رغم إعلان السلطات أن المسيرة ممنوعة، خرج الكثير من المتظاهرين في مدينة الحسيمة، مساء الخميس 20 يوليوز الجاري، لأجل التنديد باستمرار اعتقال ما يفوق مئتي من نشطاء ما يعرف بحراك الريف، فيما قامت القوات العمومية بالتدخل لتنفيذ الحظر الذي أعلنته وزارة الداخلية. الخروج للشارع لأجل التظاهر، بدأ في تمام الساعة الخامسة مساءً بالتوقيت المحلي، واستخدمت القوات العمومية الغازات المسيلة للدموع، ومنعتهم من الوصول إلى ساحة محمد السادس التي يطلق عليها المتظاهرون اسم "ساحة الشهداء"، غير أن ذلك لم يثنهم عن محاولة التجمع في مجموعة من الشوارع والأزقة ورفع عدد من الشعارات المنددة بالمنع. المدينة شهدت إنزالا أمنيا واسعا منذ الساعات الأولى ليومه الخميس، وانتشرت العناصر الأمنية في عدة مناطق من المدينة لضمان عدم تنظيم التظاهرة، في وقت كان يصرّ فيه النشطاء على إنجاح الاحتجاج الذي أرادوه "مسيرة مليونية"، خاصة مع توافد عدد من المتعاطفين إلى المدينة للمشاركة في هذا الموعد الاحتجاجي. بداية الاحتجاجات الساعة كانت تشير إلى الخامسة مساء، و الشرطي الحامل للشارة الوظيفة شرع في تلاوة قرار المنع بعد محاصرة القوات العمومية لساحة محمد السادس، مئات المواطنين تجمعوا في الشوارع والأزقة، شرعوا في ترديد الشعارات المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين، وآخرون ينادون بحقهم في التجمهر والاحتجاج ويرددون شعار "الموت ولا المذلة". مسؤولي القوات العمومية، أعطوا تعليماتهم للقوات من أجل استعمال القوة لتفريق المتجمهرين، ونقطة البداية كانت بالقرب من ساحة محمد السادس، حيث تم توقيف مجموعة من الشباب، ونقلهم عبر العربات الأمنية صوب مخافر الشرطة، وفي حي موربياخو خرج مئات المتظاهرين في مسيرة حاشدة تقدمتها لافتة منسوبة للجالية المقيمة في الخارج، سرعان ما وجدت امامها حزاماً أمنياً مدجج بالعصي و قنابل مدمعة استعملت لتفريق معظم الاحتجاجات. اختناقات واغماءات بسبب الغاز لم تكن لبعض المتظاهرين القوة الكاملة لتحمل حرقان "الكريموجين"، و سرعان ما تعرضوا للاختناق ومنهم من أصيبوا بالإغماء بمجرد استنشاقهم للغازات المنبعثة من كثافة القنابل المسيلة للدموع التي استعملتها القوة العمومية لتفريق المحتجين. أغلب المصابين بفعل الغاز المدمع، تم نقلهم للمستشفى عبر سيارات الاسعاف التابعة للوقاية المدنية العمومية، وقد تأثرت نساء أيضا بهذه القنابل، وفي جانب آخر شوهدت "نوال بنعيسى" القيادية في لجنة الحراك الشعبي بالحسيمة، مستلقية على ظهرها بعد تعرضها لركلة شرطي على مستوى بطنها، ونقلت هي الأخرى لتلقي العلاجات الضرورية. اسعافات باستعمال البصل و مشروب "كوكا كولا". لم يجد المتظاهرون من وسيلة لمقاومة سحب غاز "الكريموجين" التي غطت سماء الحسيمة، سوى قنينات المشروب الغازي "كوكا كولا" و حبات البصل الطري، وقد أدت هذه المادتين دوراً هاماً في تقليص حالات الاغماء والاختناق، حيث ما إن يصاب فرد من الجنسين بالغاز إلا ووجد أمامه متطوعين يمدونهم بالمشروبات الغازية و البصل للتخفيف من الآثار التي تخلفها القنابل المدمعة. و في نوافذ بعض المنازل، شوهدت نسوة يزودن المتظاهرين بكميات من البصل، و ذلك في إطار دعمهن لمطالب الحراك ومطالبتهن بإلإفراج عن كافة المعتقلين. جرحى وخسائر مادية سجلت الأحداث التي عرفتها مدينة الحسيمة يوم 20 يوليوز، سقوط عشرات الجرحى في صفوف المتظاهرين والأمنيين، ضمنهم حالة خطيرة لمواطن أصيب على مستوى الرأس ولا زال تحت العناية المركزة، و رجلي أمن أصيبا بجروح على مستوى الرأس وفق ما أعلنته السلطات. وأعلنت السلطات ان سيارتين للأمن تعرضتا للإتلاف بعد إضرام النار فيهما، في الوقت الذي أكد فيه مواطنون وفي إطار جردهم للخسائر التي تكبدوها بفعل هذه الأحداث، تعرض بعض المحلات التجارية لكسر واجهتها الزجاجية وكذلك بعض السيارات.