جاء في صحيفة "تايم" البريطانية سنة 1909 مقال لصحافي زار المغرب، وكتب ما يلي :''في 1817، ومع تعاظم قوة انجلترا وسيطرتها على مضيق جبل طارق، خاف السلطان سليمان من ذلك الامتداد، وحد من عمليات القرصنة البحرية، ولم تعد سفنه تمارسها بالأشكال السابقة وانما بسرية، ولم تنته إلا في 1856، عندما نجح السير جون دريمون، في تحرير جميع العبيد والمسجونين، كان هذا في أيام مولاي الحسن، السلطان والد مولاي عبد الحفيظ وعبد العزيز‘‘. في عهد مولاي الحسن كانت الضرائب تجمع بالقوة من كافة ربوع البلاد لاسيما في السواحل المتوسطية على مقربة من الناظور والمحيط الأطلسي انطلاقا من الصويرة، وكان يفرض على أهل القرى والبوادي توفير طعام الجيش أينما حل وارتحل. رتب مولاي الحسن لطريقة يتعامل بها مع القياد والسيطرة عليهم، والاهم انه كان يهزم المسيحيين، كان مثالا على تفوق المغاربة وتواضع العظمة البريطانية أمامهم هذه الأسطر تلخص واقعا عريضا من تاريخ القرصنة البحرية او الجهاد البحري، فقد كان الامر أكبر من سطو اقتصادي أو نظام ضرائب غير مقنن بشكل رسمي من الدولة، لقد كان انتقاما من الهيمنة الاوروبية ورغبتها في التدخل في الشؤون المغربية قرونا قبل فرض الحماية رسميا على المغرب سنة 1912. لقد ظل المغرب يرى في اسبانياوالبرتغال عدوا لدودا يسعى إلى التحكم في الشأن الداخلي المغربي. لكن من جهة أخرى، كانت تبعات الجهاد البحري مكلفة، فقد كانت كل هزيمة للجيش المغربي على يد الاسبان والبرتغال اللتان كانتا تملكان وقتها أساطيل بحرية متطورة جدا ومدافع للقصف تحسم المعارك لصالحها في كل مرة تجعل المغرب يؤدي غرامات كبيرة لصالح أوروبا. وأكثر من هذا أن الأسواق المغربية كانت تغرق بالبضائع الاسبانية والبرتغالية وهو ما يجعل الحرفيين المغاربة يغرقون في الازمة. في الناظور، كان الإسبان يعاونون مع "القراصنة" الذين سكنوا الجبال المطلة على البحر الأبيض المتوسط حيث كلما ظهرت سفينة أجنبية إلا و تعرضت لهجوم القراصنة وسلبها ما تحمله، بينما في الصويرة وأسفي كانت بعض القبائل المستقرة على المحيط تبحر ليلا لمهاجمة السفن العابرة نحو أمريكا، أو القادمة من العمق الافريقي نحو البرتغالواسبانيا، تسلبها حمولات مهمة من الذهب والمواد الصناعية. ففي مدينة الصويرة وحدها هاجر مئات الحرفيين اليهود منذ القرن 18 نحو امريكا واوروبا بسبب الازمات التجارية التي خلفها الجهاد البحري، فقد كان معروف عن المدينة بأنها عاصمة صناعية للمغرب في فترة من الفترات وكانت مقرا لأغلب الحرفيين اليهود الين يتقنون الصناعات المحلية. ومما شجع على القرصنة في الناظوروالصويرة، هو غرق الأسواق المغربية بالعملة الاجنبية، إذ أصبحت العملة المحلية لا تساوي قيمة السلع التي يتم تصنيعها محليا وهو ما يعني أن التجار سيصابون بالافلاس لا محالة والأكثر من هذا أن الدولة كانت تطالبهم في كل مرة بأداء الضرائب. هذا كله حدث في وقت كانت بعض القبائل تخرج بسفنها إلى الحدود البحرية، وتهاجم السفن الاجنبية المحملة بالسلع، معتبرة الامر انتقاما من الهيمنة الاوروبية وتدخلا في السوق المغربية وفي كل مرة يعودون بغنائم من السفن ما جعل العلاقات الدبلوماسية المغربية الاجنبية مهددة بالانقطاع واحيانا بالعقوبات الرسمية. ولقب "القراصنة" بأسياد البحر في فترة كانت القطاعات المحلية تشهد انتكاسة جعلت المغرب يفقد حرفيين يهود فضلوا الهجرة نهائيا نحو الخارج بدل رؤية تجاريتم تصاب بالافلاس بسبب سيطرة الاوروبيين على السوق، فالوضع لخص باختصار رغبة القبائل في جني الضرائب من الاوربيين بنفسها ما دامت الدولة عجزت عن ذلك بسبب ثقل الاتفاقيات التي جمعتها بالأجانب.