شأنها شأن العديد من كبار روّاد "أبي الفنون" وَ "الفنّ السابع" بالمغرب، اِستطاع الوجه السينمائي والمسرحي الريفي فتيحة بلخير، إيجاد موطئ قدمٍ لها في الساحة الفنية في هذا الربع من الوطن المسمّى "الريف المغربي"، على الرغم من انحدارها من مدينة مهمّشة فنّا وثقافةً هي الناظور التي عاشت فيها طفولتها وترعرعت بين أزقتها ودروبها وهناك شغفت حدّ الهوس ب"أبي الفنون" على منصات الحفلات المدرسية، قبل اِنتقالها إلى الخارج سعيا وراء متابعة مسيرة دراستها المتوّجة بشواهد عليا. وغداة سنين على غيابها، قفلتْ الفنانة المقتدرة بلخير راجعةً أدراجها إلى الناظور حيث مسقط الرأس والقلب، لتختار بعد طول هذا المشوار المُضي على درب الفنّ الذي اِنتقاها بدوره ليُسلّط عليها دوائر الأضواء تحت ركح المسارح، من خلال أعمال فنية من توقيع مخرجين أثروا "الريبرتوار" الريفي في هذا المضمار. وبعدما تلقّت فتيحة بلخير في ميدان المسرح الأبجديات الأولى في عالم التشخيص واكتسابها مهارات التمثيل بكل حرفنة، قادها شغف الركح إلى خوض غمار تجربة السينما الشاشة الصغيرة، بحيث وبعد نجاحها في تجسيد أدوارٍ محورية في عدة مسرحيات ضخمة ناطقة بأمازيغية الريف، أفلحت في البصم بتميّز على عددٍ من الأعمال الدرامية التلفزية، نذكر منها الفيلم الأمازيغي "الصداق" للمخرج المغربي محمد اطريبق، وهو الفيلم الذي دشّنت من خلاله الممثلة بلخير انطلاقتها الفنية في عالم الشاشة العملاقة. كما استطاعت الممثلة بلخير أن تعمل على سطوع نجم إسمها، من خلال تقمصها دوراً رئيسياً في المسلسل الاجتماعي الدرامي الشهير "الوريث الوحيد" لمخرجه المعروف هشام الجباري، والذي حقّق أعلى نسبة من المشاهدات سواء على الصعيد الوطني والمحلي منه أو الدولي، بحيث حظي بإعجاب كبير من طرف أبناء الجالية الريفية بأوروبا. وبعد هذيْن المنجزين اللذين تألقت فيهما الممثلة فتيحة بلخير إلى جانب ممثلين ذائعي الصيت بأرجاء الريف، توالت عليها العروض التلفزية والسينمائية والمسرحية، التي آثرت المشاركة في بعض أعمالها بأدوار محورية هي الأخرى، كمسلسل "ثوذارث" الذي أخرجه سعيد أزار، ولم يكن أقل نجاحاً من سابقه "الوريث الوحيد"، إذ تمكن هذا العمل من إحراز الإعجاب في الأوساط الفنية بعد تحقيقه نسبة مشاهدات كبيرة. وحريٌ ذكره أن الفنانة والممثلة فتيحة بلخير، رفضت حصر ذائقة حسّها الفني والإبداعي في مجال التمثيل والسينما والتلفزة فحسب، بل آمنت بأنّ الفنّ حرية وانطلاق وعدم قيود، لذلك أبدعتْ في اِجتراح قصائد شعرية وشذرات نثرية كما شاركت في عدة ملتقيات بهذا الخصوص، علاوة على ذلك لديها محاولات أدبية موفقة بشهادة كتّاب وأدباء في كتابة الرواية باللغتين العربية والفرنسية، فضلا عن كونها صاحبة ريشة متفردة كشفت عنها معارض وطنية وجهوية ضمّت لوحاتها التشكيلية الموقعة بإسمها الوامق.