استنفرت الاحتجاجات التي تشهدها منطقة الريف، السلطات الأمنية على المستوى الوطني. وعملت على إيفاد تعزيزات أمنية مكثفة نحو المنطقة. وشهد إقليمالحسيمة، أخيرا، توافد تعزيزات أمنية مكثفة، من قوات الدرك الملكي والقوات المساعدة وفرق التدخل السريع، حيث اكتظت مختلف الثكنات بعناصر القوات العمومية، فيما بدت مظاهر الوجود الأمني غير العادي واضحة في شوارع الحسيمة، وفي محيط مقرات الشرطة سيما المقر الإقليمي وسط المدينة. وبدأت السلطات الأمنية، منذ الأحد الماضي تفعل وجود قواتها في محيط الاحتجاجات بمختلف مناطق الريف، حيث عملت على تطويق تظاهرة احتجاجية ببلدة آيت قمرة، وكذا منع مسيرة بالناظور، دون استعمالها العنف. التعامل نفسه، جسدته السلطات الأمنية ببني بوعياش الاثنين الماضي، حيث عرفت المدينة إنزالا أمنيا مكثفا في محيط الساحة الجديدة، قبل أن تتحول صوب محيط "السكن الشعبي"، حيث نظّم هناك العشرات من النشطاء وقفة احتجاجية، وسط ترقب أمني دون أن تتدخل القوات العمومية لفض هذا الاحتجاج، وهو السيناريو نفسه الذي تكرر في الدريوش، حيث تدخلت القوات الأمنية لتطويق تظاهرة احتجاجية، دون أن تستعمل العنف. وفي بلدة أجدير بإقليمالحسيمة، حجت عصر الثلاثاء الماضي تعزيزات أمنية مكثّفة بالتزامن مع وقفة احتجاجية دعت إليها لجنة الحراك الشعبي بأجدير، أمام مقر البلدية، حيث راقبت القوات الأمنية التظاهرة عن كثب دون أن تتدخل، كما هو الشأن كذلك في جماعة النكور التي عرفت بدورها وقفة احتجاجية وسط حضور أمني مكثف. وبالموازاة مع هذا الوجود والاستنفار الأمني الشديد، تعرف رقعة الاحتجاجات توسعا في مختلف مناطق الريف، حيث برزت مواقع احتجاجية جديدة، كتفرسيت واكزناية وقاسيطة، في الوقت الذي تستمر فيه الاحتجاجات بالعديد من المناطق الأخرى كآيث قمرة وآيث حذيفة وتماسينت وتمسمان وبودينار وابن الطيب، فيما اختار نشطاء مدينة الحسيمة تعليق خرجاتهم الاحتجاجية في ظل هذا الإنزال الأمني، الذي ركز وجوده بالأساس في هذه المدينة. ويرى متتبعون أن هذه التعزيزات الأمنية المكثفة في محيط الاحتجاجات يشكل بداية لتعامل جديد من السلطات مع احتجاجات الحراك بالريف، سيما بمركز الحسيمة، بعد أن استمرت احتجاجات هذا الحراك لأزيد من ستة أشهر وتمددت غربا وشرقا في منطقة الريف. ولم يخف العديد من المتتبعين توجسهم من وقوع اصطدامات بين المحتجين والقوات العمومية، في ظل استمرار هذا الاستنفار الأمني من جهة، والاحتجاجات التي تتخذ طابعا مشحونا أحياناً من جهة ثانية. ويظهر أن السلطات بمختلف أجهزتها وبرئاسة والي جهة طنجةتطوانالحسيمة محمد اليعقوبي، تعمل على تشكيل خط مواز للإنزال الأمني والعسكري، وذلك بالنزول للشارع والاحتكاك بالمواطنين والإنصات لمطالبهم، وتلبية طلبات بعضهم، وحل بعض الشكايات التي تندرج في إطار القضايا الجزئية للمواطنين، دون أن تقوم هذه السلطة بإيلاء العناية لمطالب الحراك الشعبي بالحسيمة، عاملة على الشروع في إنجاز عدة مشاريع اجتماعية في مجال تهيئة الأحياء ناقصة التجهيز، وتغيير الأرصفة، والشروع في البحث عن مستثمرين لإنعاش سوق الشغل للحد من تصاعد أرقام البطالة المتفشية. ويبدو أن شد الحبل بين الوالي محمد اليعقوبي ونشطاء الحراك الشعبي مازال مستمرا، فبعد نزوله للشارع، والاستماع للمواطنين، تم الرد عليه من قبل لجنة الحراك بالحسيمة، بتنظيم لقاءات تواصلية في أحياء الحسيمة، كان الهدف من ورائها حسب عناصر اللجنة الكشف عن مخططات الدولة والوالي نفسه لنسف الحراك، والالتفاف على المطالب التي سبق أن تقدموا بها، معلنين عزمهم على المضي في الحراك والاحتجاج، دون أن تظهر السلطات نيتها في عزمها تغيير موقفها من شرعية تمثيلية الحراك الشعبي بالريف، وبالمقابل سارت في اتجاه حشد موقفها بالمنتخبين وبعض الأحزاب السياسية الأكثر تمثيلية انتخابية، التي أعلنت تحفظها من الطريقة التي يتم بها تدبير الحراك بالريف وتحميله ما لا وزر له فيه، بل وحتى استمالة السلطة لبعض التجار ورؤساء الجمعيات لتوقيع عرائض ضد الحراك وتحميله المسؤولية عما آل إليه الوضع بالمنطقة، وكلها مؤشرات تأتي في سياق أكبر إنزال عسكري يعرفه الريف في هذه الفترة.