أوقفت السلطات الفرنسية ثلاثة مؤثرين جزائريين يحظون بمتابعة واسعة على منصة التواصل الاجتماعي تيك توك، للاشتباه في تحريضهم على الإرهاب ووضع منشورات تحث على ارتكاب أعمال عنف في فرنسا. ويأتي توقيف المؤثرين في بريست (غرب) وغرونوبل (جنوب شرق) ومونبلييه (جنوب) في ظل توترات سياسية متزايدة بين باريسوالجزائر. وفي هذا الإطار، أوقف الناشط المعروف باسم "عماد تانتان" الجمعة الماضية في ضواحي غرونوبل بعد نشره مقطع فيديو يحث المتابعين على "الحرق والقتل والاغتصاب على الأراضي الفرنسية". وتم حذف الفيديو لكن وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو نشر مقطعا منه على حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي ووصفه بأنه "وضيع". وقالت النيابة العامة في غرونوبل إن قاضيا وضع أول أمس الأحد المدون البالغ 31 عاما تحت الإشراف القضائي، ومن المقرر أن يكون قد خضع أمس الاثنين لمحاكمة سريعة بتهمة "التحريض المباشر على عمل إرهابي". ودخل "عماد تانتان" فرنسا في دجنبر 2021، وتقدم بطلب للحصول على تصريح إقامة في غشت 2023 بعد زواجه من امرأة فرنسية. لكن طلبه قوبل بالرفض، وصار مهددا بصدور أمر ترحيل. وقال مصدر في الشرطة طلب عدم ذكر اسمه إنه أوقف مع شقيقه التوأم، مضيفا أن تفتيش منزلهما كشف عن الأجهزة المستخدمة في تصوير الفيديو الذي حقق أكثر من 800 ألف مشاهدة. ولم يقدم المدعون تفاصيل بشأن وضع الشقيق. وفي القضية الثانية، تم إيداع جزائري يبلغ 25 عاما تم التعريف عنه باسم يوسف أ. لكنه يشتهر على وسائل التواصل الاجتماعي باسم "زازو يوسف"، الحبس الاحتياطي الجمعة الماضية في مدينة بريست، وفق ما أفاد المدعي العام كامي ميانسوني في بيان. وأوضح أنه سيحاكم في 24 فبراير القادم بتهمة "التحريض علنا على عمل إرهابي" في منشورات على حسابه الذي يتابعه مئات الآلاف. وأضاف في البيان أنه يواجه عقوبة السجن لمدة تصل إلى سبع سنوات وغرامة قدرها 100 ألف يورو في حال إدانته. وظهر "زازو يوسف" في مقطع فيديو نشر على تيك توك في 31 دجنبر الماضي، يدعو فيه إلى شن هجمات في فرنسا وأعمال عنف في الجزائر. وكان المشتبه به يعيش في فرنسا بموجب تصريح إقامة مؤقت. وقالت شركة تيك توك لوكالة فرانس برس إن الحساب الذي نشر منه الفيديو تم حظره بسبب نشره عدة مقاطع تنتهك قواعدها بشأن خطاب الكراهية. ومساء الأحد، أعلن وزير الداخلية برونو ريتايو عن توقيف ناشط ثالث في مدينة مونبلييه الساحلية بسبب تعليقات عنيفة استهدفت ناشطا جزائريا معارضا. وأفادت النيابة العامة وكالة فرانس برس بأن السلطات المحلية أبلغت عن مقطع فيديو قال فيه المؤثر عن الناشط "اقتلوه، دعوه يعاني". وقال مكتب محافظ المنطقة لفرانس برس إنه يدرس سحب تصريح إقامة المدون وإصدار أمر بترحيله. من جهته، اعتبر المعارض الجزائري شوقي بن زهرة الذي لجأ إلى فرنسا بعد مشاركته في الحراك المؤيد للديموقراطية عام 2019، في تصريح لوكالة فرانس برس أن "زازو يوسف" و"عماد تانتان" انضما إلى "الحرب التي يشنها النظام الجزائري في فرنسا". واتهم بن زهرة السلطات الجزائرية بتعبئة عدد "كبير" من المؤثرين الذين يدعون إلى "العنف"، لافتا إلى أنه رفع شكوى الجمعة الماضية في مدينة ليون بسبب تهديدات وجهها له "عماد تانتان". وتأتي هذه التطورات في ظل تصاعد التوتر بين فرنساوالجزائر بعد أن أعلن الرئيس إيمانويل ماكرون الدعم الفرنسي لسيادة المغرب على صحراءه، وزيارته التاريخية للمغرب . وعلى إثر هذا القرار، قامت الجزائر، التي تدعي أنها طرف محايد في هذا النزاع المفتعل، بسحب سفيرها من باريس، مؤكدة مرة أخرى أنها وراء افتعال هذا النزاع وهي من تغذيه. وفي هذا الإطار، أكد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو أول أمس الأحد أن بلاده تساورها "شكوك" حيال رغبة الجزائر في التزام إحياء العلاقات الثنائية، معربا عن مخاوفه بشأن قضية الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال الموقوف منذ أسابيع. وقال بارو في مقابلة مع إذاعة "أر تي إل" الخاصة "لقد وضعنا في 2022… خريطة طريق … ونود أن يتم الالتزام بها". وأضاف "لكننا نلاحظ مواقف وقرارات من جانب السلطات الجزائرية أثارت لدينا شكوكا حيال نية الجزائريين التزام خريطة الطريق هذه. لأن الوفاء بخريطة الطريق يقتضي وجود اثنين". وأضاف بارو "مثل رئيس الجمهورية، أعرب عن القلق البالغ إزاء رفض طلب الإفراج الذي تقدم به بوعلام صنصال ومحاموه". وكانت السلطات الجزائرية اعتقلت في نونبر الماضي، الكاتب الفرنسي من أصول جزائرية، بوعلام صنصال (75 عاما) المعارض للسلطة الجزائرية ولفقت له تهمة تعريض أمن الدولة للخطر، وهو موجود منذ منتصف دجنبر في وحدة علاج طبي. ووجهت إلى صنصال تهم بموجب المادة 87 مكرر من قانون العقوبات والتي تعد "فعلا إرهابيا أو تخريبيا…كل فعل يستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية والسلامة الترابية واستقرار المؤسسات وسيرها العادي". وأوضح بارو بخصوص بوعلام صنصال : "أنا قلق بشأن حالته الصحية … فرنسا متمسكة جدا بحرية التعبير وحرية الرأي وتعتبر أن الأسباب التي قد دفعت السلطات الجزائرية إلى احتجازه باطلة".18