إن النبش في تاريخ العلاقات المغربية الجزائرية، يحيلنا على وحدة التاريخ والمصير والمقاومة، إذْ لم يثبت تاريخيا أن الشعبين كانا متناحرين متخاصمين ومتباعدين، بل يشهد أن الجارين كانا نعم الإخوة، فينصر الأخ أخاه مهما كانت الظروف ويُؤثرون على أنفسهم ولو كانت بهم خصاصة. وبالعودة إلى حقبة الإستعمار الفرنسي للمغرب والجزائر، نجد المقاومتين كانتا كل لا يتجزء، وأن المغاربة عامة والريفيين خاصة، لعبوا دورا محوريا في كل الإتجاهات، ومثلت المنطقة قاعدة خلفية ورئة رئيسية تتنفس بها المقاومة الجزائرية لتحقيق أهداف الثورة. محمد الخضير الحموتي، ابن بلدة بني انصار، المتاخمة للحدود مع مليلية المحتلة، والمتواجدة على بعد أميال من الحدود مع الجزائر، كان رفقة رجالات المقاومة المغربية السباقين الى دعم الثوار الجزائرين وشكلوا قاعدة خلفية قوية تمدهم بالمال والسلاح. وتشهد البناية القديمة التي تعود ملكيتها للشهيد الخضير الحموتي، والمتواجدة بحي "إحموتن" ببني انصار، على عمق ومتانة هذه العلاقة الثنائية، ومدى الدعم الذي قدمه الخضير الحموتي للثورة الجزائرية. كما كانت البناية شاهدة على أحداث تاريخية كانت الفصل الأقوى في اندحار الإستعمار الفرنسي واستقلال الجزائر. في نفس الإطار تؤكد الأبحاث التاريخية أن إمدادات المغرب لم تنقطع عن للثورة الجزائرية منذ اندلاعها سنة 1954 إلى تتويجها بالانتصار والاستقلال سنة 1962 رغم الشروط الفرنسية في وثيقة اتفاقيات ايفيان ، حيث التزم الشعب المغربي بمساعدة الثورة الجزائرية بطريقة غير محدودة ولا مشروطة، وحتى في أصعب ظروف التي عاشها المغرب. لكن هذه الظروف الصعبة لم تثنه عن مضاعفة دعم الجزائر ماديا وتوفير السلاح لثورتها، وحماية ظهرها على طول الحدود المغربية التي أصبحت مفتوحة في وجه الثوار الجزائريين، ومَمَرّا للعتاد والذخيرة إلى أرض المعركة في الجزائر، وإلى قاعدة مكناس العسكرية المغربية كان يرد السلاح الروسي المقتنَى للثورة الجزائرية، وضِمْنه الطيران العسكري الذي كان يتدرب عليه بالقاعدة المغربية ربابنة جزائريون. وكان المغرب يساهم من ميزانيته في شراء السلاح ونقله إلى الجزائر، كما ساعد الجزائر ماليا على اقتناء الباخرة "سانت بريفال" التي اشتهرت باسم "الأطوس" وغصّت مدينة وجدة على الحدود الشرقية بالمهاجرين والاجئين الجزائريين، واستقبلت مستشفياتُها الجرحى لعلاجهم، وآوت القيادةَ الجزائريةَ السياسية التي أصبحت تُعرَف في ما بعدُ بمجموعة وجدة. ملحوظة: الفيديو أسفله ينفض الغبار عن جزء من التاريخ المنسي، كما يعبر عن عمق ومتانة العلاقات المغربية الجزائرية التي كان الخضير الحموتي همزة وصل بينهما.