخلي الموريتاني فيه احترام للسيادة الموريتانية، وهو ما شجع على بناء علاقة ثقة يجني البلدان الآن ثمارها السياسية والدبلوماسية والاقتصادية، كما سيشجعها على التفكير من خلال اللجنة المشتركة في كيفية استثمار المنطقة الحدودية بشكل مشترك خاصة المناطق المجاورة لها على رأسها مدينة الكويرة، التي يمكن جعلها، وجعل كل تلك المناطق، من معبر حدودي إلى معبر اقتصادي ذي ثقل اقتصادي قاري يحقق التكامل الذي سيتعزز بخلق هذه الفرصة الاقتصادية الكبيرة، لجعلها عامل جذب اقتصادي للاستثمارات الدولية، ليس فقط لها بل لمنطقة الساحل ككل، في ظل عزم قيادة البلدين على تعزيز فرص نجاحها، وهو ما سيشكل إجابة اقتصادية على التاريخ والمستقبل.